في بداية جلوسه على الكرسى البيضاوى فى البيت الأبيض, دافع ترامب عن بقاء الأسد فى السلطة – كثيرون أعتدوا بما جاء من وقائع كشفها الحزب الديمقراطى , والبعض من مطبخ السياسة الأمريكية, من أن المخابرات الروسية تدخلت فى الانتخابات الأمريكية لصالح الرئيس ترامب, وبالتالى فأن مقولة ترامب باتت تتفق والنهج الروسى فى سورية الذى يتماشى مع بقاء الأسد رئيسا لسورية حفاظا على وحدة الأرض السورية , وهزيمة قوى الأرهاب التى تنهش أحشاء سورية .
بدت تلك النظرة ساذجة, خاصة وترامب من خلال حملته الأنتخابية , وخطاب تنصيبه , ثم أخيرا قراره باعتبار القدس شرقها وغربها عاصمة الدولة اليهودية, كما لو أنه يقدم قرار أعتماده – صهيونيا راديكاليا الى أقصى درجات اليمين ,الى هرتزل فى العالم الآخر , وبدى نتنياهو وكل صقور اسرائيل وكبير الحاخامات على درجة أقل من صهيونية ترامب ,وتجلى ذلك فى تلك الزيارة التى دشنها للرياض فجمع 500 مليار من الدولارات من خادم الحرمين والبيت الأبيض الأمريكى والكنيست الصهيونى ,وعقد مع حكام دول عربية وأسلامية صفقة القرن ,التى بدت لتسود اسرائيل المنطقة بأبتلاع كل فلسطين والقذف بأهلنا الفلسطنيين خارج الديار الى الاردن و سيناء, ومن هنا بدت هذه الزيارة لأرض الحرمين الشريفين , علامة فارقه توَجها ترامب ,بزيارته الى حائط البراق وهو يضع ” الكيباه” على رأسه ويصلى ويبكى وأبنته ويتابعا سيرا على الأقدام فى القدس العتيقة ,أملا وتوسلا أن يستجيب الرب لهدم الأقصى وعودة الهيكل المزعوم الى عالم الوجود , لذا كان قراره بالقدس عاصمة الدولة اليهودية المزعومة.
لا يمكن لترامب أن يحقق مبتغاه لأرض الميعاد ,اِلا بالقضاء على سوريا وحزب الله وأيران وهو التحالف الذى مازال يعتبر ألصراع مع اسرائيل صراع وجود , بعد أن أُخرجت مصر منذ كامب ديفيد من الصراع ,وأبتدعت نظرية 99% من أوراق الحل بيد أمريكا ,فأرتمى كل حكام مصر من السادات الى الآن فى أحضان العم سام ,وبدت القواعد الأمريكية فى بلدان الخليج صمام أمان لحكامها من أى فوران ضدها وضمان لتنفيذ السياسة الأمريكية فى المنطقة , فكان مجلس التعاون الخليجى الذى قضى على الجامعة العربية وساهم فى تفيت دولا عربية وتمويل الارهاب على اراضيها وتجلى تنفيذه للأوامر الأمريكية فى التطبيع مع الكيان الصهيونى والزيارات التى صارت علنية لمسؤولين سعوديين واماراتين وبحرانيين وقطريين لتل أبيب.
وعلى ما سلف بيانه ولتحقيق ديناميكية الحركة وتفعيل ما يبغى اليه “ترامب” أعلن ترامب فى خطوة أراها متوقعة قراره بأقالة وزير خارجية أمريكا “تيلرسون”, وهى خطوة لا بد منها عند ترامب نتيجة تصادم سياسة الخارجية الأمريكية , مع أهداف ترامب الصهيونية , فالوزير ريكس تيلرسون حذر كثيرا من الأنسحاب من الأتفاق النووى الاِيرانى , وهو الذى رأى الحل مع كوريا الشمالية عبر التباحث وقد عارض بشده أى خيار عسكرى فى الأزمة الخليجية القطرية , وقد حافظ على تركيا حليفا , رغم جنوحها الىى جانب روسيا وايران ولو من خلال المؤتمرات , وفى المقابل كان قرار الرئيس الأمريكى بتعين مايك بومبيو رئيس وكالة الأستخبارات الأمريكية وزيراً للخارجية , حيث يجد فيه الرئيس الأمريكى ما يحقق مبتغاه الصهيونى , فالرجل استخباراتى يجيد الدسائس والمؤامرات , وهو يمينى الى أقصى حد , ولا يجد من حل للأتفاق النووى مع ايران اِلا النسف من جذوره وتقليم أظافر ايران بشن الحرب عليها , وكل ذلك لا يصير مفعولا الا بضرب سوريا ضربات تنهى أنتصارات جيشها العربى واجهاضة للمؤامرة الكونية على سوريا ,وتعيد فكرة تقسيم سوريا الى الفعل وضرب القوى الحليفة لها على الارض السورية ( حزب الله , والحرس الثورى الايرانى), يعقبها ضرب بعض المواقع المؤثرة فى ايران وتصفية قواعد حزب الله فى لبنان , ليضحى الطريق هو الوحيد لقبول صفقة القرن دون منغصات, بل انه قد يكون ذلك طريقاً ليستجدى العرب صفقة القرن من الأمريكان, وهذا غاية ما تتمناه أسرائيل , لتحقيق حلمها الذى ستسير نحوه مستقبلا دون عناء, من النيل الى الفرات .
لكن على الجانب الآخر عيون لا تنام , وجيش تمرس على القتال وحرب العصابات خلال سبع سنوات ( الجيش العربى السورى ) وقوات حليفة تعرف أنه لا بديل عن قهر العدو أى كان خاصة لو كان صهيونى أو من الأمريكان ( حزب الله والحرس الثورى الأيرانى ) وأعتقد أن روسيا تدرك جيدا أنها وجدت فى سوريا لمواجهة التآمر على سوريا وعليها اولا , وهى لا تقبل أن تضيع فى سوريا هباء , وأن تضحياتها لا تقبل اِلا أن تكلل بالنصر على الأمريكان , وأن درس أفغانستان ماثل فى الأذهان, وعلى قيادات الكرد أن تعى جيدا أن أميركا لن تتخلى عن أردوجان , وان تعى الدرس جيدا كيف باع الصهاينة والأمريكان مسعود برزانى فى كردستان العراق
ولا بديل للأكراد من حضن الدولة السورية لتحقيق الأستقرار للأكراد كمكون من مكونات الشعب السورى .
ويبقى السؤال أين العرب من قضيتهم المصيرية , والحرب الأمريكية على الأبواب السورية , تريد أن تقضى على الوجود العربى لتُفنى القومية العربية – ممثلة فى الدولة السورية وجيشها العربى – الحكام العرب متأمرون حتى النخاع فقد باعوا تراب بلدانهم ,وهم الآن يريدون ثمن التراب السورى حماية لعروشهم ولزيادة ثرواتهم فى بنوك الغرب والأمريكان الصهيونية .
ولا يبقى اِلا الشعوب العربية من المحيط الى الخليج التى حان لها أن تدرك حقيقة الحرب الأمريكية على سوريا واهدافها الصهيونىة , وأن تُفعِل كل أمكانياتها وفورانها وثوراتها لأجهاض تلك الحرب , كما اجهضت الحرب الكونية على سوريا خلال السبع سنوات السابقة , وأَلا يضيعوا هذا الأنتصار هباءاً من خلال التقاعس عن ما تحيكه أمريكا لسوريا من ضربة عسكرية تقضى بها على روح الأمة العربية , لتبعث الروح فى دولة صهيونية ,تكن العداء لكل ما هو عربى ومسلم ,بل وأنسانى , بل هى تكن العداء لرب العالمين , فهل تعى ذلك المؤسسات الأسلامية فى العالم الأسلامى وعلى رأسها الأزهر الشريف , بل وفى العالم أجمع هل تعى المؤسسات الدينية والأنسانية (وعلى رأسها الفاتيكان), حقيقة الحرب الأمريكية على سورية وهدفها الذى قد يؤدى الى حرب عالمية قد تقضى على الأخضر واليابس , لذا فالنداء موصول من الآن ” أوقفوا الحرب الأمريكية المقبلة على سورية ,من أجل سلام الأنسانية جمعاء”.
1 تعليق
عبير بنجلون
ليست فقط أمريكا فهناك تطورات أخرى حيث تقوم الولايات المتحدة بتدريب قوة أمنية في سوريا تضم فصائل كردية ،هذه الخطوة اعتبرها البعض بداية لتقسيم سوريا وإقامة دولة كردية بالإضافة إلى أن تركيا وروسيا وأيضا إيران تعتبر هذه خطوة خطيرة لتقسيم سوريا ، وأيضا دخول بريطانيا على الخط مؤشرات كثيرة على حرب عالمية ثالثة منبعها سوريا.