الحكومة السورية ومنصة موسكو ترفضان ورقة الدول الخمس لحل الازمة السورية
أكد الدكتور بشار الجعفري، رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى الحوار السورى في فيينا رفض سورية جملة وتفصيلا للورقة غير الرسمية بشأن إحياء العملية السياسية في جنيف لأنها تناقض القرارات الدولية وتهدف إلى تقويض محادثات جنيف ومؤتمر سوتشي.
وقال الجعفري في تصريح صحفي في ختام اجتماع فيينا امس.. أجرينا الأمس واليوم محادثات بناءة قدر الإمكان في فيينا مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا ونحن على أعتاب انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي واغتنمنا هذه الفرصة وهذا اللقاء مع دي ميستورا للإجابة عن العديد من تساؤلاته التي انصبت في معظمها على النتائج المتوخاة من مؤتمر سوتشي.
وقال الجعفري.. ليس من المصادفة أن يتزامن انعقاد محادثات فيينا مع تسريب أو توزيع مقصود لما تسمى ورقة غير رسمية بشأن إحياء العملية السياسية في جنيف حول سورية والتي وضعها ممثلو خمس دول اجتمعوا في واشنطن ثم باريس وهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن وجميعهم مشاركون في سفك الدم السوري منذ بداية الأزمة.
وأضاف الجعفري.. هذا بحد ذاته أشبه ما يكون بالكوميديا السوداء التي نعيشها في فصل جديد من فصول التآمر على سورية إذ كيف لدولة مثل أمريكا أوجدت تنظيم “داعش” الإرهابي وحمته ورعته وما زالت تقاتل من أجله فوق الأرض السورية وهي دولة تنتهك السيادة السورية بوجودها العسكري على أراضيها في تحد صارخ لكل المواثيق والقوانين والأعراف الدولية كيف لدولة كهذه غرقت أيديها وأيدي أدواتها بالدم السوري واعتدت مباشرة على سورية أن تتحدث عن الحل السياسي والمستقبل في سورية.
وتابع الجعفري.. كيف يمكن لدول كبريطانيا وفرنسا اللتين تتبعان السياسة الأمريكية كأعمى يقود أعمى أن تكونا مبصرتين لأي حل أو أفق سياسي في سورية، وكيف لدولة كالأردن التي تحتضن غرفة عمليات الموك العسكرية السرية ، أن تتحدث أصلا عن السيادة والسياسة والمشاركة في صنع حل سياسي في سورية.
وقال الجعفري “إن السعودية درة التاج وقمة الديمقراطية ومنارة الحرية في الشرق ونموذج دولة القانون وقدوة الدساتير والعدل الاجتماعي وواحة العيش الرغيد والمساواة بين الجنسين.. أيقونة الانتخابات وتداول السلطة ..كيف لهذا البلد الجاهلي أن يسهم في وضع رؤى لدستور متقدم لسورية ..إنها فعلا كوميديا سوداء”.
وأكد الجعفري أن ما تسمى الورقة غير الرسمية بشأن إحياء العملية السياسية في جنيف بشأن سورية مرفوضة جملة وتفصيلا ولا تستحق الحبر الذي كتبت به لأن شعبنا لم ولن يقبل بأن تأتيه الحلول بالمظلات أو على ظهر الدبابات.
وقال الجعفري “لقد تصرف واضعو هذه الورقة غير الرسمية من خلال اللغة التي صاغوا بها ورقتهم تلك بطريقة غير مسؤولة صورت العملية السياسية في جنيف كما لو أنها ماتت.. واضعو هذه الورقة غير الرسمية يحاولون من دون قائد إعطاء الانطباع بأنهم يحاولون إحياء العملية السياسية في جنيف هم يقتلونها ويمشون في جنازتها كما يقول المثل”.
ولفت الجعفري إلى أن هذه المحاولة الفاشلة تهدف إلى تقويض محادثات جنيف ومؤتمر سوتشي وأي ملامح للحل السياسي في سورية لأن ذلك ينسجم مع سياستهم التخريبية في المنطقة.
ومن جانبها رفضت منصة موسكو للمعارضة السورية هذه الورقة التي نشرت امس الجمعة، واعتبرتها انتهاكا لحق الشعب السوري في تقرير مصيره وللقرار 2254.
وقد صاغت هذه المنصة أسباب رفضها للورقة في 5 فقرات، أكدت في الأولى أن “نقاش مضمون الدستور بالتفاصيل ليس من صلاحية الأمم المتحدة، ولا حتى من صلاحية الأطراف المتفاوضة، بل هو حق حصري للشعب السوري يمارسه عبر لجنة صياغة دستور تتشكل في بداية المرحلة الانتقالية، ومن ثم عبر الاستفتاء العام”.
وأشارت إلى أن موضع النقاش في مفاوضات السلام السورية ينبغي أن يكون “فقط العملية الدستورية والمبادئ العامة للدستور، وهذا ما أكدت عليه الأطراف السورية جميعها في المعارضة والنظام”، وشددت على أن دور الأمم المتحدة في المفاوضات يجب أن يقتصر على “المسير فقط”، واصفة تدخل المنظمة الأممية في نقاش تفاصيل مضمون الدستور بـ”اعتداء على السيادة السورية وإصرار على العقلية الاستعمارية الاستعلائية البائدة”.
وفي الفقرة الثانية، أشارت منصة موسكو إلى أن الجدول الزمني للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي “يضع عملية صياغة الدستور بعد تشكيل جسم الحكم الانتقالي، أي بعد إنجاز الاتفاق السياسي”، ولذا “تخالف هذه الورقة او الوثيقة هذا القرار علنا بجعل عملية الصياغة متزامنة مع المفاوضات، بل وتسندها للأمم المتحدة بمشاركة ما من السوريين”.
وثالثا، اعترضت منصة موسكو على أن هذه “الورقة تحدد مسبقا شكل سورية المستقبلي من حيث طبيعة البرلمان وطبيعة صلاحيات الرئيس وطبيعة المركزية واللامركزية، أي أن أصحاب الوثيقة ينصبون أنفسهم وصيا على الشعب السوري، ويحددون له مسبقا شكل دولته المستقبلي في جوانبها الأساسية”.
وجاء في البند الرابع أن واضعي الورقة “قرروا عن السوريين سلفا أن سورية ستكون فيدرالية حتى لو لم يقولوا ذلك علنا، وهذا ما يكرس مخاوفنا من نوايا بعض الدول بالعمل على تقسيم سورية”.
وانتقد البيان في الفقرة السادسة الصلاحيات “المفرطة” التي تمنحها الورقة للأمم المتحدة ضمن العملية الانتخابية في سوريا والتي تتجاوز “المستويات الثلاثة المعروفة لدور الأمم المتحدة في أي عملية انتخابية”، إذ أنها تتيح للمنظمة الأممية “صلاحيات انتدابية، وليس صلاحيات إشراف”.
وأشارت المنصة إلى أن “الأمم المتحدة وفق الورقة تعين الهيئة العليا التي تقود الانتخابات، وتتدخل في عملية صياغة القوانين الانتخابية، ولها دور في اتخاذ القرارات التنفيذية لما أسمته هيئة إدارة الانتخابات، وكذلك إقرار نتائج الانتخابات”.
وخلص البيان إلى أن ” ورقة مجموعة الخمسة مناقضة للقرار 2254، ومعادية للحل السياسي، وهي ليست أقل سقفا مما يستحقه السوريون فقط، بل هي بالضد مما يستحقونه ويطلبونه”.