سلطنة عُمان تستعد للتوسط بين سلطة عباس وإدارة ترامب

رجح المراقبون السياسيون ان يكون هدف الزيارة المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، يوم الثلاثاء القادم، إلى رام الله، هو التوسط لإعادة تصويب العلاقة الفلسطينية- الأميركية التي تدهورت إثر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتصديقه على قرار بنقل السفارة الأميركية إلى المدينة.

وقد اشار هؤلاء المراقبون الى أن سلطنة عمان تمتلك تجارب سابقة في لعب دور الوساطة بين أطراف في الشرق الأوسط والإدارة الأميركية كانت أبرزها متعلقة بمفاوضات البرنامج النووي الإيراني والتي تم التمهيد لها من خلال قناة تواصل أميركية إيرانية جرت في مسقط قبل التوصل إلى الاتفاق الشهير مع مجموعة 5+1 عام 2015.

وكانت معلومات الزيارة قد صدرت مساء امس الاول الخميس عن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب، الذي نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية قوله إن الوزير العماني سيلتقي كبار المسؤولين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس.

وتأتي زيارة الوزير العماني متواكبة مع زيارات تقوم بها شخصيات من الصف الأول للإدارة الأميركية إلى الشرق الأوسط. وتشمل الزيارات المتفرقة لوزيري الخارجية ريكس تيلرسون، والدفاع جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، تركيا والأردن ومصر ولبنان والكويت، بما اعتبره المراقبون بمثابة إنزال أميركي سياسي عسكري دبلوماسي أمني في المنطقة.

ولفتت مراجع فلسطينية إلى أن زيارة بن علوي تستغرق عدة أيام لم يتحدد موعد نهايتها، مما يعطي إشارة هامة عن طبيعة زيارة الوزير العماني التي تتجاوز الديباجة التي أعلن عنها الرجوب.

وقال الرجوب إن الزيارة تأتي في إطار الدعم الذي تقدمه سلطنة عمان للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، كما تأتي تعزيزا للعلاقات الثنائية المشتركة ما بين دولة فلسطين وسلطنة عُمان.

ورأت المراجع أن مسقط ستسعى لدى قيادة السلطة لإيجاد صيغ للتعامل مع الأمر الواقع الأميركي الجديد بعد قرار ترامب بشأن القدس على نحو يوقف الجمود الراهن والذي فاقمته الأنباء التي تحدثت عن خطة وضعتها واشنطن للحل النهائي بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يسحب القدس من طاولة المفاوضات ويقترح منطقة أبوديس والقرى المجاورة عاصمة لفلسطين كما يسحب قضية اللاجئين من التداول، من خلال قرار وقف الولايات المتحدة تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا).

ويرى دبلوماسيون أوروبيون أن سلطنة عمان قد يمكنها تحقيق اختراق دبلوماسي بما تملكه من علاقات ممتازة مع كافة الفرقاء الإقليميين والدوليين، وما تملكه خصوصا من علاقات جيدة مع الطرف الفلسطيني كونها بقيت محايدة عن صراع المحاور الإقليمية التي رعت الانقسام الفلسطيني الحالي بين فتح وحماس كما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويؤكد هؤلاء أن حدة المواقف الصادرة عن تل أبيب وواشنطن ورام الله كما المواقف الخارجية الداعمة للفلسطينيين قد تساعد الوزير العماني على إعادة رسم خارطة طريق تأخذ بالاعتبار الهواجس والأجندات التي تعبر عنها تلك المواقف، وأن بن علوي يتحرك من موقع الصديق والحليف للسلطة الفلسطينية وأن أي مهمات وساطة تأخذ بعين الاعتبار مواقف سلطنة عمان داخل المجموعة العربية كما المتعلقة دوما بدعم الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية.

وأضافت المعلومات أن رد الفعل الفلسطيني والذي صدر أخيرا عن اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير كان تصعيدياً يوحي بأن الطرف الفلسطيني سيطرق أبوابا تأجل طرقها قبل ذلك، كما سيغيّر من قواعد اللعبة التي فرضتها اتفاقات أوسلو لعام 1994 لجهة قرار اللجنة بدرس سبل فك الارتباط مع إسرائيل.

ورأت مصادر دبلوماسية عربية أن الموقف الفلسطيني ليس ضعيفا وأنه يستند على موقف عربي حازم في رفض قرارات ترامب بشأن القدس في اجتماع وزراء الخارجية العرب، وعلى موقف الدول الإسلامية في إسطنبول، كما على الموقف الدولي العام الذي عُبِّر عنه داخل مجلس الأمن كما داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأضافت المصادر أنه رغم ما نقل عن المبعوث الأميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات من أن “صفقة القرن” الجاري إعدادها باتت في المرحلة الأخيرة، وأنها ستعلن قريبا، إلا أن واشنطن ما زالت تفتقد البيئة الفلسطينية العربية الحاضنة لتلك الصفقة، وأن موقف السلطة الفلسطينية أساسي ومحوري في هذا المضمار.

وكان غرينبلات، وفق مصادر إعلامية، أبلغ القناصل الأوروبيين المعتمدين في القدس، في لقاء جمعه بهم الأسبوع الماضي، بأن “الطبخة على النار، ولم يتبق سوى إضافة القليل من الملح والبهارات”، على حد تعبيره.

وبشأن فرص تطبيق الخطة في حال رفضت السلطة الفلسطينية الانخراط في التسوية التي ترعاها أميركا، قال غرينبلات إن “الفلسطينيين ليسوا طرفاً مقرِرا، والخطة الجاري إعدادها هي خطة للإقليم، الفلسطينيون طرف فيها، لكنهم ليسوا الطرف المقرِر، بل الإقليم”، وهو أمر أثار غضب القيادة الفلسطينية التي ردت بقرارات اللجنة التنفيذية الأخيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى