التضامن العربي..!!!

ان مسألة العمل الوحدوي العربي أو ما من شأنه أن يعمق هذا الفعل الذي تطمح له الشعوب العربية وقواها السياسية والوطنية في الارتقاء له ، أو أي عمل تجتمع فيه الطاقات العربية وفق رؤيا قومية وحدوية أو على الأقل خلق حالة من التضامن والتعاضد العربي في مواجهة المخططات والمؤامرات ، التي تستهدف توجيه ضربة للوطن العربي وابقاءه أسير سياسة الهيمنة الامبريالية الأمريكية.

ففي كل مرحلة أو انعطاف أصاب أحد الأقطار العربية كانت تتعالى الأصوات مطالبة بالتضامن العربي والعمل الجماعي العربي، وخاصة في اللحظات التي تشعر فيها الأنظمة العربية المتواطئة باقتراب انفجارات داخلية وانتفاضات شعبية أو ردود فعل غير رسمية تقوم فيها القوى الشعبية المكافحة، التي تخضع لسياسة القمع والقهر والاضطهاد، وتحرم من أبسط أشكال التعبير عن الذات في المعارك الوطنية والقومية والطبقية.

فشعار التضامن والوحدة يتم استخدامه وتوظيفه من قبل أنظمة العار والهزيمة لا لخلق حالة من العمل الوطني العربي، أو التضامن الرسمي العربي في قضايا الحد الأدنى التي تنشأ نتيجة السياسة العدوانية التي تمارسها الامبريالية الأمريكية، الأمر الذي يتسبب بأحراج شكلي لهذه الأنظمة أمام جماهيرها والقوى الوطنية والشعبية فترفع هذه الشعارات لتمييع الموقف الوطني الجذري الحازم وتفويت الفرصة على القوى والحركات الشعبية، ومنعها من أن تقوم بدور توعوي وتعبوي محرّض للجماهير ودفعها للنضال والمقاومة والمشاركة في المعارك الوطنية للشعوب العربية، خصوصاً وأنها تئن وتتألم وتعاني القهر والبؤس والفقر والاغتراب الانساني.

كذلك لم يخرج التضامن العربي من دائرة التنديد والاستنكار الخجول واعلان الدعم المعنوي، وفي الوقت نفسه ممارسة كل أشكال الضغط المالي والاقتصادي لتخريب أية خطوة عملية فعلية لمواجهة القوى الامبريالية العدوانية التي تستهدف الوطن العربي بأكمله.

أن هذه الحالة المتكررة وبشكل مأساوي على مدار التاريخ العربي الحديث تجسدت وتمثلت وبشكل فاضح في عام 1982 عندما كانت بيروت العاصمة العربية محاصرة ولمدة ثلاثة شهور ، وحين اجتاحت سلطات الاحتلال مخيم جنين ودمرته أبان حملة ” السور الواقي” ، وأيضاً اغتيالها القيادات الفلسطينية وحصارها للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رام الـله ، واجتياحاتها المتكررة لقطاع غزة التي توجتها بحربها المجنونة في العام الماضي . زد على ذلك الغزو الأمريكي للعراق وتدميره واعدام الرئيس العراقي صدام حسين في ليلة عيد الأضحى، فلم تستطع الدول العربية اتخاذ موقف موحد ، والأنظمة العربية المهترئة وقفت فاغرة فاها حاضنة لمبعوثي الادارة الأمريكية ، وعطلت وأعاقت عقد مؤتمرات قمة عربية لتوفير غطاء زمني للامبريالية. وحين أقامت مؤتمراتها لاحقاً زجت بقضايا بعيدة عن هدف المؤتمر لتعطيل اتخاذ أي قرار نظري في أحسن الأحوال ضد قوى الاستكبار والاحتلال.

وبعد كل هذا، هل يبقى مبرر لرفع شعارات أثبت التاريخ زيفها وسوء استخدامها؟

ان التضامن المطلوب هو تضامن الشعوب وقواها الوطنية التحررية مما قد يدفع الأنظمة الرسمية الى اتخاذ موقف يستند للحد الأدنى لمفهوم التضامن العربي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى