كيفية التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية؟
بقلم : أحمد السعدي
ما هي تصفية القضية ؟
لا يمكن الاجابة عن ذلك دون معرفة ما هي القضية الفلسطينية؟! وهل الصراع حولها وبسببها صراع فلسطيني مع هذا الكيان ومؤسسيه وحماته من الدول الاستعمارية!! أم هو صراع عربي ضد كيان استعماري صهيوني.. والاجابة على هذا السؤال لا تحتاج الى كثير من البحث فقد عرّفها الميثاق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي قامت على اساسه عام 1964. ونختار لذلك المواد التي تجيب على هذا السؤال.
وبالمناسبة هذا الميثاق كان موضع شبه اجماع بين الفلسطينيين وأقرته دول الجامعة العربية، وهذه هي بعض مواد الميثاق التي تتعلق بعروبة الصراع مع العدو الصهيوني.
مادة 1 – فلسطين وطن عربي تجمعه روابط القومية العربية بسائر الاقطار العربية التي تؤلف معها الوطن العربي الكبير.
مادة 4 – شعب فلسطين يقرر مصيره بعد أن يتم تحرير وطنه وفق مشيئته وبمحض ارادته واختياره.
مادة 8 – إن تنشئة الجيل الفلسطيني تنشئة عربية قومية واجب قومي رئيسي.
مادة 12 – الوحدة العربية وتحرير فلسطين هدفان متكاملان، يهيىء الواحد منهما تحقيق الآخر.
مادة 13 – إن مصير الأمة العربية بل الوجود العربي بذاته، رهن بمصير القضية الفلسطينية، ومن هذا الترابط ينطلق سعي الأمة العربية وجهدها لتحرير فلسطين، ويقوم شعب فلسطين بدوره الطليعي لتحقيق هذا الهدف القومي المقدس.
مادة 14 – إن تحرير فلسطين من ناحية عربية، هو واجب قومي تقع مسؤولياته كاملة على الأمة العربية بأسرها حكومات وشعوبا وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني.
مادة 19 – الصهيونية حركة استعمارية في نشوئها، عدوانية وتوسعية في اهدافها، عنصرية تعصبية في تكوينها، وان (اسرائيل) بوصفها طليعة هذه الحركة الهدامة وركيزة للاستعمار مركز دائم للقلق والاضطراب في الشرق الأوسط خاصة.
مادة 24 – لا تمارس هذه المنظمة اي سيادة اقليمية على الضفة الغربية في المملكة الاردنية الهاشمية ولا قطاع غزة ولا منطقة الحمة.
عروبة الصراع ليست من اختراع الميثاق القومي بل كان الفهم والممارسة والموقف من هذا الصراع عربيا منذ نشأته او لنقل منذ اعلان نشأته وفق تصريح بلفور، وزير الخارجية البريطانية في 2/11/1917 بانشاء وطن لليهود في فلسطين.
محطات رئيسية في هذا الصراع العربي / الاستعماري الصهيوني
* المحطة الاولى: خلال الانتداب والاحتلال البريطاني لفلسطين، 1917 – 1948، وكانت بريطانيا ايضا تحتل العراق وقواتها ترابط على ضفاف قناة السويس كقوة احتلال ايضا وفرنسا تحتل سوريا ولبنان.
خلال هذه الفترة كانت المقاومة للاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية مقاومة من قبل عرب فلسطين ومعهم قادة وجنود متطوعين من مختلف الاقطار العربية ولا سيما المجاورة لفلسطين، والى جانب القيادات الفلسطينية المقاومة للاحتلال والصهاينة اليهود كان عزالدين القسام من جبلة / سوريا ونائبه فرحان السعدي من فلسطين وكان سعيد العاص من حماة السورية ومعه عبدالقادر الحسيني من فلسطين وكان فوزي القاوقجي من لبنان ومعه متطوعون من العراق ولبنان وسوريا، وكان المتطوعون ومهربو السلاح من شرق الأردن ومبكرا في نيسان عام 1920 وفي هجوم للأردنيين على المستعمرات اليهودية استشهد الشيخ كايد المفلح عبيدات وأخوه فندي العبيدات وابن اخيه سلطان جبر المفلح عبيدات.
الثورة الكبرى 1936 – 1939، كانت المقاومة ضد الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية تتم من قبل متطوعين عرب وفلسطينيين وقد بلغت ذروتها عام 1936 باضراب عام شل الادارة البريطانية ورافقه ثورة كبرى، وتغيرت قيادة هذه القوات البريطانية اربع مرات وتضاعف عدد هذه القوات واستمرت الثورة والاضراب.
نداء الملوك والرؤساء للشعب الفلسطيني
فشلت القوات البريطانية في اخماد الثورة وفي انهاء الاضراب وبوساطة بريطانية أصدر ملك السعودية عبدالعزيز والأمير عبدالله أمير شرق الاردن والملك غازي ملك العراق والإمام يحيى ملك اليمن نداء الى القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بالدعوة الى الاخلاد للسكينة حقنا للدماء معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل.
توقفت الثورة في 12/11/1936 وعاد المتطوعون العرب الى بلدانهم وكما يقول المناضل الكبير بهجت أبوغربية في مذكراته: توقفت الاعمال العسكرية ونزل الجيش البريطاني الى الشوارع دون سلاح يغني ويرقص ويسكر كأنه في ايام عيد رأس السنة”. ولم تحقق بريطانيا عهودها بايقاف الهجرة اليهودية الى فلسطين ومنع نقل الاراضي لليهود فتم استئناف الثورة واستشهد العديد من قياداتها، وفي عام 1938 وفق تقرير حكومة فلسطين البريطانية مقتل 63 جنديا بريطانيا وجرح 200 وقتل 255 صهيونيا واستشهد 503 من العرب وصدر 148 حكما بالاعدام للمناضلين نفذت جميعها واعتقل حوالي خمسين الف شخص اداريا وسجن حوالي 2000 شخص.
ومن القادة الكبار الذين استشهدوا الشيخ فرحان السعدي حيث تم اعدامه وعمره 77 عاما كما استشهد القائد العام للثورة عبدالرحيم الحاج محمد، وقدر عدد الذين استشهدوا وجرحوا خلال ثورة فلسطين 8000 شخص (هذه المعلومات من مذكرات بهجت ابوغربية).
* المحطة الثانية من الصراع العربي مع العصابات الصهيونية عام 1948
مع نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين فان قوات من خمس جيوش عربية لخمس دول عربية دخلت فلسطين لمنع تقسيمها ومنع سيطرة الحركة الصهيونية عليها، وهي من مصر وسورية والاردن والعراق ولبنان دخلت فلسطين في 15/5/1948 وكان الى جانب جيوش هذه الدول وقبل دخولها لفلسطين قوات من عرب فلسطين من خلال جيش الجهاد المقدس (8 – 10) آلاف مقاتل وقوات عربية متطوعون في جيش الانقاذ (3 – 4) آلاف مقاتل، والقوات الصهيونية قدرت بـ 67 الف مقاتل وعدد قوات الجيوش العربية التي دخلت فلسطين حوالي 15 ألف مقاتل.
وعلى مدى شهرين تخللهما هدنتان فكان عدد ايام القتال في حدود ثلاثين يوما وخلال الهدنتين تلقت العصابات الصهيونية دعما بالسلاح بما فيها الطائرات الحربية وبالمقاتلين المدربين ورغم استبسال القوات العربية التي هي أقل عددا وعدة فجاءت الهدنة الدائمة مع مصر في 24/2/1949 ومع لبنان في 23/3/1949 ومع شرق الأردن في 3/4/1949 ومع سوريا في 30/7/1949، وكانت العصابات الصهيونية قد احتلت 78% من فلسطين.
واستشهد على ارض فلسطين عام 1948 في هذه المعارك جنودا ومتطوعون من عدة دول عربية ويستحق الأمر ذكر تلك الأعداد وجنسياتهم كما وردت في مذكرات موثقة للكاتب الفلسطيني عارف العارف نوجزها كالتالي:
شهداء حرب 1948 / 1949
- الشهداء من ابناء فلسطين: 13151، + 30 ألف شهداء في حروب أو معارك (1920 – 1938). مجموع الشهداء من أبناء فلسطين حوالي 45 ألف شهيد.
- الشهداء من المصريين: رجال الجيش 862، متطوعون 234، المجموع 1096.
- الشهداء من شرق الأردن: الجيش العربي 365، متطوعون 99، المجموع 464.
- الشهداء من اللبنانيين: الجيش اللبناني 11، المتطوعون 351، المجموع 362.
- الشهداء السعوديون: الجيش السعودي 67، المتطوعون 107، المجموع 174.
- الشهداء السوريون: الجيش السوري 308، المتطوعون 54، المجموع 362.
- شهداء جيش الانقاذ من عدة دول عربية: 440، ومن دول غير عربية 63
المجموع في حرب 1948 :16416 شهيدا.
المصدر: عارف العارف، النكبة، الجزء الثالث، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 2013.
* المحطة الثالثة 1949 – 1956
هذه المأساة او كما سميت (النكبة) عام 1948، احتلال 78% من فلسطين وتشريد نصف سكانها من العرب (حوالي 750 ألفا) أحدث زلزالا في الوطن العربي ولا سيما في المشرق العربي، وشعور جيوش الدول المشاركة الرئيسية في هذه الحرب، بخذلان حكوماتهم لهم، وعمت الشعوب العربية نقمة على حكوماتهم، فتم اغتيال الملك عبدالله ملك الاردن عام 1951 وهو الذي كان قائد القوات العربية في تلك الحرب واغتيال رياض الصلح رئيس وزراء لبنان في عمان في نفس العام، وحصلت سلسلة من الانقلابات العسكرية في سوريا بدءا من عام 1949 ثم انقلاب عسكري في مصر عام 1952 وتم الغاء الحكم الملكي فيها واقامة النظام الجمهوري، وتم توقيع اتفاقية اجلاء للقوات البريطانية عام 1954 بعد قيام عمليات فدائية ضد القوات البريطانية المرابكة حول قناة السويس. وتبنى هذا النظام قضية التغيير في الوطن العربي نحو الوحدة العربية، وتم تعريب الجيش العربي الأردني من الضباط البريطانيين وانهاء خدمات قائد الجيش البريطاني كلوب في 1/3/1956، والغاء المعاهدة الأردنية البريطانية، وتبع ذلك انقلاب في العراق عام 1958 ضد الحكم الملكي وضد حلف بغداد المرتبط بالحكومة البريطانية ، وساد الوطن العربي التحرك القومي الوحدوي ضد الاحلاف والقواعد العسكرية والاستعمار فقامت الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا عام 1958، وبدأت ثورة الجزائر ضد الحكم الفرنسي عام 1954 بدعم من الشعوب العربية ومن جمهورية مصر العربية حتى تحررت عام 1962، وسبق ذلك تحرر دول المغرب العربي تونس والمغرب من الاستعمار الفرنسي.
مع اشتداد التآمر على الحركات الوحدوية فكان الانفصال عام 1961، حيث انفصلت سوريا عن الوحدة مع مصر، وفي عام 1962 كان الانقلاب العسكري على النظام الملكي في اليمن، وبدأت الحرب في اليمن بين النظام الجمهوري الجديد مدعوما عسكريا من مصر وبين الملكيين مدعومين من السعودية والأردن.
وبالرغم من النتائج المأساوية لحرب 1948 استمرت المقاومة والأعمال الفدائية، وكان القتلى من الصهاينة على يدهم كالتالي:
العام | عدد القتلى الاسرائيليين | |
1951 | 128 | وكان في السنوات الأخيرة دعم للعمل الفدائي من القوات المصرية بقيادة مصطفى حافظ في غزة وصلاح مصطفى في الاردن يساعده المجاهد الفلسطيني صبحي ياسين وفي سوريا كانت هناك كتيبة الاستطلاع الفلسطينية تابعة للجيش السوري تدعم عمليات الاستكشاف داخل فلسطين. |
1952 | 68 | |
1953 | 71 | |
1954 | 57 | |
1955 | 74 | |
1956 | 117 |
وفي عام 1949 انضمت ما يسمى الضفة الغربية وهي الجزء الذي لم تحتله (اسرائيل) الى الأردن، وتشكلت بذلك المملكة الاردنية الهاشمية من الضفتين الغربية والشرقية.
* المحطة الرابعة: الهجوم الاسرائيلي على غزة في 28/2/1955، وكسر احتكار الغرب لتسليح الدول العربية والعدوان الثلاثي (الاسرائيلي، الفرنسي والبريطاني) على مصر عام 1956 وتأميم قناة السويس
كان نتيجة هذا الهجوم مقتل 39 جنديا مصريا، ودعمت مصر الرعمل الفدائي وتوالى الهجوم من الكيان الصهيوني على قطاع غزة، وأحدثت العمليات الفدائية أضرارا مادية وأوقعت عددا من القتلى الاسرائيليين، وكان لا بد من مواجهة العدوان الاسرائيلي، ففي ايلول 1955 أعلن رسميا عن شراء مصر صفقة اسلحة من المعسكر الشرقي وكان ذلك كسرا لاحتكار الغرب للسلاح. ورفض البنك الدولي تمويل بناء السد العالي، حيث رفض الرئيس المصري محاولات الولايات المتحدة لتحقيق الصلح مع اسرائيل، وأن يجتمع عبدالناصر مع رئيس وزراء اسرائيل فرفض عبدالناصر ذلك، واتضح للولايات المتحدة أن مصر الثورة أصبحت مركز التمرد العربي ضد الولايات المتحدة وكان رد الرئيس المصري تأميم قناة السويس في 26/7/1956، وفي 29/10/1956 بدأ العدوان الثلاثي من اسرائيل وبريطانيا وفرنسا على مصر، بقيام القوات الاسرائيلية بشن هجوم واسع على القوات المصرية وصولا لقناة السويس، وفي 5/11 بدأ الانزال البريطاني والفرنسي جنوب بورسعيد، وتضامنت الحكومات والشعوب العربية ودول عدم الانحياز مع مصر، ووجه الاتحاد السوفياتي انذارا للقوات المعتدية بالانسحاب وبدأت المقاومة الشعبية في مصر ضد قوات العدوان، وتضامنت دول العالم الثالث مع مصر، واخيرا رأت الولايات المتحدة ان تطورات الأحداث تستوجب سحب هذه القوات.
* المحطة الخامسة: الرئيس المصري جمال عبدالناصر يدعو لقمة عربية لبحث موضوع تحويل العدو الصهيوني لمجر نهر الاردن.
وقرر المؤتمر انشاء هيئة لاستغلال مياه نهر الأردن وانشاء قيادة عربية موحدة لعزيز الاستعدادات العسكرية، وجاء في قرارات المؤتمر ان الاستعداد العسكري العربي الجماعي هو الوسيلة الأخيرة العملية للقضاء على اسرائيل نهائيا، وأن قيام اسرائيل هو الخطر الاساسي الذي اجتمعت الأمة العربية بأسرها لدحره.
قرر المؤتمر ان يقوم السيد احمد الشقيري ممثل فلسطين لدى الجامعة العربية بالاتصال بالدول العربية وبالشعب الفلسطيني بغية الوصول الى القواعد السليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني وتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه. وعليه عقد المؤتمر الفلسطيني الأول في 28/5/1964.
* المحطة السادسة والسابعة: حرب حزيران 1967 وردة الفعل عليها حرب عام 1973
وهي الحرب التي شنتها القوات الصهيونية على ثلاث دول عربية، فاحتلت سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة.
وبالرغم من الهزيمة الكبرى في هذه الحرب للدول العربية الا انها اعتبرت ذلك خسائر معركة وليست خسائر حرب، وتم رفض نتائج هذه الحرب في مؤتمر القمة العربية في السودان والذي اصدر لاءاته الشهيرة (لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بالعدو الصهيوني)، وبدأت مصر وسورية تعيدان بناء جيوشهما، وبدأت مصر حرب الاستنزاف في 8/3/1969، بل وبعد عشرين يوما من حرب 1967 ونتائجها المأساوية حتى اشتعلت الحرب في معركة رأس العش في 1/7/1967 واستمر القتال متقطعا وصولا لحرب استنزاف مستمرة، وحصلت على الجبهة السورية معارك مع العدو الصهيوني. والاستعداد مستمر لحرب شاملة كانت بداية هذه الحرب في 6/10/1973 حيث بدأت القوات المصرية والسورية المعركة مع هذا العدو وبدعم مالي وعسكري من دول عربية أخرى، وكانت نتائج الحرب متوازنة والتي استمرت حتى 22/10/1973 عند صدور قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف اطلاق النار.
فلسطنة الصراع تآمر على فلسطين وعلى وحدة المصير العربي
حتى عام 1973 ومعركة مصر وسوريا ضد الاحتلال الاسرائيلي لسيناء المصرية وجولان السورية كان الصراع مع العدو الصهيوني صراعا عربيا واسرائيليا، وفي عام 1974 وبعد سنة من هذه المعركة كان قرار مؤتمر القمة العربية في الرباط في 29/10/1974 بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشأن الفلسطيني.
ولعب الاعلام دوره بتوصيف ذلك انجازا فلسطينيا وان القيادة الفلسطينية هي الاكثر حرصا على فلسطين!! وتجاهل الاعلام والاعلاميون أن الممثل الشرعي الوحيد اصبح وحيدا او أريد له أن يكون وحيدا يتحمل آثام التصالح مع العدو الصهيوني، وهذه الفلسطنة للصراع لم تبدأ بقرار مؤتمر القمة الرعبي بل جاءت بعد تبني قيادة منظمة التحرير الفلسطينية للبرنامج المرحلي ذي النقاط العشر الذي في مادته الثانية جعل هدف المنظمة اقامة سلطة الشعب الوطنية، على أي جزء من الاراض الفلسطينية التي يتم تحريرها. وكانت قيادة المنظمة المتمثلة بحركة فتح بدأت ترسل اشاراتها عن رغبة القيادة الفلسطينية في التوصل الى تسوية سلمية للصراع وبعض هذه الاشارات كان ضمن مقالات لسعيد حمامي ممثل حركة فتح في لندن واحد هذه المقالات وفي منتصف تشرين ثاني 1973 والذي اشار الى هدف قيام دولة فلسطينية.
حرب عام 1973 آخر الحروب
الرئيس المصري السادات يرى في فلسطنة الصراع مع العدو الصهيوني المبرر لايجاد حل للصراع المصري مع هذا العدو، وقد أعلن في 19/11/1977 رغبته بزيارة (اسرائيل) والقاء خطاب سلام في الكنيست وان حرب 1973 هي آخر الحروب، وزار الكيان وبدأت المباحثات للتوصل الى اتفاقيات سلام عام 1978 / 1979 وحين وقع السادات الاتفاقياتع قاطعته جميع الدول العربية ونقلت مقر الجامعة العربية الى تونس، بينما حين وقع عرفات ما هو أخطر من ذلك جعله الإعلام المضلل رمزا وطنيا.
فلسطنة الصراع تباركها الأمم المتحدة وتدعو عرفات لالقاء خطاب فلسطين كعضو مراقب.
وهكذا تم فلسطنة الصراع فلسطينيا وعربيا ودوليا.
في هذه الورقة لا يتسع المجال للحديث عن بذور هذه الفلسطنة والتي كانت بداياتها عام 1968 مع بروز حركة فتح وبدء محادثاتها لتكون هي قيادة المنظمة فكانت مطالباتها بتعديل على الميثاق القومي الفلسطيني بتغيير اسمه للميثاق الوطني الفلسطيني وتغيير المادة الأولى لتنص على أن (فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني) بدلا من نص (فلسطين وطن عربي)، وأسقطت، أي حذفت المادة الرابعة والعشرون التي تنص على أن (لا تمارس هذه المنظمة اية سيادة اقليمية على الضفة الغربية في المملكة الاردنية الهاشمية ولا قطاع غزة).
هذه الفلسطنة التي تتابعت خطواتها وصولا لاتفاقية أوسلو في 13/9/1993 وهي الاتفاقية التي تشمل رسالة من الرئيس عرفات الى رئيس وزراء (اسرائيل) اسحق رابين في 9/9/1993 وتنص على الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود بسلام وأمن، وان الفقرات الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر على (اسرائيل) حق الوجود ستصبح ملغاة وغير سارية المفعول بعد الآن. وان منظمة التحرير الفلسطينية، ستتحمل مسؤولية جميع عناصر وموظفي منظمة التحرير كي تضمن اذعانهم وتمنع الخروقات وتتخذ الاجراءات التأديبية بحق المخالفين.
وبرغم كل هذه التنازلات والتعهدات الذليلة فكل ما تعهد به رابين في رسالة جوابية أنها تعترف بالمنظمة ممثلا للشعب الفلسطيني وبدء المفاوضات معها.
هل هنالك من يوقع اتفاقية قبل المفاوضات؟!
هذه القيادة الممثلة حاليا بمحمود عباس تطلب من بريطانيا الاعتذار عن تصريح بلفور؟ فمن يطالب عباس بالاعتذار عن رسالته الأكثر خطورة من رسالة بلفور التي لا تذكر (حق اسرائيل بالوجود).
واكتشاف جديد لمحمود عباس انه لم يعد يقبل بوساطة الولايات المتحدة لانها متحيزة للكيان الصهيوني، لمن يدلي بهذا التصريح؟! وهل اصبح محمود عباس فجأة قادرا على تحديد من الذي يتوسط في الصراع!!
المطلوب:
- العودة للميثاق القومي الفلسطيني فلا يوجد أرض محتلة يتم تحريرها بالتفاوض وخصوصا من قيادة فلسطينية تجهل أبسط شروط التفاوض إن لم تكن متنازلة عن حقوق الشعب الفلسطيني بإصرار ووعي!! واذا كان الأمر جهلا فلتعتذر وتستقيل.
- وأما المنظمات الأخرى التي تؤمن بتحرير فلسطين وبالمقاومة وفي مقدمتها المقاومة المسلحة فان تصالحها مع القيادة المستسلمة المروجة للتطبيع مع العدو والتي تقوم بتقديم الخدمات الأمنية له، وتنوب عنه بمسؤوليات ادارة المناطق المحتلة، أليس ذلك دعما لهذا النهج المستسلم؟!
- في قضايا التحرير، وضوح الموقف والالتزام به من قبل القيادة هو الذي يستقطب المقاومين الشرفاء وغير ذلك يستقطب الانتهازيين والمنتفعين.
- كيف يجوز أن نلعن اتفاقية اوسلو ليل نهار، ولكننا نعتبر موقعيها عرفات وعباس، رموزا وطنية؟! مجتهدون أخطأوا، لكنهم لا يعترفون بخطئهم البسيط!! بيع وطن!! التنازل عن وطن، خدمة العدو أمنيا، كل هذه اجتهادات!! من هي هذه القيادة؟ لذلك حديث آخر يطول ولكن لا بد منه. فسيأتي وقته قريباً. التصالح مع هذه القيادة هو تصالح مع العدو الصهيوني، قيادة لا يصدقها عاقل حيث تتحدث عن المقاومة فهي غارقة في التضليل منذ السبعينيات من القرن الماضي.
- عدم التورط بأهداف مضللة كهدف حل الدولتين أو الدولة الواحدة، أو اي هدف غير هدف التحرير.
- في كل بلد تم احتلاله كانت هنالك مجموعات وافراد وقيادات تعمل الى جانب الاحتلال وبذرائع مختلفة، لحماية السكان!! لتخفيف بطش المحتل!! لتبني ما هو ممكن!! فلذلك لا نستغرب أن يكون لدى الفلسطينيين أو العرب عموما من يروج للاحتلال والتصالح معه وتطبيع العلاقات ولجان الصداقة.. الخ.
- ان خروج الفدائيين من بيروت عام 1982 بعد معركة مجيدة كبيرة لثلاث شهور واتجاه رئيس المنظمة ياسر عرفات من بيروت الى فاس / المغرب بحماية غربية استعمارية ليشارك في قمة عربية أقرت مبادرة ولي العهد السعودي الأمير فهد والتي تتضمن الاعتراف بالعدو الصهيوني أعقبها مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا التي أعملت فيها الميليشيات المتعاونة مع العدو الصهيوني وعلى مدى يومين جرائم ذبح بالسكاكين لنساء وشيوخ واطفال وعمليات اغتصاب وكانت القوات الصهيونية تحيط بالمخيمين ورفضت الولايات المتحدة التحقيق الدولي في هذه المجزرة، وفي عام 2002 حيث اقر مؤتمر القمة العربية مبادرة سلام مع العدو الصهيوني تقدم بها ولي العهد السعودي أعقبها مباشرة مجزرة جنين ونابلس.
هذا التوجه للتصالح مع العدو الصهيوني والذي انتهى باتفاقية أوسلو المأساوية وتجريم العمل الفدائي ضد الكيان الصهيوني مما أدى الى مضاعفة الاستيطان في الضفة الغربية ولكن العمل الفدائي الذي قام به حزب الله ضد القوات الصهيونية المحتلة في جنوب لبنان وضد القوات الأمريكية والفرنسية وقتل المئات من هذه القوات مما أجبرها على مغادرة لبنان بدون قيد أو شرط كما أن المقاومة في غزة أجبرت العدو الصهيوني الانسحاب منها وحصارها لتصبح أكبر سجن في العالم، فلم يجد المتآمرون على المقاومة سوى افتعال حرب مذهبية، حرب سنة وشيعة وتطور ذلك الى عدوان دولي على سوريا لا سابق له بوحشية وباسم الاسلام والجهاد الاسلامي ومحاربة ما سمي التشيع وباسم المجاهدين السنة تحت الراية الأمريكية. حرب هدفت الى تضليل الراي العام وتجاهل الخطر الصهيوني المحدق تحت أوهام الجهاد ضد الشيعة وكان الأمريكان في العراق افتعلوا حربا مذهبية ما سموه لصالح الشيعة ضد السنة!! وأما في افغانستان فكان الجهاد ضد الاتحاد السوفياتي يقوم به المسلمون سنة وشيعة!!