في الذكرى الستين لأعلان الجمهورية العربية المتحدة

بقلم : محمود كامل الكومي/مصر

فى 22 فبراير/شباط 1958, كأول آليه عملية لأذابة الحدود والفواصل التى أصطنعها الأستعمار لتقطيع أوصال الأمة العربية – وعلى الرغم من أن الأقليم الشمالى (سوريا) يبعد عن الأقليم الجنوبى (مصر)- الا أن أرادة الجماهير التواقة الى الوحدة , ورغبتها فى أذابه الفواصل والحدود والحد من الخلاف , وفى التوحد حول الهدف , والعمل المشترك من أجل ازالة الأستيطان الصهيونى فى فلسطين , وأدراكها أنه العائق فى سبيل تحقيق الوحدة العربية الشاملة , كانت لها مفعول السحر فى تحقيق هذا العمل الوحدوى بين مصر وسوريا , كما كان لدور الزعامة فى البلدين – والتى اتسمت بالثورية والأرادة الحرة المقاومة للأستعمار والصهيونية , وأيمانها بوحدة المصير – الفضل فى تسريع الخطى , والديناميكية المتجاوبة مع الحركة الشعبية المصري والسورية لتحقيق أرادتها فى ذوبان تراب البلدين فى الجمهورية العربية المتحدة ,ولقد تناغمت الجماهير السورية والمصرية فى لحن واحد متسق وسياق متصل , ذابت فيه النظرة الآحادية والمحلية وتجاوزتها الى الآفاق القومية , فأنتخبت الزعيم جمال عبد الناصر رئيسا لدولة الوحدة .

ولقد كان بزوغ شمس الوحدة بالجمهورية العربية المتحدة , مصدر قلق للرجعية العربية والأستعمار والصهيونية , فسرعان ما نصبوا الشراك ودفعوا الأنفصاليين الى أجهاض هذا الفعل الوحدوى , الا أن الضوء المنبثق عن هذه الحركة الشعبية الوحدوية ظل فى مداره يضيىء وينير المسار والطريق نحو هدف الوحدة المنشود , فحافظت مصر على أسم الجمهورية العربية المتحدة وظل نشيد الوحدة يعزف فى كل الأرجاءوعلم الوحدة يرفرف فى سمائها والسماء السورى , وبدى ( ناصر)رئيس الجمهورية العربية المتحدة, للشعب العربى زعيما للأمه العربيه كلها وأملها فى وحدة شاملة تذيب الفواصل والحدود الأستعمارية بين ترابها , وتعمل بكل الطاقات لتحقيق وحده الهدف والمصير ,متمسكة بالضوء الذى أنبثق عن العمل الوحدوى الذى صنع الجمهورية العربية المتحدة ..

أن قيام دوله الوحدة فى 22 فبراير/شباط 1958 كان بمثابة تحدى رائع لقوى الأستعمار العالمى التى أصطنعت الكيان الصهيونى فى فلسطين ,ليكون سدا منيعا لأى عمل وحدوى بين مصر وسوريا , لأدراكها البعيد المدى أن وحدة الدولتين هى التى تصنع نهاية التدخل الأستعمارى فى العالم العربى , وهى اللبنة الأولى نحو وحدة عربية شاملة قادرة على طرد الكيان الأسرائيلى من فلسطين , وعلى ما سلف بيانه , فاِن قوى الرجعية العربية – المتمثلة فى الأنظمة الملكية المفروضه على شعبنا فى الأردن والمغرب , وكذلك مشايخ وأمراء الخليج التى فرضتهم الأمبريالية والقوى الأستعمارية على شعوبنا الخليجية النفطيه – هذه القوى التى تماهت مع الصهيونية العالمية والأمبرياليه الأمريكيه وقوى الغرب الأستعمارى من قبل , وقد أتخذوها مخلب قط لتدمير الجامعة العربية – كآليه لتحقيق الوحده العربية – وصار مجلس التعاون الخليجى المصنع صهيونيا وامريكيا آليه لهدم الجامعة العربية .

أن ما يحدث فى مصر وسوريا وليبيا واليمن وماحدث فى العراق والسودان من تدمير وقتل وتفكيك لعرى هذه الدول وجيوشها لم يكن وليد اللحظة ,ولم يكن من فراغ, ولكن لأن هذه الدول كانت لها ارهاصات وحدوية , أدت بها الى خطوات على الطريق نحو الوحدة والأتحاد الذى هو أمل أمتنا العربية .

أن الدور الخطير الموكول لحكومتى قطر والسعوديه من جانب أمريكا وأسرائيل , بتمويل كل الحركات التى تعمل على تحويل سوريا ومصر والعراق وليبيا واليمن الى أنقاض – عقابا على السياسه الوحدويه التى كانت ترنو اليها شعوبها واجبرت حكوماتها على السير نحوها- أن هذا الدور يجب أن يجهض من الآن فصاعدا , ويجب أن يجابه من القوى الشعبية العربيه بالتواصل مع شعوب بلداننا فى الخليج .

أن العدو الرئيسى لوحدة أمتنا العربية, وقد تجلت أفعاله التدميريه الآن على كل البقاع العربيه قد تجسد واقعا فى حكام الخليج النفطيين وخاصة قطر والسعوديه , وكذلك كل حركات الأسلام السياسى ممثله فى جماعه الأخوان المسلمين والوهابية , وماتخرج من عبائتهما من جماعات أصوليه متشددة وأرهابية , وعلى الشعوب العربية أن تدرك حقيقه هذا العدو وتعمل بكل السبل على تطهير بلداننا العربيه منه أتقاءا لما يجلبه من دمار وهدم للهدف المصيرى نحو الوحده الشامله .

وعليها كذلك واجب حتمى بأسقاط اتفاقيات الصلح مع الكيان الصهيونى – كامب ديفيد فى مصر ووادى عربة بالاردن وأسلو بفلسطين -, وأن تقاوم التطبيع بكافة اشكاله وتحاكم كل من يزور الكيان الصهيونى من الرسمين العرب وغمل على اغلاق السفارات الصهيونية فى القاهرة وعمان وسحب سفرائهما من تل ابيب .

أن وحدة الشعوب العربية الآن , هى الخطوة البديلة للجامعة العربية المسكونة (بالعفاريت والشياطين) الذين يحملون فناطيس الجاز ليحرقوا بعوائدها الأخضر واليابس والديار العربية , ولذلك يجب أن يظل يوم 22 فبراير بما يمثله من ضوء أضاء المنطقه العربيه كلها بدولة الجمهورية العربية المتحدة , ضوءا ساطعا ينير عقول شعبنا العربى وروحه ويشحذ قواه ليكون قادرا على تحدى الصعاب التى تواجه الأمة العربيه وتحاول ان تزيل المفاهيم الوحدوية من خريطه الفكر العربى .

أن الشعوب العربية الواعية يجب أن تفضح هذه الحكومات الرجعيه , وتقتص منها حساب الضلال الذى حاولت أن تزيفه عليها , لذلك لابد أن يبقى يوم 22 فبراير الضوء الذى يؤكد أن شعبنا شعب عربى ومصيره يرتبط بوحده مصير الأمه العربيه .

أن يوم 22 فبراير/شباط بعد 57 عاماعلى توقيع ميثاق وحده مصر وسوريا ,وأنبثاق الجمهورية العربية المتحدة , لابد أن يستمر ضوئه ينير لشعبنا طريق الوحدة , من خلال عقد العزم على أن يعيد صنع الحياه على أرضه بالحرية والحق , بالكفاية والعدل , بالمحبة والسلام , أن شعبنا يملك من أيمانه بالله وأيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض ارادته على الحياه ليصوغها من جديد وفق أمانيه الوحدوية .

وأخيرا .. أن التقاء القوى التقدمية والشعبية على الأمل الواحد فى كل مكان من الأرض العربية ,, وتجمع القوى الرجعية على المصالح المتحدة من الأرض العربية هو فى حد ذاته دليل على الوحدة أكثر مما هو دليل على التفرقة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى