سفير امريكي يحذر القادة الإسرائيليين من التباعد عن الحزب الديمقراطي
حذر السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو القيادة الإسرائيلية من “حرق الجسور” مع الحزب الديمقراطي وربط نفسها بالجمهوريين فقط، وسط ارتفاع حاد في الانقسامات بين الحزبين حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، كما أظهرت نتائج استطلاع رأي جديد لمركز “بيو” نُشرت نتائجه يوم الثلاثاء.
وقال دان شابيرو في مقال رأي كتبه مع تمارا كوفمان ويتس ونُشر في مجلات “ذي أتلانتيك”: “قد يجد القادة الإسرائيليون صعوبة في مقاومة الإغراء في ركوب الموجة، ويقومون باحتضان جانب واحد في الصراعات السياسية الحزبية في الولايات المتحدة – كما فعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما قام بترتيب خطاب له في الكونغرس ضد الاتفاق مع إيران بالتنسيق فقط مع قيادة الجمهوريين في الكونغرس”.
وأضاف: “ولكن هذا النهج يأتي على حساf تنفير حتى الحلفاء القدامى على الجانب الآخر، وعندما تقع الأزمة المقبلة حتما، قد يندم القادة الإسرائيليون على قيامهم بحرق هذه الجسور”.
وتابع محذرا أنه لا ينبغي على القادة الإسرائيليين السماح “بترسخ التصور بأنهم يشطبون أجزاء كاملة من المعسكر الديمقراطي”.
بحسب استطلاع الرأي فإن الديمقراطيين في الولايات المتحدة يتعاطفون مع الفلسطينيين بنفس القدر الذي يتعاطفون فيه مع إسرائيل في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، في حين أن الدعم للدولة اليهودية في صفوف الجمهوريين أكبر بحوالي ثلاث مرات من دعم الديمقراطيين لها.
وقال 27% من الديمقراطيين لمركز “بيو” للأبحاث بأنهم يتعاطفون مع إسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين، مقارنة بـ -25% الذين قالوا إنهم يتعاطفون مع الفلسطينيين. من بين الجمهوريين، كانت الأرقام 79% و6% تباعا.
وقال شابيرو: “بالاستناد على النتائج، ادعى بعد المراقبين والساسة الإسرائيليين، والكثيرين في اليمين الأمريكي، إن على إسرائيل ومناصريها التخلي عن الحزب الديمقراطي وممثليه المنتخبين كمناصرين لإسرائيل”، مشيرا إلى تغريدة نشرها “الإتئلاف اليهودي في الحزب الجمهوري”، الذي تباهى بأن “الحزب الجمهوري هو الحزب المناصر لإسرائيل”. لكن شابيرو حذر من أن استطلاع الرأي يشكل “أساسا رهيبا لهذه الإدعاءات”. مضيفا أن النتائج لا تعني بالضرورة أن الديمقراطيين معادين لإسرائيل.
وكتب السفير السابق إن “سؤال الاستطلاع خاطئ لأن التعاطف مع الفلسطينيين لا يعني العداء لإسرائيل، كما أن التعاطف مع إسرائيل لا ينبغي أن يتطلب تجاهلا لمصير الفلسطينيين”. وأضاف أن “حلا للصراع يكرس فكرة الدولتين لشعبين هو النتيجة التي يفضلها معظم الأمريكيين بغض النظر عن الحزب، وقد سعت الإدارات من كلا الحزبين إلى مساعدة كل من إسرائيل والفلسطينيين في تحقيق أهدافهم من خلال حل الدولتين”.
وأقر شابيرو بأن “الدعم لإسرائيل بدأ يصبح في الواقع موضوعا مسيّسا في الولايات المتحدة، وأن الانقسامات الحزبية تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطينيين تزداد اتساعا”. لكنه حذر القادة الإسرائيليين من الاعتماد بشكل حصري على الحزب الجمهوري فقط معتبرا ذلك خطأ فادحا.
وتابع قائلا: “بالنظر إلى المعطيات الأساسية في ردود استطلاع الرأي، نرى أن 34% من عينة البحث هذا العام يعرّفون عن أنفسهم كمستقلين – أكثر من الذين يُعرّفون عن أنفسهم كجمهوريين (26%) أو ديمقراطيين (33%)”. وأضاف أن “الفجوة بين المستقلين والجمهوريين لا تزال كبيرة وتتجه نحو التوسع، لكن توجه المستقلين يتتبع توجه الديمقراطيين – كلاهما يتحرك نحو تعاطف أقل مع إسرائيل مقارنة بالفلسطينيين في الصراع بينهما. هذا هو النمط الذي يجب أن يقلق الإسرائيليين، لأن المستقلين والديمقراطيين معا يشكلون أكثر من ثلثي الأمريكيين”.
وتابع في مقاله أن “الانقسام بين الأمريكيين حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني أكبر من انقساهمهم بشأن العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية، لهذا عندما يقوم مناصرو إسرائيل والإسرائيليون أنفسهم باستخدام السؤال في استطلاع الرأي هذا كدليل على الدعم الأمريكي لإسرائيل، فهم لا يقدمون لأنفسهم أي خدمة”.
وعلى الرغم من أن الفجوة المئوية في دعم إسرائيل ظلت ثابتة إلى حد ما بين الحزبين على مدى عقدين من الزمن بعد عام 1978، فإن وجهات نظر الحزبين بشأن إسرائيل بدأت تتباعد في عام 2001، حيث انخفض الدعم في صفوف الديمقراطيين من 38% إلى 27% في الوقت الحالي، في حين ارتفع لدى الجمهوريين من 50% إلى 79%.
وكتب شابيرو “في السنوات الأخيرة، بدأ بعض الأمريكيين ينظرون إلى الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني من خلال منظور حقوق الإنسان – وهذا ينطبق بالتحديد على الأمريكيين الأصغر سنا والأمريكيين الأفارقة والأمريكيين من أصول لاتينية”، وأضاف “يجعلهم ذلك حساسين للمصاعب التي يواجهها المدنيون الفلسطينيون، ولبعض الممارسات الإسرائيلية، مثل هدم المنازل. تشكل هذه المجموعات نسبة أكبر من جمهور المنتخبين مما كانت عليه في الماضي، ونسبة آخذة بالازياد من الدائرة الإنتخابية الأساسية للحزب الديمقراطي، ونعم، هناك بعض المشاعر المعادية لإسرائيل في الطرف الأيسر من الطيف السياسي التقدمي، وهناك بعض هذه المشاعر أيضا لدى الطرف الأيمن للمعسكر المحافظ”.
بحسب شابيرو فإن “نتائج استطلاع الرأي هذا تشير إلى كيف أن جوانب محددة من السياسة الإسرائيلية، مثل توسيع مستوطنات الضفة الغربية التي تجعل من حل الدولتين أكثر صعوبة [و] تؤثر على الطريقة التي يُنظر فيها إلى إسرائيل في الولايات المتحدة”.
وفي ضوء هذه الاتجاهات، وبسبب التغير الديمغرافي في أمريكا، نصح شابيرو الإسرائيليين بالنظر في السياسات التي يمكنها المساهمة في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، والتي قد تقوض أسسها.
وكتب السفير السابق “لا ينبغي على الإسرائيليين تحمل كل اللوم على الجمود الدبلوماسي. فالفلسطينيون يتحملون جزءا كبيرا منه، من فشلهم في الرد على اقتراحات التفاوضات، إلى التحريض على العنف وتمجيده، وصولا إلى إنكار العلاقة التاريخية اليهودية بأرض إسرائيل”، وأضاف “لكن حكومة إسرائيلية لا تبدو ملتزمة على الأقل في الحفاظ على حل الدولتين قائما وقابلا للتطبيق في المستقبل ستجد على الأرجح أن هناك بعض المؤيدين الأمريكيين الذين سيجدون صعوبة في الحفاظ على تعاطفهم معها”.
وتابع قائلا: “سيكون من الحكمة أن لا يسمح القادة الإسرائيليون بترسخ التصور بأنهم يشطبون أجزاء كاملة من المعسكر الديمقراطي، أو التقليل من احترام مسؤولين منتخبين من الحزب الديمقراطي”، وأضاف قائلا: “ومن دون إضعاف علاقتهم بالرئيس ترامب، على القادة الإسرائيليين إيجاد سبل لإظهار حساسية لمخاوف التقدميين، وخاصة تلك التي تتعلق بمواضيع جوهرية لقيم مشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة”.