المرصد السوري لحقوق الإنسان يخلط القليل من الحقائق بالكثير من الاكاذيب

المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يقع مقرّه في لندن ويديره “رامي عبد الرحمن” ظلّ وعلى مدى سنوات الأزمة السورية السبع وكما يقول مراقبون للحالة السورية إحدى الجهات ذات المصداقية والموثوقية لاستقاء المعلومات من قبل كبريات محطات التلفزة العالمية ووكالات الأخبار الدولية وحتى الشبكات التابعة للجماعات المسلحة وبعض أجهزة الإعلام التابعة للحكومة السورية بحسب قولهم، مرجعين السبب إلى تمتّع المرصد بشبكة واسعة من المراسلين على الأرض السورية، قادته إلى تبوء أكثر الصدارة في مسألة المصداقية التي افتقرت لها جميع المصادر التابعة للجماعات المسلحة.

المصداقيّة على الحافة

تلك المصداقية التي رآها عدد من المراقبين رفضتها جهاتٌ عدّة على الأرض متهمةً عبد الرحمن باختلاق المعلومات حيناً، وأحياناً بنقلها من مصادر مختلفة، كونه –أي المرصد- لا يملك مراسلين في العديد من مناطق الصراع، ويؤكد مراقبون أنّ عبد الرحمن أكّد مراراً أنّ جميع المعلومات التي تنشر على موقعه على الإنترنت تأتيه من مصادر في الداخل السوري، وهنا يتساءل المراقبون عن الإمكانيات التي يتمتع بها عبد الرحمن وقدرته منفرداً على تأمين مصادر موثوقة للخبر والانتهاكات داخل المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة السورية من جهة، والمجموعات المسلحة من جهةٍ أخرى.

ويذهب ناشطون إلى أنّ المرصد السوري لحقوق الإنسان أصبح عرضة ليس فقط للانتقاد والمساءلة بل للتشكيك أيضاً بالمعلومات التي يُقدمها، الأمر الذي حدا بالناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية إلى التشكيك بالمعلومات التي يُقدمها عبد الرحمن وموقعه الإلكتروني، حيث يقول الكسندر لوكاشيفيتش: “المعلومات المتوافرة لدينا تشير إلى أن شخصين فقط يعملان في هذا المرصد -مدير وسكرتير-، وأن مديره لا يحمل أي شهادة صحفية أو حقوقية، بل حتى لم يكمل الدراسة الثانوية، وكان هذا الشخص قد صرح بأنه يقيم بصورة دائمة في لندن، ويحمل الجنسية البريطانية وهو رجل أعمال ويملك مقصفاً”، منوّهاً بأنّ عبد الرحمن تهرّب مراراً من لقاء دبلوماسيين روس، يقول لوكاشيفيتش: “اعتقد أن الحقائق المذكورة تسمح بالحكم على مدى صحة المعلومات التي ينشرها هذا المرصد”.

مصادر إعلامية تابعة للحكومة السورية أكدت أنّ عبد الرحمن ومرصده يتم تمويلهما من قبل المخابرات البريطانية ومكتب الإعلام في وزارة الخارجية البريطانية، مشيرين إلى أنّ المرصد مُسجل كشركة في بريطانيا، الأمر الذي يُفسح له المجال للاستفادة من القوانين المحلية في بريطانيا، وهذه القوانين تسمح لهذا النوع من الشركات بتسجيل مكتب وهمي، مؤكدين أنّ المرصد: “أداة رخيصة تحت اسم حقوق الإنسان، يستخدم لذرّ الرماد في العيون، وبث الأخبار المضللة، ومقاطع الفيديو المفبركة، والصور الملفقة”.

معارضة للمصدر المعارض

وعلى المقلب الآخر؛ وعلى الرغم من ادعاء عبد الرحمن معارضته للحكومة السورية، وأنّه جزءٌ من العمل المعارض؛ غير أنّ معارضين مدنيين ومجموعاتٍ مُسلحة رفضوا الاعتراف بعبد الرحمن ومرصده، بالإضافة لتشكيكهم بطريقة عمل المرصد والتفرد في إدارته من قبل شخص واحد فقط، مشيرين إلى أن المرصد وفريقه يُختصر بشخص واحد فقط وهو رئيس المرصد الذي يُحرّر الموقع ويُدير صفحة المرصد على الفيسبوك، كما أنّه المتحدث الرسمي باسم المرصد.

عبد الرحمن ردّ على ادعاءات المُعارضين له، مؤكداً وجود فريق متكامل في سوريا مكون من أربعة مديري تنسيق تصلهم المعلومات عن طريق أكثر من مئتي مراسل يغطون سوريا كلها، بحسب قوله.

ما أورده عبد الرحمن وبرأي المُعارضين له محل شك، مشيرين إلى أنّ المعلومات التي يقوم عبد الرحمن بنشرها هي عمليّة تجميع من صفحات المجموعات السياسية أو المجموعات المسلحة، سواءً أكانت من طرف الحكومة السورية أم من طرف المعارضة والمجموعات المسلحة، مع عدم إمكانية التحقق منها.

وبالإضافة لما سبق يذهب بعض المُعارضين إلى أنّ المعلومات الصادرة عن المرصد عبارة عن موجز لأخبار تم نشرها، مُدللين على ذلك بأنّ عبد الرحمن ومرصده لا يقومون بإعداد أيّ تقارير حقوقية احترافية خاصة بالمرصد، خلافاً لكل مراصد حقوق الإنسان في العالم.

جبهات تويترية

مع احتدام معارك الغوطة الشرقية؛ نشب نزاعٌ آخر، ولكن هذه المرة كان موقع تويتر هو ميدانها، ليخرج محمد علوش المسؤول السياسي في فصيل “جيش الإسلام الإرهابي”، ويشكك بالأخبار التي ينشرها مرصد عبد الرحمن، وخصوصاً الأخبار المتعلقة بأحداث الغوطة الشرقية التي جرت مؤخراً، حيث قال علوش في تغريدة له عبر تويتر: “ما ينشره المرصد السوري من أخبار عسكرية في الغوطة الشرقية غير دقيق، وأنصح بعدم اعتباره مصدراً لهذه الأخبار”، مضيفاً: “إن ذلك لسبب بسيط، هو أنه لا يملك أي مراسل داخل الغوطة، وأما من الطرف الآخر فلا نعلم”.

رد عبد الرحمن لم يتأخر كثيراً، حيث غرّد قائلاً: “على قادة فصائل الغوطة الشرقية الانشغال بمواجهة الكارثة التي يواجهها المدنيون هناك، بدلاً من مرابطتهم على جبهات تويتر، ومحاولة تشويه المرصد”، وتابع المرصد بلسان عبد الرحمن: “لا ننتظر شكراً من أحد، فنحن نقوم بواجبنا الإنساني والأخلاقي، لكن أن يتم محاولة تشويه المرصد، في هذا الوقت بالتحديد، فلا نعلم ما الغاية منه، سوى محاولة إسكات الصوت الأكثر تأثيراً، في نقل الجرائم التي تحصل في الغوطة الشرقية وعموم سوريا” حسب زعمه.

يُشار إلى أنّ أبرز الانتقادات التي وجِّهت للمرصد هو تغيير جلده وتحوّله من توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى وكالة أخبار تغطي أحداث النزاع الدائر في سوريا، وبرز عبد الرحمن كـ “ناشط إعلامي” لا تغيب صورته عن شاشات التلفزة، ولا سيما الغربيّة منها، متناسياً أنّ عمله يفترض عليه التحدث كمسؤول في حقوق الإنسان وليس كإعلامي، مع التأكيد على أنّه يُقيم في لندن، وليس لديه أيُّ اطلاع على ما يدور على الأرض سوى من شاشات التلفزة و “مراسليه المفترضين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى