ابن سلمان يمارس السياسة بمفهوم السمسرة فيما يخص “صفقة القرن”

في محاولة جديدة منها للعب دور رئيس في المنطقة وتغييب الدور المصري، تسعى المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى تبني مشروع “التسوية” وإحياء المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، بعد توقُّف للسنة الرابعة على التوالي.

التوجهات السعودية الجديدة، التي تتم -بحسب سياسيين ومراقبين- بأمر وتوجيه من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أنها دخلت مرحلة جديدة، ستكون فيها الرياض قادرة على الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات رغم إعلان ترامب القدس عاصمةً لإسرائيل.

مصادر فلسطينية رفيعة المستوى كشفت عن أن الرياض نجحت في فتح قناة اتصال سرية بين السلطة وإسرائيل والإدارة الأمريكية؛ لتجاوُز مرحلة التصعيد القائمة على خلفية قرار واشنطن بشأن القدس والذي أغضب الفلسطينيين كثيراً، وردوا عليه برفض الوساطة الأمريكية في أية جولة مفاوضات مقبلة.

وقالت هذه المصادر: “ان موقف الرئيس عباس تجاه الوساطة الأمريكية من الدخول في مفاوضات جديدة مع إسرائيل، شهد خلال الأيام الأخيرة، بعض اللين ولم يبقَ كالسابق، خاصة بعد نجاح الرياض في الضغط على محمود عباس، لفتح باب جديد للمفاوضات مقابل تحسين الوضع المالي للسلطة وزيادة الميزانية الشهرية التي تقدَّم للسلطة، إضافة إلى تقديم ضمانات جادة لنجاح أية جولة تفاوضية مقبلة”.

وأضافت المصادر الفلسطينية أن “الرئيس عباس بات لا يملك أية ورقة سياسية يلعب بها مع الإدارة الأمريكية والجانب الإسرائيلي، غير التوجه لمجلس الأمن، وأنه يعلم أن تلك المعركة ستكون خاسرة في ظل الفيتو الأمريكي المتوقع ضد أي قرار يدين إسرائيل؛ لذلك وافق على مضض بإعطاء فرصة جديدة للرياض”.

وأشارت إلى أن الوساطة المصرية في ملف المفاوضات بين السلطة وإسرائيل شهدت تراجعاً كبيراً للغاية، حتى وصل لدرجة عدم اهتمام القاهرة بهذا الملف، وهذا ما دفع الرياض للدخول على الخط ومحاولة سحبه، بتوجيه ومساندة من إدارة الرئيس ترامب بشكل مباشر.

وكشفت مصادر سياسية فلسطينية مطلعة، عن أن الرياض أعربت للرئيس عباس عن موافقتها على استضافة لقاءات تفاوضية رباعية “أمريكية- إسرائيلية- فلسطينية- سعودية” أو رعايتها بأية عاصمة أوروبية أخرى؛ من أجل إحراز تقدُّم والاتفاق على الخطوط العريضة لإطلاق عملية سلام شاملة في المنطقة وبحسب الخطة الأمريكية.

وتوقعت المصادر ذاتها أن تُعقد، خلال منتصف شهر اذار المقبل، أول لقاءات سرية لإحياء مشروع المفاوضات من جديد، باتصالات وإشراف من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشيرةً إلى أن الرياض قدمت تعهدات وضمانات كافية للأطراف كافة المشاركة في المفاوضات، وخاصة الفلسطينيين، بنجاح جهودها ووساطتها، خلال فترة ليست ببعيدة.

يُذكر أن المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية توقفت في نيسان 2014؛ بعد رفض سلطات الاحتلال وقف الاستيطان والإفراج عن أسرى قدامى، وقبول حل الدولتين على أساس دولة فلسطينية على حدود 1967، عاصمتها شرقي القدس.

وفي السياق ذاته، أقرَّ أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوجود تحركات سعودية لإحياء المفاوضات من جديد بين السلطة وإسرائيل، مؤكداً أن جهود الرياض بهذا الملف لا تزال مستمرة على أكثر من اتجاه.

و قال مجدلاني في تصريحات صحفية : إن “الرياض اهتمت جيداً بـ”صفقة القرن” الأمريكية، وتحرُّكها في ملف المفاوضات جزء من الصفقة الأمريكية، التي تسعى لتطبيقها وتنفيذ بنودها بالتعاون مع أطراف عدة، منها الإدارة الأمريكية”، لافتاً إلى أن “السلطة لم تغلق باب المفاوضات، ولا يزال مفتوحاً”.

وكان الرئيس عباس قد قرر رفض وساطة الإدارة الأمريكية لعملية السلام، وطالب برعاية دولية متعددة الأطراف لأية عملية سلام قادمة، في وقت خفَّت فيه حدَّة الاحتجاجات التي صاحبت إعلان ترامب في الأراضي الفلسطينية، في حين توقَّف المسؤولون الفلسطينيون عن إطلاق أية تصريحات ضد الإدارة الأمريكية، في إشارة –بحسب مراقبين- إلى أن الاتصالات تجري بصورة سرية بين الجانبين، من خلال وسيط ثالث.

وقبل أسابيع، ارتبط اسم السعودية بعرض جديد قُدِّم للجانب الفلسطيني للاعتراف بـ”أبو ديس” عاصمةً للدولة الفلسطينية بدلاً من القدس المحتلة، الأمر الذي أثار موجة غضب فلسطينية كبيرة، وسط اتهامات للرياض بـ”لعب دور مشبوه ضد القضية الفلسطينية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى