تعريف اولي باللامركزية .. قراءة في النظريات والتطبيقات

بقلم : مصطفى النمر *

عندما يتعلق الأمر بالحديث عن المنطلقات النظرية التي تعتمد عليها اللامركزية فإنه لا توجد نظرية واحدة أو نظرية مخصصة لشرح ماهية اللامركزية أو آلية عملها. وقد بدأ التنظير لمفهوم اللامركزية في خمسينيات القرن الماضي مع كتابات ريجز (1956) وماديك (1963) وتقارير الأمم المتحدة (1962). وفي سبعينيات القرن الماضي بدأت مناقشة أفكار اللامركزية كاستراتيجية لتطوير قطاع التنمية الإدارية. وفي الثمانينيات تم مناقشة اللامركزية كمصطلح سياسي وازدادت القناعة بالدور الذي يمكن أن تلعبه، حيث ناقش سميث (1983) نظرية اللامركزية من عدة منطلقات معيارية يمكن من خلالها فهم وشرح الجانب النظري لمفهوم اللامركزية.

يمكن تلخيص هذه المنطلقات المعيارية في التالي: نظرية الديموقراطية لتطبيق الحكم المحلي، وأهمية الحكم المحلي من منظور اقتصادي، ومنهج تحليل السياسات، وإطار الاقتصاد السياسي، وسنقوم خلال التقرير بعرض وشرح هذه النقاط المعيارية، على النحو التالي:

أولاً: نظرية الحكم المحلي ومفهوم الديموقراطية:

يمكن وصف الديموقراطية بأنها الحكم عن طريق الهوى العام للناخبين، ويصف توتمير (1999) الديموقراطية بأنها: ما يجب على الحكومة القيام به بناء على رغبة الناخبين، بينما يشير سميث (1985) إلى أن أدبيات الديموقراطية تعلي من قيمة الحكم المحلي كأفضل وسيلة لترتيب الإدارات المحلية للخدمات العامة والتي تكون إما على مستوى الدولة أو على مستوى المحليات. فتطبيقات الإدارة المحلية تفيد على مستوى الدولة في رفع الوعي السياسي للمواطنين وتدريب كوادر انتخابية جديدة تصلح لقياده وتطوير الإدارة المحلية، كما أنها تفيد على المستوى المحلي في رفع قيم الحرية والمساواة وسرعه الاستجابة.

وعلاقة الديموقراطية بالإدارة المحلية علاقة طردية، فكلما زادت نسبة شفافية الانتخابات والتنافسية الحقيقية لها كلما زادت المنافسة بين المرشحين على تلبية طلبات الناخبين بشكل أسرع وأكثر حرفية مما يضمن لهم إعادة الانتخاب في الدورة التالية. كما أن وجود الشفافية يضمن للناخبين حق محاسبة المسؤولين بشكل مستمر مما يدفع إلى زيادة الوعي السياسي لدى الناخبين ورفع قيمة المشاركة السياسية.

ويقول ويلسون (1984:13) إن ضمان تطبيق الديموقراطية في المستويات الأعلى للدولة تضمن تطبيقها على المستويات المحلية في ذات الوقت. كما يضيف سميث (1985:20) إن اللامركزية الديموقراطية على المستوى المحلي دائما ما تستخدم كوسيلة لرفع الوعي السياسي للناخبين. بمعنى أدق تقوم الديموقراطية بخلق مساحة مشتركة بين الناخبين والسياسيين لمناقشة المشاكل والتحديات التي تواجههم بشكل مباشر، حيث يمكننا القول إن السياسيين يتعلمون من المناقشة المباشرة مع المواطنين بحيث يكون الهدف النهائي هو إرضاء الناخبين.

إن الاستفادة العائدة على مستوى الدولة من تطبيق الإدارة المحلية، هي أن الإدارة المحلية توفر بيئة تدريبية خصبة للمُشرعين على مستوى الدولة. وهنا يقول سميث (1985:22) “إن العديد من السياسيين الناجحين على المستوى الوطني كانت لهم خبرة سابقة على المستوى المحلي، حيث أنه بلا شك فالحكم المحلي يوفر التدريب اللازم للنشطاء لتكوين كوادر سياسية قيادية منهم”. ولذلك فإن الحكم المحلي يمكن النظر إليه على أنه وسيلة وحاضنة تدريبية للسياسيين المبتدئين والنشطاء في المجتمع المدني الذين يرغبون في بدأ السلك السياسي كوظيفية لهم.

الاستفادة الثانية هي ضمان الاستقرار السياسي في المستقبل. حيث أنه نتيجة للخبرة المتكونة على مستوى الحكم المحلي فإنه يمكن للناخبين تكوين الوعي الكافي بالعملية السياسية ومعرفة المرشحين والسياسيين عن قرب. ففي الحكم المحلي تكون العلاقة بين السياسي والجمهور قريبة إلى أكبر قدر مما يعطيهم نظرة مقربه على فعالية وأداء السياسيين وبالتالي يساعدهم في إعادة اختيارهم في حال ترشحهم لمناصب على مستويات أعلى في نظام الحكم.

إن مفاهيم الديموقراطية في الحكم المحلي مرتبطة إلى حد كبير بمفهوم الحكم الرشيد والذي يتطلب الوصول إلى فعالية أكبر وسرعه استجابة ومرونة في التعامل مع متطلبات المجتمع. وفي هذا السياق فإن استخدام اللامركزية في الحكم المحلي يمكن إدراجه تحت أحد تطبيقات الحكم الرشيد أيضا وكنتيجة لذلك يمكن الزعم بأن اللامركزية تساعد على دعم الديموقراطية والتنمية المستدامة.

بالانتقال للحديث عن الاستفادة من تطبيق الديموقراطية على المستوى المحلي يمكن تلخيصها في القدرة على تحقيق مساواة في التنافسية السياسية والقدرة على المحاسبة إضافة إلى سرعه الاستجابة. يمكن القول بأن اللامركزية تعطي الفرصة لأكبر قدر من المواطنين في المشاركة في الحياة السياسية مما يوفر لهم فرصة المساواة في المشاركة السياسية. كما توفر البيئة الصحية لتكوين تجمعات سياسية وممارسة حرية التعبير.

الاستفادة الثالثة لتطبيق اللامركزية الديموقراطية على المستوى المحلي هو تيسير عملية المحاسبة والشفافية. يقول سميث (1985) ” إن العملية الديموقراطية المصاحبة للحكم المحلي تجعل المحاسبة والشفافية ذات معنى أكبر بسبب وجود عنصر منتخب يربط بين الموظفين والناخبين”. يقصد سميث أن إنتخاب شخص يقوم بإدارة المكينة المحلية توفر رابط بين متطلبات الناخبين وبين النظام البيروقراطي الإداري مما يجعل التواصل بين الإدارة والناخبين أكثر سهولة عن طريق السياسي المنتخب إضافة إلى جعل محاسبته أيضا أكثر سهولة لقدرة الناخبين على عدم انتخابه لفترة أخرى.

الاستفادة الرابعة: تسريع عملية الاستجابة لطلبات المجتمع تحت الإدارة اللامركزية. ويقصد بالاستجابة هو قدرة الحكومة على تلبية طلبات المواطنين. إن الإدارة اللامركزية تساعد على قدرة جمع طلبات المواطنين وتوفير الاستجابة السريعة لهم بعيدا عن ثقل المركزية أو طول مدة العمل البيروقراطي لتنفيذ الطلبات. للقيام بذلك يجب أن يكون لدى الإدارة المحلية الصلاحية للوصول إلى مصادر دعم مالي يكفي الاحتياجات المطلوبة. لكن تظل معرفة “طلبات المواطنين” أمر غير قابل للقياس بطريقة قطعية خاصة في الدول النامية حيث يوجد العديد من الاحتياجات الأساسية التي لم يتم تنفيذها بعد حتى الأن. يمكن القيام بتقديم بعض الطلبات على حساب الأخرى من أجل تحقيق بعض الإنجازات لكن على المقابل فإن ترجيح بعض الطلبات على أنها احتياجات أساسية على سواها سيتطلب تأخيرا في سرعة الإنجاز نظرا لاحتياج السياسيين لعقد المقابلات المتكررة لإقناع الناخبين بأهمية تقديم تلك الاختيارات على سواها قبل الوصول إلى قرار يكون ملائما للميزانية المقررة وفي نفس الوقت يكون ملبيا لجانب من الاحتياجات الأساسية للناخبين.

ثانياً: أهمية الحكم المحلي من منظور اقتصادي:

إن المنظور الاقتصادي للحكم المحلي لدى سميث يرتكز على الاختيار العام (public choice ) والممتلكات العامة. يقول جونثان (1991) ” ان الاختيار العام يتعلق بدراسة السوق السياسي فيما يتعلق بالتعبير الجماعي للأفراد عن طريق أداة قياس اتخاذ القرار لديهم كالانتخابات”. أي أن العملية الانتخابية ما هي إلا وسيلة للأفراد للتعبير عن الرضا أو السخط الجماعي لما تم تقديمه اثناء الانتخابات. أما الممتلكات العامة فيمكن الإشارة إليها على أنها أي خدمة أو سلعة غير ربحية تقدم للمجتمع سواء عن طريق الحكومة أو عن طريق هيئات أخرى خدمية غير ربحية أو أفراد مستقلين.

ان الحكم المحلي اللامركزي يترتب عليه اختلاف الخدمات والأسعار حسب الموقع الجغرافي مثل أن تختلف أسعار الشقق السكنية أو الضرائب أو بعض الخدمات مما يجعل المواطن يفكر بشكل اقتصادي ليصل إلى قرار اختيار مكان المعيشة. وبناء على ذلك ينبغي على الحكومات المحلية أن تقدم عدد من الاختيارات المختلفة والخدمات المتنوعة لتلبي احتياجات أكبر عدد من المواطنين.

يقول رودينلي (1981) إن تطبيق نظرية الاختيار العام تلك سيكون أكثر فعالية بخاصة في الدول التي تحاول تطبيق نظام لامركزي للحكم أو التي سيتم تنفيذها مستقبلا نظرا لقدرتها على توفير العديد من الاختيارات للمواطنين.

ثالثاً: منهج تحليل السياسات:

يستند هذا النهج أساسا على الإدارة العامة والنظرية المالية مع وجهات نظر مختلفة بشأن اللامركزية. “إن النهج الاقتصادي النيوكلاسيكي يهتم بقضايا الاقتصاد الكلي القائمة على نماذج التوازن (equilibrium )، في حين أن منهج تحليل السياسات يتعلق بقرارات محددة وعادة ما يكون تركيزها على القضايا التحليلية الجزئية” (روندينلي واخرين: 1989: 61) تلك القضايا التحليلية الجزئية مرتبطة بالاقتصاد الجزئي، والعوامل السياسية والسلوكية والإدارية وغيرها من العوامل التي تؤثر على تنفيذ السياسة العامة.

وقد ركزت البحوث الميدانية تركيزا كبيرا على تحديد مصادر موارد الحكومة، والإيرادات، وتقييم قوة المصادر والإيرادات هذه، ودراسة اعتماد الحكومات المحلية على التحويلات والدعم، وتحديد العقبات في نظام جمع الإيرادات والإدارة المالية، ودراسة الآلية لتحفيز زيادة ايراد الموارد المحلية (بال وشرويدر: 1981). ويشير روندينلي وآخرين (1989) أيضا إلى أن هذا النهج سيساهم في وضع سياسات أفضل وتقييم البدائل، ووضع برامج واستراتيجيات لألية تنفيذ تلك السياسات، وتقييم ما إذا كانت قد حققت الأهداف المرجوة منها. وبالتالي بهذه التراتبية يكون نهج تحليل السياسات مفيدا في تخطيط وتنفيذ خطط الحكم المحلي.

رابعاً: إطار الاقتصاد السياسي:

إن الحديث عن الاقتصاد السياسي يبين أهمية وتأثير كلا من العلوم السياسية والاقتصاد على بعضهما البعض، يقول ساموف (1990:526) “إن الاقتصاد السياسي يوضح أهمية ترابط كلا من النظرية الاقتصادية النيوكلاسيكية ونظرية الاختيار العام وتحليل السياسات”. رجح روندينلي واخرين (1989) بهذا الدمج بين النظرية النيوكلاسيكية ونظرية الاختيار العام وتحليل السياسات أن يتم وضع إطار لتحديد السياسات اسموه إطار الاقتصاد السياسي والذي يعتمد على ما يلي:

1ـ يجب أولا أن يكون هناك فهم واضح للبضائع والخدمات التي يمكن أن تقدم بشكل فعال ومؤثر، ومن هم المستخدمون، وما هي المتطلبات التنظيمية والمؤسسية لتفعيل هذه الخدمات؟ هذه النقاط يجب أن تكون واضحة أولا عند رسم أي كيان لا مركزي للحكم.

2ـ الهيكل اللامركزي بمنظماته وأجزائه يجب أن يتوافر لديهم الموارد المالية الكافية ويجب أن يكون لديهم جانب من السلطة والقدرة على تحقيق وجمع أرباح خاصة بهم.

3ـ ترتيب آلية توصيل الخدمات للمواطنين (سواء عن طريق الخصخصة أو التفويض أو نقل السلطة)

4ـ تأثير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على تصميم السياسات وتنفيذ البرامج. على سبيل المثال، فإن الالتزام السياسي والقوانين والأنظمة الواضحة والقدرة على إتخاذ القرار والمرونة أمور حاسمة في هذا الصدد.

5ـ توافر الأدوات اللازمة والمعلومات التي يمكنها أن تساعد في تشكيل السياسات، وتصميم المشاريع المختلفة، ومعرفة الاحتياجات المالية والتقنية اللازمة.

إن إطار الاقتصاد السياسي يتعامل مع فكرة اللامركزية من منظور إداري وسياسي في نفس الوقت وهو كذلك يوفر القواعد الإرشادية اللازمة لرسم وتطبيق سياسات لامركزية مؤثرة.

خامساً: اللامركزية بين التنظير والتقييم:

اختصارا لهذه النظريات فإن مدخل النظرية الديموقراطية لفهم أهمية اللامركزية يركز على أهمية الجانب السياسي وتربية الكوادر السياسية المستقبلية وزيادة وعي المواطنين، فهي نظرية تركز على أهمية استخدام اللامركزية لنشر قيم الديموقراطية بشكل أكثر فعالية. أما نظرية الاختيار العام فهي تركز على الجانب الاقتصادي الذي يقوم به المواطن للاستفادة من الخدمات المقدمة وبالتالي فهو يركز في رسم السياسات من البداية على أهمية التفكير الاقتصادي للمواطنين حيال استخدام الخدمات المختلفة وتنوع هذه الخدمات. أما منهج تحليل السياسات إضافة إلى نظرية الإطار الاقتصادي السياسي فإنهما يساعدان بشكل أكبر على فهم اللامركزية ليس لأنهما يركزان على الأسباب الاقتصادية والسياسية فقط لكن أيضا لأنهما ينظران بعين الاعتبار إلى البيئة الاجتماعية السلوكية والعوامل الأخرى ذات الصلة التي تؤثر على تطبيق اللامركزية.

وتلقي فكرة اللامركزية رواجا بين المواطنين في الدول الديموقراطية باعتبارها تنبئ بنتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. إن اللامركزية ظلت لفترات طويلة تقدم على أنها وسيلة فعالة ومؤثرة وقامت عدد من الدول بتطبيق سياسات لامركزية في التخطيط والإدارة من أجل رفع جودة الخدمة لتناسب توقعات المواطنين. على نفس المنوال فإن المؤسسات الدولية المسؤولة عن تقديم برامج التنمية وتوزيع المساعدات على الدول النامية كالبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية أصبحت تحفز الدول المستفيدة من الدعم المقدم من خلالهم لتطبيق سياسات لامركزية كشرط لاستمرار والحصول على الدعم المالي. إن اللامركزية “كاستراتيجية سياسية” تهدف بالأساس إلى تحويل الشكل الإداري والعملية الإدارية بشكلها الحالي من أجل الوصول إلى أهداف أكبر كتحسين الوصول إلى الموارد، وزيادة المشاركة السياسية، والفاعلية في تطبيق السياسات.

لذلك فاللامركزية تدعم الحكم المحلي وإعطاءه صلاحيات واسعه في اتخاذ القرار الاعتماد في اتخاذ القرار على الرغبة الحقيقية للمواطنين المحليين. أيضا يمكن اعتبار اللامركزية أداة إدارية فعالة يمكن من خلالها تنمية الأداء الإداري.

إلا أنه على الرغم من المزايا المتعددة للامركزية إلا أنه تم نقد المصطلح وفعاليته من قبل العديد من الباحثين. يعلق جريفين (1981) على أنه في العديد من الدول تكون السلطة في المستويات المحلية أكثر تركيزا ونخبوية وتطبق بشكل أكثر قسوة على الفقراء من النظام المركزي. في رأيه فإن السلطة الممارسة من قبل النخبة والسياسيين تجاه الموارد الحكومة تكون دائما بشكل يخدم مصالحهم الخاصة.

بالمثل، يمكن أن نرى في دول العالم الثالث في كثير من الأحيان أنه حتى عندما يكون هناك نية حقيقية لنقل السلطة، قد تعرقله عوامل كثيرة مثل جماعات الضغط، أو النخبة المهيمنة وما شابه ذلك.

في هذا المعنى يقول سلاتر (1989) “اللامركزية هي مثل السراب، أو أسطورة وقناع”. هنا يعني المؤلف أن اللامركزية يمكن أن تحدث بشكل صوري فقط، ولكنها في حقيقة الأمر فإن المشاركة السياسية في هذه المستويات معزولة تماما وتقع تحت السيطرة المباشرة من قبل السياسيين الذين لديهم السلطة على المستوى المحلي.

ويرى سميث (1985) اللامركزية من منظور سلبي حيث يقول ان “اللامركزية تبدو كدعوى انفصالية وتهدد الوحدة العامة؛ فهي يمكن أن تعزز مصالح انفصالية؛ فالامركزية يمكن اعتبارها ضد المساواة عن طريق دعمها للتفاوت في توفير السلع العامة حسب الموقع الجغرافي”. في هذه الحالة يرى سميث أن اللامركزية هي وسيلة مدمرة اجتماعياً حيث أنها تهيئ الطريق للوصول إلى انقسام وحدة الدولة مما يؤدي إلى عدم استقرار سياسي. كمثال على نقد سميث يمكن النظر إلى سريلانكا حيث وجب على الحكومة المركزية حل مجلس مقاطعه الجانب الشمال شرقي من البلاد نظرا لإعلان أنفسهم دولة مستقلة عن المركز في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

أيضا فإن اللامركزية تخلق عددا أكبر من المؤسسات والتسلسلات الهرمية بداخلها على المستوى المحلي والتي يترتب عليها مصروفات إدارية وتنظيمية أكثر لكلا من الحكومة المحلية والحكومة المركزية الأمر الذي يمثل عقبة حقيقية أمام اللامركزية. كمثال من سريلانكا فإن تطبيق نظام مجالس المقاطعات ترتب عليه تشكيل جهاز اداري مكلف إضافة إلى التكاليف المقررة للحكومة المركزية. تلك المصروفات اضافت عبأ إضافي على المواطن لدفع هذه التكاليف الزائدة مقابل الحصول على خدمات بشكل مختلف.

وفي الختام يمكن القول إن اللامركزية هي وسيلة تطبيق أكثر من كونها نظرية سياسية ويرتبط تطبيقها بالسياق المحيط بها والموقع الجغرافي الذي سيتم تطبيقه فيها ونظام الحكم السياسي الموجود في الدولة. تختلف التجارب التي تم تطبيقها بين الإيجابي والسلبي حسب السياق المختلف لكل تجربة مما يجعل اللامركزية وسيلة لايجاد الحل وليست بذاتها هي الحل.

* المعهد المصري للدراسات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى