بعد 15 عاماً على غزو العراق .. ماذا جرى لاقارب واعوان الرئيس صدام
بحلول يوم 19 آذار الجاري يكون قد مرّ 15 عاماً على غزو قوات دولية، قادتها الولايات المتحدة الأميركية، للعراق، والإطاحة بنظام الرئيس الراحل، صدام حسين (1979-2003)، لتبدأ بعدها رحلة مريرة لأركان النظام السابق، ما بين إعدامات وسجن وملاحقات وعمليات اغتيال ومصادرة ممتلكات.
وفور غزوها العراق، وضعت واشنطن 55 شخصية من أركان النظام السابق على لائحة مطلوبين اعتبرتهم الأكثر خطورة وأولوية في العثور عليهم، على رأسهم صدام، ثم عززت هذه اللائحة بأخرى تضم 150 مطلوباً.
وبعد ذلك تولت هيئة عراقية، تشكلت بعد 2003، وتعرف باسم “هيئة المساءلة والعدالة”، مهمة اجتثاث جميع قادة حزب البعث الحاكم سابقاً من الوظائف الحكومية ومصادرة أملاكهم وأموالهم، حيث صدرت آخر لائحة، في الخامس من آذار الجاري، بأسماء أكثر من أربعة آلاف شخص من قادة الحزب المحظور وضباط الجيش السابق، لمصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، وكذلك بالنسبة لأقاربهم حتى الدرجة الثانية.
وكان حزب البعث قد حكم العراق على مدى ثلاثة عقود، بزعامة صدام حسين، وتمت إدانة معظم أركان النظام السابق باتهامات، منها قتل عشرات الآلاف من العراقيين المعارضين، وارتكاب عمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي.
أبرز قادة النظام السابق
المحامي بديع عارف، المقرب من عائلة صدام، والذي تولى مهمة الدفاع عن قرابة عشرين شخصية، ضمن قائمة الـ55 مطلوباً، أطلع وكالة الأناضول على مصير أبرز أركان النظام السابق، على النحو الآتي:
اُعتقل صدام في 13 كانون الأول 2003، وأُعدم في يوم عيد الفطر، عام 2006، أما نجلاه قصي (قائد الحرس الجمهوري وجهاز الأمن الخاص) وعدي (قائد فدائيي صدام، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية) فقتلا، في 22 تموز 2003، في مدينة الموصل (شمال)، بعد مقاومة قوات أميركية داهمت مكاناً كان يختبئان فيه.
وكذلك أُعدم علي حسن المجيد، المعروف بـ”علي الكيماوي” (ابن عم صدام، عضو بارز في حزب البعث، قائد المنطقة الجنوبية بحرب 2003) في بغداد، يوم 25 كانون الثاني 2010.
فيما نُفذ الإعدام بحق طه ياسين رمضان (نائب رئيس الوزراء) في 20 آذار 2007، وأُعدم برزان إبراهيم الحسن التكريتي (رئيس جهاز المخابرات السابق، ممثل العراق السابق لدى الأمم المتحدة) في بغداد، يوم 15 كانون الثاني 2007.
بينما توفي عدد من أركان النظام السابق خلال فترة اعتقالهم، بينهم محمد حمزة الزبيدي (رئيس الوزراء، عضو مجلس قيادة الثورة) في الثاني من كانون الأول 2005، وطه محيي الدين معروف (نائب الرئيس، عضو مجلس قيادة الثورة) في التاسع من آب 2009.
وكذلك توفي طارق حنا عزيز (وزير خارجية، نائب رئيس الوزراء)، منتصف 2016، ووطبان إبراهيم الحسن التكريتي (أخ غير شقيق لصدام، وزير داخلية) في 2015، وسبعاوي إبراهيم (مدير الأمن العام السابق، أخ غير شقيق لصدام)، في 2013.
وتعرض المئات من قادة الصف الثاني وما دون ذلك إلى عمليات اغتيال واسعة النطاق، منذ غزو البلاد، لا تزال متواصلة بوتيرة أقل.
تصفية على يد “داعش”
رغم أن حزب البعث فقد أهم أقطابه بعد الغزو، إلا أن بعض قادته سعوا إلى لملمة شتات من تبقى من أعضاء الحزب، والسير بهم إلى محاولة القبض على السلطة من جديد، خاصة في المحافظات ذات الأكثرية الُسنية، مستغلة استياء السُنة من الحكام الشيعة.
وكان يقود هذه المساعي داخل العراق كل من سيف الدين المشهداني، عضو قيادة في الحزب، وفاضل محمود غريب، وهو أيضاً عضو قيادة بالحزب، ومحافظ سابق لمحافظتي بابل وكربلاء (جنوب).
ووفق الباحث الأمني والسياسي، إبراهيم الصميدعي، فإن “المشهداني والغريب كانا قد فرا من العراق (إبان السقوط)، ثم عادا إليه بعد أحداث الموصل (اجتياح تنظيم “داعش” الإرهابي لشمالي وغربي العراق صيف 2014)”.
وأضاف الصميدعي، في حديث للأناضول، أنهما “كانا يعتقدان بوجود ثورة سُنية قد تفرض فكرة إنشاء إقليم سُني، فتم استدراجهما من قبل داعش واستغلالهما عبر الترويج للناس بأن ما يحصل هو ثورة شعبية، فدخلا العراق على أمل أن يقودا المشهد من الداخل، لكن داعش أنهى حلمهما بعد انتهاء الغرض منهما، فأعدمهما إلى جانب نحو 21 من كبار ضباط الجيش السابق”.
هاربون
ولا يزال عدد غير قليل من قادة البعث وأقرباء صدام خارج قبضة الحكومة العراقية، بعضهم فر خارج البلاد، ويطمح قليل منهم إلى استعادة السلطة، وعلى رأسهم عزة إبراهيم الدوري، نائب صدام.
وأسس الدوري ما يعرف “بجيش النقشبندية”، على أمل إعادة البعث إلى السلطة، لكن غالبية مقاتليه انتهى مصيرهم بالقتل على أيدي القوات العراقية، ثم “داعش”، فيما لا يزال مصير الدوري مجهولاً.
ويعد عبد التواب ملا حويش (نائب رئيس الوزراء، وزير الصناعة والتصنيع العسكري ) من أبرز قادة البعث الذين تمكنوا من الفرار خارج العراق، إلى جانب طاهر جليل الحبوش التكريتي، رئيس جهاز المخابرات.
كما هرب من تبقى من عائلة صدام إلى خارج البلاد، ومنهم زوجته ساجدة خير الله طلفاح وبناته حلا ورنا ورغد، وأولادهن، وتطارد الحكومة رغد؛ بتهمة “مزاولة نشاط سياسي يستهدف النظام الحالي في العراق”.
أما وجهة من غادر العراق أو هرب منه، فحددها الخبير العسكري والضابط السابق في الجيش العراقي، صبحي ناظم، بقوله للأناضول إن “عدداً ليس بقليل استطاعوا مغادرة العراق إلى سوريا والأردن ومصر والإمارات واليمن ودول أخرى، وهناك من اختاروا اللجوء إلى دول غربية”.
معتقلون
ولا يزال عدد من أركان النظام السابق يقبعون في سجون العراق، وتحديداً سجن “الحوت الكبير” في محافظة ذي قار (جنوب).
ويأتي على رأس هؤلاء سلطان هاشم أحمد الطائي (وزير الدفاع)، الذي استسلم في 19 أيلول 2003، وحكم عليه بالإعدام، في 24 تموز 2007، وجمال مصطفى عبد الله سلطان التكريتي، وهو زوج حلا، البنت الصغرى لصدام.
وكذلك عزيز صالح النومان، عضو قيادة قطرية في حزب البعث ومحافظ للكويت خلال فترة احتلالها من جانب العراق، وهو متهم بارتكاب فظائع ضد الشعب الكويتي.
ويضاف إلى هؤلاء كل من سمير عبد العزيز النجم، عضو قيادة قطرية في الحزب بمحافظة ديالى (شرق)، وكمال مصطفى عبد الله سلطان التكريتي، وهو من قادة قوات الحرس الجمهوري.
أبرز من أطلق سراحهم
وثمة أسماء بارزة حظت بالحرية، حيث أُطلق سراحهم من جانب القوات الأميركية التي كانت تشرف على عمليات الاعتقال في سنوات الاحتلال الأولى.
من بين هؤلاء: هدى صالح مهدي عماش (عضو قيادة قطرية بحزب البعث، وعالمة بيولوجية)، وعامر حمودي السعدي (المستشار العلمي برئاسة الجمهورية)، وهمام عبد الخالق عبد الغفور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي.
مع النظام الجديد
ومقابل المصير المأساوي للغالبية الساحقة من أركان النظام السابق، كان الحظ حليفاً لعدد كبير من قادة الجيش، حيث انخرطوا مجدداً في عملهم، في ظل الحكم الجديد للعراق. وشفعت لهؤلاء صلتهم القريبة من الأحزاب الحاكمة.
وحسب قول الخبير العسكري، الضابط السابق في الجيش العراقي، صبحي ناظم، للأناضول، فإن “عدداً كبيراً من القيادات العسكرية تقربوا إلى كتلة سياسية (لم يسمها) فتمت إعادتهم إلى الجيش والأجهزة الأمنية، وشغلوا مناصب رفيعة مجدداً”.
يُذكر أن القوات الدولية بدأت العمليات العسكرية في العراق يوم 19 آذار 2003 حتى مطلع أيار من العام نفسه، وانتهت بالإطاحة بالنظام السابق، واحتلال العراق حتى خروجها منه نهاية 2011.
وغزت واشنطن العراق بدعوى ارتباط نظام صدام بتنظيم القاعدة، الذي تبنى هجمات 2001 في الولايات المتحدة، وكذلك امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل، وهو ما لم تستطع واشنطن إثباته، وعرضها لانتقادات واسعة.