معظمها طائفي وبعضها سياسي .. خارطة الأحزاب الرئيسية في لبنان

لبنان، بلد صغير بمساحته، كبير بتنوّع أطيافه وأحزابه وتياراته. ولا يصدّق أحد أن الـ10452 كم التي تشكل مساحته تحوي هذا الكم الهائل من التعدّد والتوجّهات. ولأننا بتنا على مقربة من الإنتخابات النيابية في بلاد الأرز، الإنتخابات التي تشتد فيها التحالفات وتتكاتف فيها الأحزاب بغية الحصول على أكبر نسبة من مقاعد البرلمان الصغير، من الجيّد أن نمرّ على الأحزاب اللبنانية التي ترتكز بغالبيتها على قواعد شعبية من طائفة معينة، لنعرف نشأتها، تاريخها، تحالفاتها، توجّهاتها وأهدافها.

توجد في لبنان 18 طائفة، ستٌّ منها أساسية، من منظار حضورها السياسي، وهي الموارنة، الأرثوذكس، الكاثوليك، السنّة، الشيعة والدروز. ومن الصعب ايجاد معيار واحد يمكن اعتماده في تصنيف الأحزاب اللبنانية، لكن ما يعرفه الجميع، أنه وبعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والأحداث التي أعقبته، انقسمت القوى السياسية اللبنانية بين تحالفين رئيسيين: قوى 14 آذار التي يشكل تيار المستقبل عمودها الفقري، وقوى 8 آذار التي تضم القوى الشيعية، والتيار الممثّل للأكثرية المسيحية.

تيار المستقبل

كان رفيق الحريري زعيما لتيار المستقبل، وهو جمعية سياسية أسسها بنفسه. وبعد اغتياله عام 2005، تسلم قيادته نجله النائب سعد الدين الحريري. كان التيار عنصرا أساسيا في ما سمّي ثورة الأرز، وهو حليف للقوات اللبنانية وحزب الكتائب و قوى سياسية أخرى في ما يسمى بتحالف 14 آذار.

ما يميّز تيار المستقبل، أنه يمثّل الغالبية السنية في لبنان، ومعروف بولائه للسعودية، لكن هناك كلام عن توتر في العلاقات بعد احتجاز سعد الحريري في الرياض، حيث يرى مطّلعون أن الولاء للمملكة داخل التيار قد ضعف، لكن وكما يقال “العين لا تعلو عن الحاجب”.

التنظيم الشعبي الناصري

التنظيم الشعبي الناصري، حزب سني آخر ثقله في مدينة صيدا، أسسه معروف سعد في العام1973  وهو إحدى ممثلي التيار الناصري في لبنان إلى جانب حركة الناصريين المستقلين واتحاد قوى الشعب العام وحركات صغيرة أخرى. بعد وفاة معروف سعد سنة 1975،خلفه نجله مصطفى على رأس الحزب. شارك في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إبان غزوه للبنان، ومعروف بمواقفه الحالية المناهضة له، يرأسه حاليا النائب السابق في مجلس النواب اللبناني أسامة سعد.

ينشط التنظيم الشعبي الناصري تحت لواء 8 آذار، وإلى جانبه تيار الكرامي، الذي يرأسه فيصل كرامي، إبن رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي، وحفيد الشهيد رشيد كرامي.

حزب الله

حزب الله هو عبارة عن “حركة إيمانية جهادية” كما يعبّر عن نفسه. تأسس سنة 1982، ساهم بتحرير لبنان الأول عام 1985 عبر العمليات التي حدثت في صور وبيروت ومناطق أخرى ضد المواقع والمراكز الاسرائيلية، وتمكّن بعد سلسلة عمليات من تحرير القسم الأكبر من الجنوب والبقاع الغربي، وذلك في أيار سنة 2000. وفي العام 2006 تمكن الحزب من صد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وإفشال كل الأهداف التي رسمها الكيان الصهيوني في حربه التي سماها حرب لبنان الثانية.

ومع اندلاع الأزمة السورية، دافع الحزب عن حدود لبنان مرة أخرى، ومنع الإرهابيين من دخول البلاد، وقاتل إلى جانب الجيش السوري أيضا، لمواجهة المشروع الأمريكي في المنطقة.

ظهر الحزب إلى العلن من خلال رسالته المفتوحة سنة 1985، ويشارك في الحياة السياسية في لبنان، ويمثّله حالياً نواب في البرلمان النيابي، ووزراء في المجلس الوزاري. وهو النواة الأساسية لقوى 8 آذار.

أنجز حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يرأسه العماد ميشال عون تفاهماً سياسياً تمَّت صياغته بعد مداولات استمرت لعدة أشهر، وتمّ الإعلان عنه في اجتماع مشترك بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، رئيس جمهورية لبنان الحالي، في صالون كنيسة مار مخايل بتاريخ 6 شباط 2006 فيما سمي بـ :”ورقة التفاهم المشترك بين حزب الله والتيار الوطني الحر”. أسّس هذا التفاهم لقاعدة الحوار حول المقاومة وسلاحها بدل المنطق الذي اعتمده القرار الدولي 1559 في نزعه.

حركة أمل

أما حركة أمل أو أفواج المقاومة اللبنانيّة، الشريك الشيعي القوي لحزب الله، تأسّست تحت مسّمى حركة المحرومين بعد دعوة الإمام السيد موسى الصدر في خطاب ألقاه بتاريخ 20/1/1974، بمناسبة ذكرى عاشوراء، وذلك بغية التصدي للإعتداءات الإسرائيلية.

ترأّس الحركة بعد السيّد  الصدر رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني، أمّا الآن فيرأسها رئيس مجلس النواب اللبناني الحالي نبيه بري.

التيار الوطني الحر

التيار البرتقالي أو التيار العوني، تيار يرفع شعار التغيير والإصلاح، يرأسه جبران باسيل، ويمثّل الغالبية المسيحية من الشعب اللبناني، تم الإعلان عنه في أيار من العام 2005 بعد عودة العماد عون من فرنسا. هو حليف لحزب الله، يوافقه الرأي في ضرورة محاربة الكيان الصهيوني، وكان داعما أساسيا له في حرب العام 2006، ويرسم مع باقي قوى 8 آذار الخطوط العريضة في السياسة الداخلية. ورغم كونه حليفا للحزب إلا انه ليس حليفا لـ”أمل” بل “حليفا للحليف” كما يصفه الشعب اللبناني.

التيار العوني ليس المسيحي الوحيد في 8 آذار، فتيار المردة بقيادة سليمان فرنجية له وجوده أيضا، وهو معروف بعدائه لإسرائيل، ومواقفه الوطنية الداعمة للمقاومة.

حزب الكتائب

ولدت الكتائب إحدى قوى 14 آذار عام 1936، على يد بيار الجميل في عهد الانتداب الفرنسي، ولكن لم يعترف بها كمنظمة قانونية، إلا في كانون الأول من العام 1943، عقب استقلال لبنان.

يستمد الحزب مبادئه من أن لبنان جزء من بلاد البحر الأبيض المتوسط، كما أنه جزء من العالم العربي، وبحُكم هاتَين الصفتَين، فإن رسالته خاصة، لا يمكنه أن يؤديها، إلا إذا أبقِي له طابعه الخاص، أي أن تبقى للمسيحيين أكثرية الوظائف الحكومية والمقاعد النيابية. أما إذا رفض المسلمون بقاء السيطرة المسيحية، فإن المسيحيين غير ملومين، إنْ استنجدوا بدولة أجنبية؛ وهو ما حدث عام 1958، وتكرر عام 1960.

القوات اللبنانية

أما القوات اللبنانية، فهي منظومة عسكرية أسسها بشير الجميّل سنة 1976، الذي أصبح رئيسا لجمهورية لبنان، ويوجد جدل واسع حول شخصيّته، خصوصا أنه اشتهر بعلاقته مع كيان الإحتلال، فمنهم من يراه عميلا، كحبيب الشرتوني الذي اغتاله عام 1982، ومنهم من يرفض وصفه بذلك، ويرى منه رئيسا “شهيدا”.

قائد “القوات” الحالي هو سمير جعجع المقرّب من السعودية، والمحسوب على قوى 14 آذار.

الأحزاب الدرزية

تتمثل الأحزاب الدرزية، بالحزب التقدمي الإشتراكي، الذي يرأسه وليد جنبلاط، المتقلّب بين 8 و14 آذار، والمعروف “ببيضة القبان”، والحزب الديمقراطي اللبناني الحليف لـ14 آذار، أسسه ويرأسه طلال أرسلان، انطلق الحزب في 1 يوليو2001 وانتخب النائب أرسلان رئيسا له. يعتبر الحزب امتدادا لنضال الأمير مجيد أرسلان وهو يعد من أكبر المنافسين للحزب التقدمي الاشتراكي.

الحزب القومي

جميع الأحزاب التي تقدمت، أحزاب ذات طابع طائفي، لكن ذلك لا يعني عدم وجود أحزاب لا تحمل طابعا كهذا، فهناك الحزب القومي الإجتماعي، الذي أنشأه أنطون سعادة، عام 1933، تحت اسم “الحزب القومي السوري”. وبعد الحرب العالمية الثانية، غير اسمه إلى “الحزب القومي الاجتماعي”، ويتلخص موقف الحزب من لبنان، في ثلاث نقاط:

  1. فكرة الكيان اللبناني، لم تظهر بمظهرها الطائفي، إلا بعد عام 1860، فلا مبرر لبقائها.
  2. مشروع سورية الكبرى، هو مشروع قومي صرف، اتخذ السياسة وسيلة لتنفيذه.
  3. الأمة السورية، هي قلب سورية النابض.

وبالطبع هناك أحزاب أخرى لا يتسع المجال لذكرها.

هذا وتوافقت جميع الأطراف اللبنانية على قانون إنتخابي جديد، يعمل على أساس النسبية، لكن لا يلغي النظام الطائفي، ويأمل بعض اللبنانيين أن تكون الإنتخابات المقبلة، تجربة ناجحة للقانون الجديد، كي يتسنى لهم المطالبة بالعمل على قانون نسبيّ كامل يضمن حقوق الجميع بعيدا عن الطائفية، فهل بالإمكان حصول ذلك في ظل وجود هذا الكم الهائل من الأحزاب التي نشأت على أساس طائفي؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى