الاديب المصري إحسان عبدالقدوس .. روائي الحب وفدائي السياسة

 

صانع الحب وبائعه وكاهن معبده، صاحب القلم الحر، كثير منا لا يعلم الجانب الثوري في شخصيته، لا يعلم نضاله بالسجون ودفاعه عن قضايا الوطن، لم يكن إحسان عبد القدوس ينتمي لأي من الأحزاب السياسية إلا أنه كان ينتمى إلى كل القوى الوطنية التي ناضلت من أجل حرية الشعب واحترام الدستور.

إحسان بن محمد عبد القدوس بن الشيخ أحمد رضوان، ولد فيي كفر مأمونة مركز زفتى في عام 1919م، والده هو الممثل محمد عبد القدوس كان يعمل مهندسًا بالطرق والكبارى، وجده الشيخ أحمد رضوان من خريجي الأزهر الشريف وعمل بالمحاكم الشرعية، أما والدته فهي فاطمة اليوسف إحدى رائدات الصحافة المصرية والتي أصدرت مجلة روز اليوسف عام 1925م.

وقبل أن يسافر والده لإيطاليا لدراسة فن التمثيل ألحقه بأحد الكتاتيب في العباسية لتعليمه الكتابة والقراءة والحساب، وبعد عودته أدخله مدرسة السلحدار الابتدائية في باب الفتوح وانتقل منها إلى مدرسة خليل أغا ومنها إلى مدرسة فؤاد الأول والتي حصل منها على التوجيهية في عام 1938م، ثم درس الحقوق بجامعة القاهرة وتخرج في عام 1942م، فعمل بالمحاماة وكان يتدرب في مكتب إدوارد قصيري المحامي فترة لكنه مال بعد ذلك إلى العمل الصحفي الذي أحبه ووجد تشجيعاً من والدته بالعمل في الصحافة حيث كانت تأمل أن يكمل هو مسيرتها في الصحافة .

كانت أول مواجهاته الصحفية والتي أظهرت الوطنية في شخصيته في عام 1945م عندما كتب مقالًا ثوريًا بمجلة روز اليوسف ضد المستعمر الإنجليزي بعنوان (هذا الرجل يجب أن يذهب) مطالبًا فيه برحيل المندوب السامي البريطاني اللورد كيلرن عن مصر، وعلى أثر هذا المقال الذي أحدث ضجة واسعة أمر محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء في تلك الفترة بإدخاله السجن، كما أصدر أمرًا بمصادرة مجلة روز اليوسف، وكان عبد القدوس في السادسة والعشرين من عمره، وبعد أربعة أيام أفرج عنه النقراشي باشا ليصبح الصحفي الوحيد الذي هاجم المندوب السامي البريطاني اللورد كيلرن.

ويحسب له أيضًا إثارة قضية الأسلحة الفاسدة والصفقات المشبوهة والتي كانت من أسباب الهزيمة في حرب فلسطين، وذلك على صفحات روز اليوسف في يوليو عام 1949م، وجدد الحملة عندما تولى مصطفى باشا النحاس الوزارة الوفدية عام 1950م، فتم التحقيق في القضية واستدعته النيابة لسماع اقواله، فقدم مستندات ووثائق تشير إلى تورط بعض من الأمراء ورجال الأعمال وكبار الضباط ، وبعد إنتهاء التحقيقات تم إبعاد حيدر باشا عن منصبه كقائد عام للقوات المسلحة، وإقالة رئيس هيئة أركان الحرب وإحالة 12 ضابط للمعاش وحفظت القضية.

سُجن إحسان عبد القدوس للمرة الثانية بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م حيث كتب ثلاثة مقالات بمجلة روز اليوسف تحت عنوان (الجمعية السرية التي تحكم مصر) فأُدخل السجن الحربي وحُبس في زنزانة انفرادية من 29 نيسان 1954م وحتى 31 يوليو 1954م، كما طالب بخروج الضباط الأحرار وعلى رأسهم جمال عبد الناصر وإعادة الحياة النيابية.

عُين رئيساً لتحرير روز اليوسف وظل في هذا المنصب حتى عام 1966 م حيث تولى بعدها رئاسة تحرير صحيفة أخبار اليوم في 13 حزيران سنة 1966م واستمر في هذا المنصب حتى عام 1968م حين أقاله محمود أمين العالم الذي تولى وقتها منصب رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، وعندما أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قراراً بتولي محمد أنور السادات مسئولية  الإشراف على دار أخبار اليوم استبعد محمود الأمين العالم وأعاد عبدالقدوس إلى رئاسة التحرير للمرة الثانية في عام 1969م.

وعندما أصبح السادات رئيساً للجمهورية أصدر قراراً في عام1971م بإعادة تشكيل مجلس أخبار اليوم برئاسة عبدالقدوس واستمر يشغل هذا المنصب حتى عام 1974م، وفي عام 1975م عين رئيساً لمجلس إدارة الأهرام وظل في هذا المنصب حتى عام 1976م، ثم أصبح مستشاراً للأهرام وكاتباً متفرغاً حتى وفاته في 11 كانون الثاني سنة 1990م إثر نزيف في المخ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى