شعب الجبّارين لا يقهر وسينتصر

الشعب الفلسطيني أثبت للقادة العرب الانهزاميين وللصهاينة ودول العالم أنه شعب عصيّ على الكسر، ولن يتنازل عن حقه في وطنه، وسيظل يناضل ويضحّي ويقدّم قوافل من الشهداء ليس دفاعا عن فلسطين والقدس فقط، بل دفاعا عن الوطن العربي وكرامة الأمّتين العربيّة والإسلاميّة. هذا الشعب العريق ما زال يقاتل منذ وعد بلفور؛ أي انه مضى عليه مائة عام وهو يخوض معركته ضدّ الحركة الصهيونية وإسرائيل وأمريكا ودول الغرب الداعمة لها، والحكّام العرب الذين لم يتوقّفوا عن التآمر عليه وعلى قضيته.

العرب يهرولون إلى تل أبيب، ويستسلمون لإرادة ترامب وخططه العنصريّة العدوانيّة لإعادة ترتيب المنطقة، ويحاولون اقناع الشعب الفلسطيني بالرضوخ للضغوط الإسرائيلية الأمريكية العربية، والقبول بدولة مسخ مؤقّتة لا قيمة ولا سيادة لها، ويعتبرها الصهاينة كيانا إسميا مؤقتا سيمكّنهم من تثبيت أقدامهم في فلسطين، ويساعدهم على التغلغل في وطننا العربي والهيمنة على مقدراته.

الشعوب العربية تعي أبعاد هذه المؤامرة الجديدة وترفضها جملة وتفصيلا، والشعب الفلسطيني الأعزل الذي خرج بعشرات الآلاف في ” مسيرة العودة ” في غزة ومدن الداخل الفلسطيني المحتلة في ذكرى ” يوم الأرض “، وتوجه إلى الحدود التي أقامها الصهاينة قال لإسرائيل نحن هنا، وسنظلّ هنا في وطننا وأرضنا إلى الأبد؛ وقال للسلطة الوطنية الفلسطينية وفتح وحماس والفصائل الأخرى بأنه لا يؤمن إلا بفلسطين، وانه ضدّ انقسامهم وصراعاتهم على المصالح الفصائليّة الضيّقة، وإنه لن يتخلى أبدا عن حقّه في العودة، ولن يرضخ للإرادة الصهيونية الأمريكية، ولن يستسلم ويقبل سلاما هزليّا لا لون له ولا طعم ولا رائحة ولا قيمة له.

قلنا سابقا أكثر من مرّة ونكرّر ان إسرائيل لا تخاف من الجيوش العربية الجرارة المقيّدة بأوامر أصدقائها من السلاطين، ولكنها تخاف من الشعب العربي وتعتبره عدوّها اللدود. إنها تعتقد أن التهديد الحقيقي لاستمرار احتلالها ووجودها يكمن في السماح للشعوب العربية باجتياز الحدود ومواجهة صهاينتها وجها لوجه؛ ولهذا فعلت إسرائيل ما باستطاعتها لإبقاء الصراع محصورا بين جيشها والجيوش العربية، وبذلت كل جهد ممكن، ونسّقت وتعاملت مع بعض الحكام العرب لإبعاد الشعب العربي عن خطوط التماس، وحرمانه من المشاركة في التصدي لها لقناعتها أنه إذا تمكن الشعب العربي من كسر عقدة الخوف من حكامه، وتمرد واندفع نحو حدودها فإن ذلك يعني نهاية وجودها كدولة.

عشرات آلاف الفلسطينيين الذين زحفوا إلى نقاط التماس في غزة الباسلة وفي مدن وقرى فلسطين في يوم الأرض وقدموا ستة عشر شهيدا فداء للوطن، وما يزيد عن 1400  جريح أربكوا الصهاينة، وأثبتوا للدنيا كلها أن إسرائيل واصلت البقاء كدولة عنصرية صهيونية ليس لأنها تملك أقوى جيشا في المنطقة، وليس لأن العالم الغربي دعمها وحماها، وليس لأن الحاكم العربي حمى حدودها، ولكن لأن الشعب العربي منع من مواجهتها.

الرد الرسمي العربي المخزي على هذه الهمجية الإسرائيلية ليس غريبا بل متوقعا؛ لم تفعل الحكومات العربية شيئا سوى تصريحات الاستنكار الكاذبة العلنيّة، والموافقة وربما المباركة السريّة لنتنياهو وحكومته على جرائمهم ضد الفلسطينيين العزل؛ على الفلسطينيين الاستمرار في المقاومة الجماعية للاحتلال؛ وأن يحاولوا إبقاء مقاومتهم سلمية، ولا يسمحوا لأي فصيل باستغلالها لمصلحته؛ الذين استشهدوا وجرحوا ويعرضون أنفسهم للموت يوميّا لا ينتمون إلى فصيل معيّن؛ إن انتماءهم وولاءهم هو لفلسطين وترابها وأهلها ووجودها.

شعب الجبارين لن يرفع الراية البيضاء للصهاينة مادام حتى أطفاله الذين ولدوا بعد ما يزيد عن المائة عام من تأسيس الحركة الصهيونية، وبعد سبعين سنة من قيام اسرائيل يتقدّمون صفوف المناضلين. الأطفال الشهداء أحمد غزال، جاسم نخله، عبدالله أبو ثريا .. والسجناء عهد التميمي، ومحمود يوسف إسماعيل ماضي والقوائم تطول .. هم ابطال الأمة العربية الذين جادوا بأرواحهم وعذّبوا في السجون الإسرائيلية دفاعا عن فلسطين والوطن العربي.

عشرات الجنود الصهاينة احتشدوا قبا أيام لاعتقال الطفل الخليلي محمود يوسف إسماعيل ماضي ابن الأربعة عشر ربيعا الذي اعتقل مرتين في السابق، وأصيب برصاصة في الراس عام 2014 ؛ شهداء وسجناء فلسطين رجالا ونساء واطفالا من اشباه محمود وعهد التي صفعت ضابطا اسرائيليا على وجهه وتقبع هي و350 طفلا فلسطينيا في سجون الاحتلال دليل على ظلم العالم لشعبنا، وعلى تخاذل وذل العرب والمسلمين، وعلى ان شعب الجبّارين لا يمكن أن يقهر وسينتصر.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى