أهمية معركة تحرير الغوطة الشرقية وتداعياتها

بقلم : توفيق المديني

في ظل استمرار إيقاع النصر الذي حققه الجيش العربي السوري  في ميدان الغوطة الشرقية،إذ بات المشهد العسكري يزخر بالتطورات والتحولات المتدحرجة مع دخول الحرب على الإرهاب مرحلة الحسم التي تتطلب مزيداً من المثابرة والإقدام والاصرار على الوصول إلى خواتيمها،عن طريق اجتثاث  القوى الإرهابية من تنظيم «جبهة النصرة»‏ والقوى المرتبطة بها،مثل «فيلق الرحمن»،و«جيش الإسلام»و«جبهة أحرار الشام»،عادت الولايات المتحدة الأميركية بالعزف من جديد على مسرحية الكيماوي،في ضوء التغيير الدراماتيكي والسريع في الموازيين والمعادلات والقواعد التي أنتجت واقعًا جديدًا أعاد رسم الخرائط السياسية،وبعد تلاحق الهزائم المتسارعة على كافة الاصعدة والمستويات للتنظيمات الإرهابية التي تنفذ المخططات الأميركية –الصهيونية ،حيث أصبحت الخيارات التي تمتلكها الإدارة الأميركية لإقناع المجتمع الدولي بالتدخل العسكري المباشر في سورية محدودة،وبعد الانتصار الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري و حلفائه في الغوطة الشرقية، وهو ما شكل حالة داعمة وضاغطة لدمشق على المجتمع الدولي ليعيد مقارباته ورؤاه بما يواكب ويوازي ذلك الواقع المرتسم على الأرض،لذلك كان من الطبيعي أن تلجأ واشنطن إلى (ورقة الكيماوي) في كل مرة تتعرض فيها لهزيمة كخيار منقذ لمشروعها على الأرض.‏

ومع الانتصار الذي حققه الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية ،وهو في سبيل التوصل إلى بسط سيطرته الكاملة على العاصمة دمشق وريفها لأول مرة منذ عام 2012 ،أصبحت الإمبريالية الأميركية تهدد بقصف دمشق بصواريخ كروز،لحماية التنظيمات الإرهابية  في الغوطة الشرقية التي يدعمها الغرب بنية تقسيم سورية ووصل الغوطة بمنطقة التنف على الحدود السورية العراقية،فتسقط كل مزاعم الغرب الذي يتدخل بذريعة الأمور الإنسانية في الغوطة لحماية جيوشه الإرهابية التي تقاتل عنه بالوكالة.‏غير أن الدولة الوطنية السورية اتخذت قرارها الحاسم  بالتوافق مع الحلفاء على إنهاء الحالة التي أقامتها التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية. وكما في حلب سابقاً كذلك في الغوطة أخيراً.

استسلام الفصائل الإرهابية  

إن الاهتمام بالمدنيين الذين تظهره القوى الغربية ليس سوى تطور جديد لإطالة أمد وجود التنظيمات  الإرهابية قدر الإمكان،التي تتكون من الفصائل التالية:

-جماعة « جيش الإسلام» المتمركزة في دوما وما حولها: وهي أكبر مجموعة إرهابية في الغوطة الشرقية التي اتخذتها موطنا لمقرها. بالنسبة للغرب،«جيش الإسلام» جزء من «المعارضة المعتدلة».‏ولكن عندما نعرف ماذا يعني اسم المجموعة نفسها،فإنّنا لا نرى كيف يمكن أن تكون هذه المجموعة «معتدلة»؟ ف«جيش الإسلام» لديه أيديولوجية سلفية ،وهو فصيل إرهابي  مكروه بشدة من السوريين الذين يعتبرونه ولاسيما  في دمشق السبب الأول لمعاناتهم، جيش الإسلام منظمة إرهابية لها هدف واحد فقط، هو إبادة واستعباد الأقليات السورية.‏ فقد نشأت هذه المجموعة في 29 أيلول 2013 من اندماج العشرات من الجماعات الإرهابية، كان جوهرها «لواء الإسلام»، وهي المجموعة الإرهابية التي كانت في الثانية من عمرها، كان مؤسس هذا الفصيل المشهور «زهران علوش»، ابن أحد أعضاء الإخوان المسلمين عبد الله علوش.‏ وارتكب جيش الإسلام هجمات إرهابية فظيعة في دمشق، وهو مسؤول عن مقتل الآلاف من المدنيين، واحدة من أسوأ الجرائم التي ارتكبتها هذه المجموعة هي مذبحة عدرا، حيث تم ذبح العشرات من المدنيين بوحشية، وقطع رؤوسهم، واحراقهم في بعض الأحيان أحياء المدينة، تم وضع العديد من المدنيين الذين تم اختطافهم في عدرا فيما بعد في أقفاص حديدية في الساحات العامة في الغوطة الشرقية (دروعاً بشرية) في 1 تشرين الثاني 2015، أثار هذا الفعل سخط أهل دمشق.‏ وقُتل زهران علوش في غارة جوية في 25 كانون الأول 2015 ، ولسنوات عديدة، تم ربط جيش الإسلام بتنظيم القاعدة – جبهة النصرة، لكن التحالف انهار بسبب الشجار حول توزيع الأموال التي حصلوا عليها من دول الخليج، أو تلك التي تم جمعها خلال نشاطاتهم الإجرامية.‏

-«فيلق الرحمن»: هذه المنظمة الإرهابية تعمل حصرا في محافظة دمشق، تم تسليم أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات الموجهة بالأسلاك الموجهة لهم BGM-71 TOW من قبل الغرب الذي يعتبرها أيضا قوات معتدلة تابعة لما يسمى«الجيش الحر» الذي في الواقع لايختلف عن المجموعات الإرهابية الأخرى، فهم في الغالب متحالفون باستمرار مع «جبهة النصرة»،إلا أنّ خلافاتهم كانت حول قضايا دهرية كخلافاتهم حول توزيع المنافع والمعونات الإنسانية التي كانوا يسرقونها.‏

-«أحرار الشام»: منظمة إجرامية سلفية، وربما كانت أكبر جماعة إرهابية في سورية، وهي موجودة أيضاً في الغوطة الشرقية ومتحالفة الآن مع «جيش الإسلام» وكانوا متحالفين مع «فيلق الرحمن »حتى 11 أيار 2017 وهو التاريخ الذي أصبحوا فيه إلى جانب «جيش الإسلام »ضد «جبهة النصرة» في إطار صراعات دامية بينهم في الغوطة الشرقية.‏ ف«أحرار الشام»، التي غيرت اتجاهها وقميصها ربما تكون أفضل مثال على الفوضى السائدة في الغوطة الشرقية اليوم، هم أعداء شرسون ل«جبهة النصرة»، لأسباب «دهرية»، ويعتمد وجودهم في الغوطة الشرقية بشكل كامل على علاقتهم ب«جيش الإسلام».‏

كل هذه الفصائل تشترك في الفكر التكفيري نفسه وتتمتع بالدعم المالي من دول الخليج، بعضها مدعوم مباشرة من القوى الغربية، كلهم مسؤولون عن آلاف الوفيات وعشرات الآلاف من الجرحى المدنيين في مدينة دمشق، كلهم يسارعون يومياً إلى إطلاق قذائف الهاون والصواريخ على دمشق، التي يقطنها أكثر من 7 ملايين نسمة أغلبيتهم العظمى تعتبرهم إرهابيين ومجرمين وبربريين يجب طردهم دون هوادة.‏

ومنذ بداية الهجوم الذي شنه الجيش العربي السوري بالتنسيق مع حلفائه داخل الغوطة الشرقية في 18فبراير/شباط2018، قام بتقسيم مناطق الغوطة الشرقية إلى إلى ثلاثة أقسام رئيسية،وهي «جيش الإسلام»، و«فيلق الرحمن»، وحركة «أحرار الشام»، ويُضاف إليهم 400 إرهابي من «هيئة تحرير الشام»أي «جبهة النصرة». وتقاسمت هذه الفصائل  الإرهابية الثلاثة مساحات السيطرة داخل الغوطة، فسيطر «جيش الإسلام» على مدينة دوما والمزارع المحيطة بها..أما «فيلق الرحمن»، فتسلّم ما يُعرف بـ«القطاع الأوسط» للغوطة الشرقية، الذي يشمل مدن وبلدات مديرا وبيت سوا وعربين وحزة وحمورية وسقبا وعين ترما وزملكا وصولاً إلى حي جوبر الدمشقي. في حين انفردت «أحرار الشام» بالسيطرة المطلقة على مدينة حرستا الاستراتيجية، غرب الغوطة، الواقعة على الطريق الدولي حلب – دمشق،والتي كانت أولى الفصائل ضحايا «الاتفاقيات الفردية» التي تم فيها الاتفاق مع الجزء المسيطر من «أحرار الشام» على قطاع حرستا والتي ظهرت فيها بصمات روسيا بشكلٍ واضح، في حين توصّل «فيلق الرحمن» إلى اتفاقٍ فردي مع روسيا. وساهم عدم التنسيق بين الفصائل في سهولة سقوط تلك المناطق واحدة تلو الأخرى.

خلال سبع سنوات تقريبا من الحرب  في سورية،شكلت بلدات الغوطة الشرقية الملاصقة لدمشق وخاصة حرستا وعربين وزملكا وعين ترما بالإضافة إلى حي جوبر المصدر الرئيس لقذائف وصواريخ الحقد التي تنهمر على سكان العاصمة دمشق وضواحيها ما أدى لاستشهاد وإصابة آلاف المدنيين عدا عن الأضرار المادية التي سببتها، وكذلك تهديد الطريق الدولي الذي يربط دمشق بحمص والطريق الذي يربط دمشق بمطارها الدولي، كما شكل الوجود الكثيف للإرهابيين على أطراف مدينة دمشق خطراً مباشرا على أحياء شرق العاصمة عبر القيام بهجمات شرسة من أجل السيطرة عليها وتهجير سكانها، ولذلك كان تحرير الجيب الجنوبي من الغوطة الشرقية أي محور جوبر عين ترما زملكا عربين وصولا إلى حرستا وإجلاء الجماعات الارهابية عنه هدفًا عسكريًا استراتيجيًا للجيش العربي السوري تم إنجازه وبذلك تم تجريد محور العدوان على سورية المتكون من الإمبريالية الأميركية و الكيان الصهيوني وتركيا و الدول الخليحية ،من أكبر أوراق الضغط العسكرية التي كانت بيده، مع ما يشكله ذلك من زوال التهديد العسكري الذي كانت تشكله هذه الجماعات الإرهابية على العاصمة دمشق.

وأمام إصرار الدولة الوطنية السورية على محاربة الإرهاب وداعميه،وتقدم الجيش العربي السوري في تحرير مناطق وبلدات الغوطة الشرقية ، التي أرادتها الولايات المتحدة وأدواتها أن تكون جرح دمشق النازف بغية مواصلة سياسة الابتزاز ،لم يبق أمام الفصائل الإرهابية  التي كانت مسيطرة على الغوطة الشرقية منذ سنة 2012،سوى طريق  الاستسلام والانسحاب من مواقعها والخروج الى مناطق متفق عليها.‏ فقدسيطرت القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا على أكثر من 90من المئة من الغوطة الشرقية ، بعد شنهّا أعنف عملية منذ بداية تحريرها في 18شباط 2018،وقُتل فيها أكثر من 1600 شخص. وكان نحو مليوني شخص يقطنون منطقة الغوطة قبل 2012، وكانت المنطقة مركزاً صناعياً وتجارياً قبل الحرب، كما وكانت المناطق الريفية في الغوطة هي المصدر الرئيسي لسكان العاصمة للمنتجات الطازجة ومنتجات الألبان.

نقل الإرهابيين وعائلاتهم إلى إدلب

  وقدعرّى المدنيون الخارجون من براثن الإرهاب في الغوطة رعاة الإرهاب الذين تاجروا بمعاناتهم بهدف التضييق على الدولة السورية ليفضحوا وعلى الملأ ماذا فعل الإرهابيون بهم على مر السنين في الغوطة بأوامر من مشغليهم من قتل وتجويع واعتقال وتهديد بينما أكدت شهاداتهم الحية أمام الإعلام أنهم كانوا رهن الاعتقال والاحتجاز القسري من قبل الإرهابيين وداعميهم وإنهم سوريون وطنيون لا يقبلون المساومة على الوطن وأمنه.‏

في هذه الأثناء خرج أكثر من 128 ألف مدني محتجز لدى التنظيمات الإرهابية التي اتخذتهم دروعا بشرية في الغوطة الشرقية وذلك عبر ممرات انسانية أمنتها وحدات الجيش العربي السوري ،ولاتزال عملية تأمين خروج المدنيين مستمرة.‏وبعد الحملة العسكرية العنيفة التي قادها الجيش العربي السوري وحلفاؤه ،استسلمت القوى الإرهابية:«أحرار الشام»،«فيلق الرحمن»،«جبهة النصرة»،وبدأت منذ يوم الجمعة 23مارس/آذار2018،الإجراءات لإخراج الإرهابيين من حرستا و جوبر وزملكا وعين ترما وعربين وعائلاتهم في الغوطة الشرقية الرافضين للمصالحة إلى محافظة إدلب شمالي سورية، التي تقع ضمن مناطق «خفض التصعيد»، التي نص عليها الاتفاق بين الدول الضامنة (تركيا، روسيا، وإيران) في محادثات أستانة، إلا أنّها تشهد قصفاً متكرراً من الطيران الحربي التابع للحكومة السورية ولروسيا،وذلك في إطار تنفيذ الاتفاق الرامي إلى إخلاء هذه المناطق من السلاح والإرهابيين تمهيدا لعودة مؤسسات الدولة إليها.‏ ووصل عدد الذين تم نقلهم من الغوطة الشرقية نحو مناطق شمال غرب سورية، لنحو 20 ألف شخص في غضون أربعة أيام، مع توقعات باستمرار عملية نقل الإرهابيين وعائلاتهم حتى يوم الجمعة 30مارس/آذار 2018.

فقد تم نقل الإرهابيين وعائلاتهم ، على أربع دفعات: إذ وصلت الدفعة الأولى  من المهجرين، فجر الأحد 25مارس/آذار2018، وضمّت 17 حافلة، تقل 981 شخصاً من نفس المنطقة بينهم مقاتلون إلى قلعة المضيق شمال غربي مدينة حماة. كما وصلت 77 حافلة ضمن الدفعة الثانية  من المهجرين، فجر الإثنين26مارس/آذار2018، تقل 5247 شخصاً من نفس المنطقة بينهم مقاتلون إرهابيون ، إلى قلعة المضيق شمال غربي مدينة حماة. ووصلت 105 حافلات فجر الثلاثاء 27مارس/آذار2018، تقل 6768 شخصاً، ضمن الدفعة الثالثة من نفس المنطقة؛ بينهم مقاتلون إرهابيون ، إلى قلعة المضيق شمال غربي مدينة حماة.وكان  عدد الحافلات في الدفعة الرابعة هو 101، التي انطلقت بعد منتصف ليلة الثلاثاء- الأربعاء 28مارس/آذار2018،وضمّت القافلة 3252 شخصاً، من مدنيين وعسكريين من مدن وبلدات القطاع الأوسط وهي: عربين وزملكا وحزة وبلدة عين ترما وحي جوبر، شرقي العاصمة دمشق.

المصيرالمجهول –المعلوم لدوما

وبينما انسحب عناصر فصيلي «فيلق الرحمن» و«أحرار الشام»الإرهابيين،لم يتم بعد، التوصل إلى نتيجة في ما يتعلق بالمفاوضات التي تجرى مع «جيش الإسلام» بشأن مصير دوما، آخر معاقل المعارضة في الغوطة. وكان يعيش في الغوطة الشرقية، قبل الحملة الأخيرة للجيش العربي السوري وحلفائه ، والتي بدأت قبل نحو 40 يوماً، ما بين 350 و400 ألف شخص، منهم 175 ألفاً يعيشون في مدينة دوما المحاصرة، وهي آخر معقل لـ«جيش الإسلام» والمعارضة السورية المسلحة في الغوطة الشرقية، إذ تبلغ المساحة المتبقفية  خارج سيطرة الجيش السوري في شمال الغوطة نحو 14 كيلومتراً مربعاً، بعد أن كانت تقارب الـ 110 كيلومترات مربعة قبل 18 فبراير/شباط الماضي. وتجري مفاوضات، غير واضحة التفاصيل تماماً، بين عسكريين روس وممثلين عن مدينة دوما  لتحديد مصيرها.

وتترقب مدينة دوما في الغوطة الشرقية مصيرها، فيما تتواصل المفاوضات بين روسيا و«جيش الإسلام» على اتفاق «مصالحة» يتضمن إجلاء مسلحي التنظيم وعائلاتهم، أو مواجهة عملية عسكرية «ضخمة» يشنّها الجيش العربي السوري على المدينة.وأفادت وكالة «روسيا اليوم» يوم الإربعاء28مارس/آذار2018،بأن الأطراف المتفاوضة في دوما تمكنت من التوصل إلى «صيغة أولية» للاتفاق المقبل. وذكرت أن قيادة «جيش الإسلام» طلبت أثناء المفاوضات السماح لمسلحيها بالانسحاب إلى منطقة القلمون عند الحدود السورية – اللبنانية، أو إلى محافظة درعا جنوب البلاد، مع احتمال تسوية أوضاع عشرات المسلحين للبقاء في دوما بعد عودة مؤسسات الحكومة إليها.

فقد ضاعفت روسيا والدولة الوطنية السورية ضغوطهما على دوما، آخر مدينة لا تزال خاضعة لسيطرة «جيش الإسلام»في الغوطة الشرقية ، والذي يقدر عدد مقاتليه في مدينة دوما بحوالي 10ألاف مقاتل إضافة إلى حوالي 150 ألف مدني ، للتوصل إلى اتفاق مع فصيل «جيش الإسلام» على «مصالحة» أو إجلاء في اتجاه محافظة إدلب. وفيما يأمل «جيش الإسلام» في التوصل إلى اتفاق يحول من دون إجلاء مقاتليه من مدينة دوما، ترفض موسكو ودمشق هذه الصيغة من التسوية، وتهددان  بعمل عسكري ضده ما لم يوافق هذا الفصيل الارهابي على الانسحاب.وكانت  صحيفة «الوطن» المحسوبة على الحكومة السورية نقلت عن مصدر عسكري قوله إن «توجه جميع القوات العاملة في الغوطة استعداداً لبدء عملية عسكرية ضخمة في دوما، ما لم يوافق إرهابيو جيش الإسلام على تسليم المدينة ومغادرتها». وبالإضافة إلى الضغط العسكري، يشعر سكان دوما بالقلق في انتظار نتائج المفاوضات. فلا خيارات حسنة أمام «جيش الإسلام»، إذ إنّ بقاءه في دوما سيعني هجوم عسكري كبير ضد المدينة، أما رضوخه للشروط الروسية وخروجه إلى إدلب، فسيعني انسحاب مسلحيه إلى منطقة نفوذ «هيئة أحرار الشام»، وهو تنظيم كان «الجيش» قاتله سابقاً.

سيكون سقوط دوما أسوأ هزيمة تتكبدها المعارضة المسلحة منذ عام 2016، ليخرجها من آخر أكبر معقل لها قرب العاصمة، وسيحمل أيضاً دلالة رمزية قوية. ورغم أنه كان متوقَّعاً، ومتَدَاولاً، أن تستقبل تركيا  المدنيين والإرهابيين المنسحبين من الغوطة الشرقية («فيلق الرحمن»، و«أحرار الشام»…) في منطقة «درع الفرات» ، فإنّها رفضت فنُقلوا إلى إدلب، حيث يزداد المزيج الأيديولوجي للمقاتلين تناقضاً وتعقيداً. كما رُفِضَ أيضاً انتقال مقاتلي «جيش الإسلام» إلى درعا في الجنوب السوري بالقرب من الحدود الأردنية. ثمة دلالات في هذه المواقف الرافضة، وأهمها أن حتى الدول الغربية و الإقليمية الداعمة للتنظيمات الإرهابية لا تعرف ما عساها تفعل بهؤلاء الإرهابيين ، طالما أن الهدف الأساسي من دعمها لهم (مواجهة النظام أو العمل على إسقاطه) جرى طيّه وتذويبه في ثنايا اللعبة الدولية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى