كيف تعرف افكار ومشاعر الآخرين من حركاتهم قبل كلماتهم

ليست الكلمة وحدها هي ما تعبر بها عن نفسك، فقد تعكس الكثير من مشاعرك وتفكيرك، دون أن تتلفَّظ بحرفٍ واحد، من خلال لغة الجسد وتعبيرات الوجه التي تحمل دلالات مختلفة على ما في أنفسنا من مشاعر وأفكار.

1- الوضع المنحني.. أكثر عرضةً للاكتئاب

اعتاد البعض على الوضعية المنحنية «المتسكّعة» سواءً في الجلوس أو الوقوف أو المشي، وهي وضعية تتسبَّب في أضرار ليست فقط بدنية، فمع إمكانية حدوث مشاكل مزمنة وتشوهات في شكل العمود الفقري في السياق طويل الأمد، لها أيضًا انعكاس نفسي سلبي يؤثر حتى في تفكيرنا، في السياق الزمني قصير الأمد.

فأحيانًا ينهزم البعض أمام بعض مشاعر الملل التي قد تنتابه أمام شاشة الحاسب الآلي على سبيل المثال، ليُغير من وضعية جسده المستقيمة، إلى منحنية، وهذا أمر قد يزيد الطين بلة، لأنه قد يُؤدي إلى شعورٍ بالحزن واستنزاف الطاقة، بحسب ما كشفت دراسة أجرتها جامعة سان فرانسيسكو الأمريكية، وهي الدراسة التي مثلما أظهرت المشكلة لفتت إلى الحل أيضًا، إذ أفادت بأن تغيير وضعية جسدك إلى الوضع المستقيم يُحسن مزاجك وطاقتك، الدراسة ذاتها أشارت أيضًا إلى أن الأشخاص الذين يمشون بوضعية جسم منحنية هم أكثر عُرضةً للاكتئاب.

2- وضع القوة.. قف كما يقف باتمان!

«ارفع راسك فوق أنت مصري» تعبر تلك الكلمات عن شعار ٍبرز بقوة في مصر أيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وما أعقبها من من تنحِّي الرئيس المخلوع حسني مبارك، الشعار هتف به المتظاهرون تعبيرًا عن الفخر والقوة، وضمّنته العديد من الأغاني التي مجدت الثورة المصرية، وكانت من ضمن الصور المعبرة عن ذلك الشعار، والتي تداولها الكثيرون على أنها رمز للقوة، هي صورة لشاب مصري وقف مرفوع الرأس، منفوخ الصدر، واضعًا يديه على خصره، أمام مدرّعة لقوات الشرطة المصرية، وسط أصوات وهتافات: «جدع جدع.. راجل راجل».

وضعية الجسد التي وقف بها ذلك الشاب تُسمى وضعية «القوة» أو «الثقة»، وهي تشبه كثيرًا صورة رجال القوة في أفلام الكارتون مثل: بات مان، وسوبر مان، ولتلك الوضعية تأثيرات بدنية ونفسية، وتعكس قوة وثقة في النفس، وتؤثر في مستويات هرموني الكورتيزول والتستوستيرون في الجسم.

وفي هذا الصدد، أجرى باحثون في جامعتي هارفارد وكولمبيا الأمريكتين دراسة حول تأثير «وضعية القوة» على هرموني تستوستيرون والكورتيزول، وكشفت الدراسة أن التدرب على تلك الوضعية دقيقتين أو ثلاث دقائق يوميًا، يُحسن من مستوى هرمون التستوستيرون المنشط للبدن، بنسبة تصل إلى 20% عن أولئك الذين ظهروا بوضعية منحنية أظهرت بعض الضعف، كذلك فإن وضعية القوة قلّصت أيضًا من نسبة الكورتيزول في الدم؛ مما أدى لتقلص الشعور بالضغط، وزيادة الشعور بالثقة.

3- تقاطع الذراعين.. الوضعية الدفاعيّة

إذا تحولت اليدان من الخصر، وأصبحت الذراعان متقاطعتين فتحمل تلك الوضيعة دلالة مختلفة عن القوة والثقة بالنفس، فالذراعان المتقاطعتان هي وضعية «دفاعية»، نستخدمها بدنيًا لحماية القلب والرئتين لا شعوريًّا.

أما نفسيًا، فهي تعكس الشعور بالغضب وعدم الأمان، أو الشعور السلبي تجاه شخص ما أو شيء ما، لذلك فهي من الوضعيات السلبية التي يفضِّل البعض تجنُّبها وعدم استخدامها كثيرًا، وبالأخص عندما تتعامل مع الآخرين، فهي تعكس انطباعًا سلبيًا عنهم أو عدم الترحيب برأيهم على سبيل المثال، وعادة ما يظهرها الأطفال بعفوية، ولكن في نفس الوقت تحمل تلك الوضعية جانبًا إيجابيًا أيضًا، فتجعل الشخص أكثر مثابرة، ولديه استعداد للعمل فترة أطول لحل بعض المشاكل الصعبة، فهي تحمل معنى «الغضب» و«المقاومة» أيضًا.

4- «اضحك والضحكة تبقى ضحكتين»

كانت تلك الكلمات ضمن أغنية «اتجنن» التي تدعو إلى الضحك والفرحة، ويبدو أن الأمر لا يتوقف عند كلمات تفاؤلية، تهدف لدعم مشاعر الفرحة، وإنما له نوع من الأساس العلمي، فتعبير الوجه بالابتسام والضحك، وإن كان «مزيفًا»، فقد يُزيد حقًا من فرص الضحك الحقيقي!

ففي هذا الصدد، أجرى الباحث فريتز ستراك، تجربة نفسية مميزة تفحص العلاقة بين تعبيرات الوجه، وعواطفنا، وتفكيرنا، وأتى بمجموعة من المشاركين، قسّمهم إلى مجموعتين، المجموعة الأولى وضعوا قلمًا بين أسنانهم، وظهرت وجوههم «باسمة»، والمجموعة الثانية وضعوا قلمًا بين شفاههم، وظهرت وجوههم «عابسة».

وبعد ذلك أعطى ستراك لكلا المجموعتين، قصة كوميدية لقراءتها وسألهم عن رأيهم فيها، وكانت النتيجة بأن المجموعة الأولى التي وضعت الأقلام بين أسنانها وجدت القصة مضحكة أكثر من المجموعة الثانية التي وضعت الأقلام بين شفاهها، لتُظهر الدراسة أن الابتسامة، وإن كانت «مُزيفة»، فإنها قد تُسعدك حقًا، وتزيد من فرص الابتسامة الحقيقية!

5- خطوط «العبوس» على جبهة الوجه

يبدو أنّ تأثير تعبيرات الوجه في مشاعرنا وتفكيرنا وحالتنا المزاجية لا يتوقف عند هذا الحد، وهي قضية شغلت فريقًا بحثيًا ألمانيًا، في مدرسة هانوفر الطبية، الذي أجرى بدوره تجربة علمية لدراسة تأثير تعبيرات الوجه في الحالة المزاجية للمصابين بالاكتئاب.

وافترض الفريق البحثي أنه من الممكن تحسين حالة المصابين بالاكتئاب؛ إذا ما تقلّصت لديهم خطوط «العبوس» العرضية التي تظهر على جبهة الوجه أعلى العينين، واستخدم الفريق البحثي حقنًا لتعطيل العضلات التي تُظهر خطوط العبوس تلك، من أجل إزالتها، وكانت النتيجة مذهلة؛ إذ كشفت التجربة أنّ 60% من المصابين بالاكتئاب الذين تعرضوا لتلك الحقن، شعروا بتحسّن ملحوظ في حالتهم المزاجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى