الأردن وتجربة جيبوتي

مشكوك بقواه العقلية من لا يشعر بالخطر على الوطن ليس من عدو خارجي كما كنا نعتقد، ولكن من سياسة الارتجال الداخلية ، ولعل مشكلة أصحاب القرار في وطننا هي الاعتماد والعمل من أجل إرضاء الخارج على حساب الوطن والمواطن، والعشرون عاما الأخيرة تؤكد للأسف ما نقوله ونخشاه، فالخطر الحقيقي يأتي من ارتباك أصحاب القرار في وطننا،  فماذا أبقوا لنا من مقومات الدولة إذا أخذنا بالاعتبار ما يدعونه أننا دولة ضعيفة  الموارد من ألأصل.

فكيف إذا تم بيع تلك الموارد ؟؟

أتحدث هنا عن الموانئ وعن أهم الأراضي في العقبة وعمان والفوسفات والأسمدة وغيرها الكثير، حيث لم يبق أمام حكومات وادي عربة إلا خصصة ذاتها .

قبل منتصف تسعينات القرن الماضي بوقت قصير وصلت ديون الأردن الى خمسة مليارات ونصف، وكان الوطن يعاني في ذلك الوقت جراء مأساة نهاية حرب الخليج الثانية وتدمير العراق تحت مزاعم تحرير الكويت، وقد أجمع قادة الخليج على معاقبة الأردن وطرح موضوع ما سمي بذلك الوقت بدول الضد، ويومها وقف الملك حسين ليقول للشعب الأردني بأنه مجبر أن يضع يده بيد الشيطان- يقصد العدو الصهيوني – لأجل وطنه وديونه التي تجاوزت الخمسة مليارات، وبالفعل كان الشيطان الصهيوني وجريمة وادي عربة التي يسمونها سلاما فمنذ إبرامها لم ير وطننا الخير، وبدلا من أنهار السمن والعسل كما بشرنا من أبرموها عانينا من ارتفاع الديون حتى وصلت لأرقام فلكية مقابل الناتج المحلي المتواضع.

ماذا لو عاد الملك حسبن للحياة ورأى ديون وطنه وقد تجاوزت الـــ35 مليار دولار وبيعت كل أهم مؤسسات الوطن؟؟

لقد تخلت الحكومة عن أهم ادوارها منذ إنشاء الدولة، وهي حماية قوت المواطن، حيث أصبح وجودها للجباية فقط، والسؤال الذي يطرح نفسه : على ماذا تعول حكومة الملقي، بينما اصبح كل قطر عربي مشغولا بظروفه الداخلية، فيما تشير تصريحات ولي العهد السعودي بأن بلاده لم تعد جمعية خيرية خاصة بعد إفلاسها نتيجة دعم الإرهاب في سوريا حيث دفعت مئات المليارات ورهنت كل سياستها وهيبتها لأجل إسقاط الرئيس السوري الشجاع بشار الأسد، ودفعت مليارات الدولارات للحرب في اليمن.

حكومة الملقي كما يبدو لا تكترث لكل احتجاجات الشارع الأردني ولسان حالها يقول الشارع لم يعينني، والمجلس الذي منحني الثقة جاءت به القوانين التي أصدرتها  وليس إرادة الشعب، وحملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددا من النشطاء تثبت صحة ما نقول .

إن الحكومات القوية لا يهزها تحرك هنا أو هناك، بل بالعكس هي تحاول الاستفادة من كل حراك لتحدد معالم الطريق أمامها .

بقي أن نقول أن الحكومات الأردنية بالعقدين الأخيرين بشكل خاص هي مصدر الأزمة، ولن تكون صاحبة الحل، فماذا يعني يا من يهمكم أمن الوطن واستقراره أن كل حكومة تأتي تكون مكروهة شعبيا أكثر ما سابقتها، وكل واحدة تنتقد سابقتها.. أليس هذا دليل على أزمة عميقة يمر بها الوطن الذي أصبح بلا موارد طبيعية بعد أن جرى بيع أو تأجير أهم مؤسساته وأراضيه  ؟؟.

وسؤالنا هل الكيان الصهيوني اللقيط بعيد عن عمليات السمسرة والبيع والشراء في وطننا الذي يعني له الكثير بحكم الجغرافيا والتاريخ ، ولم يعد لدينا مجال في هذه الظروف الصعبة إلا العمل وليس إعادة الكلام المستهلك..  علينا الدعوة لمؤتمر وطني تشترك به كل أطياف المجتمع، ويعهد لكبار مثقفيه انتاج برنامج وطني يبدأ من تشكيل حكومة إنقاذ وطني تأخذ بعين الاعتبار بأنها حكومة طوارئ وليست حكومة مناطقية، ولعل التعديل الوزاري الأخير يثبت أن الحكومة لا تدير أزماتها إلا بالمسكنات، فهل هذا وقت المناطقية الجغرافية  كما هو واضح من التعديل الأخير؟؟

وبعد يقول الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل رحمه الله (إذا تحركت الأطراف، فعلى أي نظام عاقل أن يشعر بالخطر) والذي يتحرك اليوم هم المحسوبون تاريخيا على النظام، ولنا في جيبوتي المثل، فعندما شعرت أن شركة موانئ دبي الإماراتية قد خدعتها بادرت الى الغاء اتفاقية البيع والشراء..  فماذا عن الأردن والشركات الإماراتية المستثمرة في الأردن في أهم المناطق.. فهل تصل الرسالة ذات النموذج الجيبوتي ؟؟

ولا عزاء للصامتين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى