معركة الكرامة في ذكراها الخمسين

في الواحد والعشرين من آذار كل عام  تمر ذكرى معركة الكرامة الخالدة ، ذلك اليوم الأغر الذي أثبت فيه العرب أنهم قادرون على هزيمة   العدو وتدميره لو صدقت النوايا واتحد الأشقاء وخضنا حربنا بعيدا عن التصنيفات والأيدلوجيات السياسية ، وكلنا مستهدفون من أقصى اليمين لأقصى اليسار وما بينهما .

معركة الكرامة وذكراها العطرة ليست يوما عاديا في تاريخ العرب ، فقد كانت أول نصر عربي رسمي على قطعان جيش العدو وقيمتها أنها جاءت بعد أقل من عام على عدوان صهيوني غادر حدث في غفلة من الزمن وبمساعدات خارجية اعترف بها أصحابها وما ترتب على ذلك العدوان من احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية وسيناء والجولان ، وانتفخ العدو الصهيوني وزاد غروره وأعلن وزير دفاع قطعانه موشيه ديان بأنه بانتظار  تلفون من الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله للجلوس على طاولة التنازلات بكل ما يريد العدو من أملاءات ، ولكنه خاب وفشل فقد أعادت مصر بقيادة جمال عبد الناصر وقادة جيش مصر الأبطال بناء القوات المسلحة ،  واشتبكت مع العدو في معارك الاستنزاف التي استمرت ثلاثة أعوام  في معركة الثلاثة أعوام كما أسماها الفريق أول محمد فوزي رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة رحمه الله  ، وكانت إعادة الاعتبار للجندية المصرية والعربية التي ظلمت بحرب غادرة فرضت عليها ، وكانت هي الأب الروحي لحرب أكتوبر تشرين المجيدة التي خذلت  بها السياسة السلاح فقد أبدع السلاح وأثبت نفسه وخانت السياسة التي انتهجها المقبور أنور السادات الذي أسس بكل أسف لما هو واقع اليوم ، وهذا موضوع آخر يحتاج لوقت وأبحاث كثيرة  .

في تلك الظروف ، ظروف الكرامة ،كان الفدائيون الأبطال يوجعون العدو في غاراتهم الخاطفة وأراد وزير دفاع قطعان جيش العدو موشيه ديان القضاء على ما أسماه بالمخربين في منطقة الكرامة الحدودية ، وكان ذلك المغرور يتحدث عن رحلة عسكرية وعودة سريعة مظفرة ، واجتاز الحدود مع لواء كامل مزود بأحدث ما أنتجته الولايات المتحدة من أسلحة ولكنه فوجئ بما لا يتوقعه ، فقد تصدى له الفدائيون الأبطال والجيش الأردني الباسل بقيادة بطل وأسد الكرامة الفريق مشهور حديثه ألجازي وما هي إلا ساعات حتى خسر جيش العدو عدداً كبيراً من قطعانه بين جريح وقتيل ، وتدمير واغتنام عدد من الآليات وعاد ذلك الجيش ادراجه يجر قادته ثوب الهزيمة والفشل .. ويومها قرر العدو أن ما حدث  لا يمكن أن يتكرر  ولا بد من زرع الفتن بين الأشقاء وإشعال حرب بسوس أخرى بينهم ليبقى العدو آمنا بل ووصل الأمر اليوم أن يصبح التحالف مع ذلك العدو أمرا مطلوبا، كما نرى ونسمع اليوم .

ويبقى ان المطلوب هو إعادة تقييم لمعركة الكرامة بغية أخذ الدروس والعبر منها وأهمها أن في الإتحاد قوة  والفضل الأول للجيش والفدائيين معا، لان نسب النصر لطرف دون الآخر ظلم  وتزوير للتاريخ الذي لا يكتب بالأهواء الشخصية كما يفعل البعض، ولا ننسى هنا  أن نحيي الدور العظيم للفريق البطل مشهور حديثه ألجازي رحمه الله الذي ارتبط اسمه رغم أنف الحاقدين بذلك اليوم التاريخي، كما نحيي ونقف إجلالا واحتراما لأرواح الشهداء الأبطال من الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين معاً .

وبهذه المناسبة المجيدة لا ننسى أن نحيي الأم في عيدها الخالد الذي يصادف كل عام مع يوم الكرامة، فهي من أنجبت لنا الفدائي والجندي العربي ومن خاض تلك الملحمة ورفع ولا يزال يرفع راية المقاومة والصمود والوحدة في وجه العدو وعملائه .

وتحية تقدير لروح أمي الطاهرة في يوم الأم .. والمجد والخلود للشهداء الأبرار الأموات الأحياء الذين عند ربهم يرزقون .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى