الأردن : ارتباك سياسي ومستقبل يدعو للقلق

يعاني الأردن من أزمات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعية تهدّد أمنه واستقراره؛ الدولة الأردنية تتحكّم بها نخب سياسيّة تخشى مشاركة الشعب في الحكم، وتعرقل إقامة دولة قانون ديموقراطيّة مدعومة بمؤسّسات مجتمع مدني فاعلة وبأحزاب سياسيّة تمثل المواطنين جميعا، وتعبّر عن رأيهم وطموحاتهم، وتعمل من أجل حماية حقوقهم الدستوريّة في الأمن والحريّة والعيش الكريم.

فشلت الحكومات الأردنيّة المتعاقبة في إيجاد حلول ناجعة لمشاكل البلد الاقتصاديّة والسياسيّة ممّا أدى إلى فرض المزيد من الضرائب، وتفشّي الفساد والبطالة، وتفاقم مديونيّة الدولة، وارتفاع أسعار العقار وتكاليف المعيشة ارتفاعا حادا لا يتلاءم مع دخل الفرد، فزاد فقر الشعب ومعاناته وبدأ يفقد صبره، ونتيجة لذلك فإن الدولة  في مأزق قد يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البلد ويقود إلى نتائج لا تخدم إلا أعداء  الأردن والأمة العربية.

الدولة الأردنية فشلت في قراءة نبض الشارع الأردني في تعاملها مع السياسات الاسرائيلية والأمريكية في المنطقة. موقف الأردن الرسمي من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية يتعارض تماما مع موقف الشعب الأردني : الدولة أقامت سلاما مع إسرائيل وطبّعت معها، وتحاول أن تحافظ على علاقات سياسيّة واقتصادية جيدة معها، بينما الشعب الأردني لا يثق بها، ويرفض التطبيع والتعامل الاقتصادي معها، ويعتبرها دولة عنصريّة عدوّة تحتل مقدّساته وتهدد وجوده.

ولزيادة الطين بلّة فإن موقف الأردن الرسمي الخجول من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهويد القدس واعتبارها ” العاصمة الأبدية لإسرائيل”، وتخليه عن حل الدولتين، ودعمه المطلق لسياسات إسرائيل، قد اثار الكثير من الغضب في الشارع الأردني الذي لا يثق بنوايا الولايات المتحدة وبسياساتها المنحازة ضد العرب والمسلمين.

النخب السياسيّة  الأردنية التي  تراهن على أن الدعم الأمريكي- الإسرائيلي لها سيساعدها في المحافظة على أمن البلد واستقراره وحل مشاكله الاقتصادية، ترتكب خطأ فادحا لن تكون نتائجه لمصلحة النظام والشعب الأردني؛ أمريكا واسرائيل تعملان معا لتحقيق اهدافهما الاستراتيجية في المنطقة ولا يهمهما في النهاية سوى مصالحهما.

الذي سيعزز الأمن والاستقرار في الأردن ويحميه من أعدائه هو انضمام الدولة إلى الشعب في محاربة الفساد والفاسدين، ودعم مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، والتصدي بحزم لسياسات إسرائيل العنصرية التوسعية وخداع نتنياهو ويمينه المتطرف، ومعارضة نوايا ترامب الرامية إلى تصفية القضيّة الفلسطينية وشرذمة الوطن العربي.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى