عودة الى زمن الاصطفافات القديمة .. روسيا تقف بصلابة في مواجهة هجمة امريكية – بريطانية – فرنسية مدعومة بـ “الناتو”

أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، أن موسكو ستطرد قريبا دبلوماسيين بريطانيين ردا على إجراءات لندن.

وقال لافروف ردا على سؤال إن كانت موسكو مستعدة لطرد دبلوماسيين بريطانيين في سياق إجراءات الرد: “من دون شك”، موضحا أن ذلك سيحدث “قريبا”.

وأضاف، أن تصرفات لندن في قضية سكريبال، سببها على وجه الخصوص، عدم قدرة السلطات البريطانية على تنفيذ وعودها بشأن بريكست. قائلاً: “يبدو لي واضحاً، أن هذه القصة تعكس قبل كل شيء، عدم وجود مخرج أمام الحكومة البريطانية الحالية، خصوصا عندما لا يستطيعون تنفيذ تلك الوعود التي قدموها لشعبهم والمرتبطة بالخروج من الاتحاد الأوروبي”.

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد اعلنت إن موسكو تعتبر أن الغرب يحاول ربط قضية سكريبال بمسألة السلاح الكيميائي السوري.

وأعلنت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الوزارة، أن الغرب يحاول ربط قضية سكريبال بمسألة الكيميائي السوري.

وقالت: “المنطق الذي ظهر يوم أمس والمنطق الذي يلقيه ما يعرب بمجمع الخبراء يتمثل بأن دمشق تستخدم الأسلحة الكيميائية، وروسيا تؤيدها. النقطة النهاية في هذا هي أن روسيا استخدمت المواد الكيميائية في المملكة المتحدة. بهذا الاتجاه تسير الأمور. هذا أحد مسارات هذه الحملة — لربط كل هذه العناصر ولإنهاء القصة بالأسلحة الكيميائية في سوريا ، ولا أحد يخفي ذلك اصلا”.

وكانت نيكي هايلي، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة قد قالت في اجتماع لمجلس الأمن طلبته لندن على وجه السرعة، امس الأربعاء، إن روسيا “مسؤولة عن تسميم الجاسوس في بريطانيا”.

وأضافت أن “الولايات تعتقد أن روسيا مسؤولة هذه ليست حادثة منعزلة”. وتابعت أن بلادها “متضامنة تماماً مع المملكة المتحدة”.

من جهته، عبر السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر عن “الدعم الكامل” و”تضامن فرنسا” مع المملكة المتحدة دون أن يحمل مباشرة روسيا مسؤولية الهجوم في الرابع من آذار الحالي في سالزبري ضد سيرغي سكريبال (66 عاماً) وابنته يوليا (33 عاماً).

وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، امس الأربعاء، سلسلة من العقوبات ضد روسيا تشمل طرد 23 دبلوماسياً وتجميد الاتصالات الثنائية، معتبرة أن موسكو “مذنبة” بتسميم جاسوس روسي سابق على أراضي المملكة المتحدة.

وردّت وزارة الخارجية الروسية على القرارات البريطانية، منددة بما اعتبرته “استفزازاً وقحاً”، واتهمت لندن بأنها “اختارت طريق المواجهة، وإجراءاتنا للرد لن تتأخر”.

وقدم أبرز حلفاء بريطانيا، الاتحاد الأوروبي وألمانيا والولايات المتحدة دعمهم للبريطانيين وكذلك حلف شمال الأطلسي.

واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في هلسنكي أن روسيا تقف وراء تسميم العميل المزدوج الروسي السابق.

كما ندّد حلف الأطلسي، يوم امس الأربعاء، بتسميم الجاسوس السابق، معتبراً ذلك “انتهاكاً فاضحاً للاعراف والاتفاقات الدولية” حول الأسلحة الكيميائية وطالب روسيا بالرد على أسئلة بريطانيا في هذا الصدد.

وكان الأسبوع الماضي، قد شهد تكرار التحذيرات الأميركية باحتمالية توجيه ضربة عسكرية لدمشق في حال إقدامها على قصف مناطق خاضعة للمعارضة السورية بالسلاح الكيماوي؛ مما دفع الروس لتوجيه ردٍّ قويٍّ هذه المرة.

وقال رئيس الأركان الروسي، فاليري غيراسيموف، إن بلاده على استعداد للرد على الهجمات الأميركية ضد دمشق، في حال قامت واشنطن بتوجيه ضرب لمقرات يوجد بها جنود روس.

وأضاف غيراسيموف أنه “مما لا شك فيه، أن القوات الروسية ستتخذ التدابير اللازمة في حال تم تهديد حياة جنودنا في سوريا”، بحسب تقرير لصحيفة svabodnaya pressa الروسية

وبحسب الصحيفة، فإنه “في الغالب، سيكون أي هجوم من قِبل الولايات المتحدة ضد نظام الأسد بمثابة استهداف للروس؛ بسبب وجود مستشارين عسكريين روس، في مناطق سيطرة نظام الأسد، فضلاً عن ممثلي مركز المصالحة الروسي بين الأطراف المتحاربة والعسكريين الروس”.

ومؤخراً، تواترت الأخبار بشأن تخطيط قوات الأسد لشن هجوم كيماوي جديد، في حين تعتزم الولايات المتحدة أن ترد على هذا الهجوم من خلال تنفيذ ضربة ضد قوات النظام.

وكانت الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، قالت إن الجيش الأميركي لديه القدرة على استهداف قوات الأسد بسوريا في حال رفضت التوقف عن القتال بمنطقة الغوطة الشرقية. ومن العوامل التي قد تشجع الولايات المتحدة على تنفيذ هجومها ضد الأسد، شن قوات النظام هجوماً كيمياوياً ضد المدنيين، بحسب الصحيفة الروسية.

ومن جهته، أعلن مسؤول روسي عسكري رفيع المستوى عن احتمال تصدي روسيا، من خلال اعتماد القوة العسكرية، للتحركات الأميركية. ويعتبر هذا الإعلان هو الأول من نوعه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، فهل يحيل ذلك إلى أن روسيا على أبواب الانتقال لمواجهة مع الغرب في حرب مفتوحة؟

ووفقاً لميخائيل ألكسندروف، الخبير في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، فقد “دفعت سياسة التنازلات والمراوغة التي تبنَّتها روسيا الأميركيين للتمادي أكثر”. وأضاف ألكسندروف أن “بيان غيراسيموف لا يمكن اعتباره واضحاً ومباشراً؛ بل كان متحفظاً بطريقة مزعجة من جديد. لماذا لم يقل ببساطة: إذا تعرَّض جيشنا لأي ضرر فسنردُّ على هجماتكم عسكرياً”، بحسب الصحيفة الروسية.

وأردف الخبير الروسي أنه “لطالما أكدت أن السياسة الجبانة لا يمكن أن تؤدي إلى أي نتائج إيجابية. كان من الضروري أن نعلن، بشكل واضح ومن دون أي تردُّد، أنه في حال تنفيذ ضربة ضد دمشق، فسنرد على ذلك، وإذا تضرر المواطنون الروس، فسنستهدف القوات الأميركية في سوريا مباشرة”.

وحول ما إذا كان تصريح غيراسيموف سيسهم في منع الأميركيين من مهاجمة دمشق أم العكس، أو سيحفزهم أكثر للقيام بذلك، قال ميخائيل ألكسندروف: “في حقيقة الأمر، لا يمكن التنبؤ برد فعل الأميركيين بعد هذا التصريح الغامض لرئيس الأركان العامة الروسية. لكن، من الممكن القول إن الولايات المتحدة لن تخاطر بقصف مناطق الحكم السوري. في الأثناء، سيكون لواشنطن حرية المناورة لتحذير القيادة الروسية مسبقاً، أي إنه قد تستهدف المناطق الحكومية في دمشق، حيث لا يوجد عناصر من جيشنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى