الأعشاب والنباتات البرية تشكل لوحة فنية ومائدة غذائية بالضفة الغربية
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام
مع خيوط الفجر الأولى، وإشراقة شمس الصباح، تصحو نسوة من الأرياف في الضفة الغربية مبكرًا، ومن ثم يبدأن يومهن الجديد، بالانطلاق نحو الحقول وحواف الوديان والأحراش، لجمع ما يجدنه من أعشاب ونباتات برية، منها ما يؤكل مباشرة مثل الزعتر، ومنها ما يطبخ مثل اللوف والزعمطوط، ومنها ما يخزن مثل العكوب.
وبعد تساقط الأمطار الوفيرة في ريف الضفة الغربية، وعلى مشارف فصل الربيع، أخذت الأعشاب البرية تنمو بغزارة في الجبال والهضاب، مُشكّلة -بعد تجهيزها- وجبات مجانية وصحية لما فيها من فوائد صحية جمة وشفاء من الأمراض العديدة والشائعة.
لوحة فنية وتراثية
وتكتسي جبال الضفة هذه الأيام بمختلف أنواع الأعشاب والنباتات البرية، مُشكّلة لوحة فنية مدهشة خضراء وطبيعية، انتظرها مواطنون ورعاة أغنام، وحتى مصورون هواة، لالتقاط أجمل الصور، وكذلك بعض النسوة والشبان الذين يجمعون الأعشاب والنباتات البرية ويقومون ببيعها في أسواق الخضار في مدن الضفة.
وصار منظرًا عاديًّا أن ترى في جبال الضفة الغربية نسوة وفتيات وفتيان، وحتى أطفال وهم يحملون أكياسًا، ويبحثون عن أعشاب معينة خاصة اللوف والزعمطوط والعكوب، وغيرها من الأعشاب البرية المجانية، مشكّلين لوحة فنية وتراثية جميلة وهم وسط الطبيعة الخلابة والجميلة ليزيدوها جمالاً على جمال.
وتفضل ربة الأسرة معزوزة المصري، من بلدة قريوت، جمع وقطف نبتة العكوب على غيرها؛ فتقول: “توجد أعشاب ونباتات برية كثيرة لكن نبتة العكوب هي المفضلة لدي؛ حيث يجتمع النسوة لتنظيفها من الأشواك، في جمعة محبة تراثية وسط الفرحة والبهجة، وعند الانتهاء من تنظيفها، جزءٌ نقوم بطبخه وجزءٌ نخزنه لشهر رمضان، وما يزيد نبيعه للمعارف”.
ويحتار كل من يتسوق في سوق الخضار في رام الله أو نابلس شراء أية نبتة وعشبة بعينها؛ حيث يلحظ وفرة في الأعشاب البرية التي تنمو بغزارة في جبال وتلال الضفة الغربية؛ فالزعتر، واللوف، والزعمطوط، واللسينة، والحميض، والعجرم، والفقع ..، وغيرها الكثير من الأعشاب تغري المتسوق لشرائها؛ كونها طبيعية وغير ملوثة بمواد الرش الكيماوي, بالمبيدات العشبية، والأسمدة الكيماوية.
غذاء ودواء معا
وتشاهد النسوة على شكل مجموعات صغيرة في الجبال، وهن يجمعن الأعشاب والنباتات البرية بشكل متقن، مثل الزعمطوط الذي يجمعن أوراقه بشكل مجموعات بعضها فوق بعض، وكذلك اللوف الذي بات شائعًا لدى المواطنين أنه يشفي من الأمراض وخاصة السرطان.
وبإسهاب يتحدث المهندس الزراعي ماهر صلاحات من رام الله، بأنّ الزعمطوط واللوف وجبة صحية ومقاوم للأمراض خاصة لأمراض السرطان، وهو ما تثبته أبحاث علمية عديدة منشورة وهو أيضًا وجبة شعبية صحية.
وعن مذاق نبتة اللوف يضيف: “نبتة اللوف نبتة سامة، وبها مادة حريفة تعقد اللسان ولا يستطيع آكلها أن يُخرج كلامَهُ من حلقه”.
أكلات شعبية
وعن طبخة اللوف، تشرح ربة المنزل خديجة حمايل من قرية عبوين شمال رام الله، طريقة طبخها بالقول: “بعد جمع أوراق اللوف تُفرم فرمًا خفيفًا ثم تُسلق في الماء ويضاف إليها الملح وتترك لتغلي، ثم يُسكب عنها ماؤها فتكون العصارة الحريفة والسامة قد خرجت منها، ومن ثم تعصر لتخرج ما تبقّى بها من عصارة، ثم نضعها في طنجرة وتحرك في الزيت ويضاف إليها عصير البندورة حتى تنضج كما وتوضع البهارات عليها لمن يريد”.
أما عن طريقة تحضير وتجهيز الفقع للأكل، تقول الحاجة زينة فرحات من قرية عقربا جنوب نابلس: “يجهز الفقع ثم ينظف من الأوساخ والاتربة بالسكين وبالماء النظيف، ومن ثم يقلى مع زيت الزيتون ويضاف إليه البيض أو بدون حسب الرغبة، وهناك من يضعه في المقلوبة مع الأرز، ومن يرغب بحفظ الفقع فان الفقع يسلق ويقلى قليلاً ويضع في مرطبان مع زيت الزيتون المبارك”.
مخاطر ولكن
وبرغم جمال ووفرة النباتات البرية في جبال وتلال الضفة بشكل مدهش وخلاب إلا أنه لا يستطيع المزارعون والمواطنون الوصول إليها جميعًا بسبب المستوطنات التي حجزت خلف الجدار مئات آلاف الدونمات من النباتات البرية.
وعن صعوبة قطف النباتات البرية والأعشاب مثل اللوف والشومر، والزعتر، والميرمية، والفقع، والزعمطوط، والخبيزة، والعكوب، واللسينة، والعجرم..”، من بين الصخور، والتلال يقول المزارع بلال حمدان من بلدة عطارة شمال رام الله إن الخنازير التي سبق وأطلقها المستوطنون تقوم بمهاجمة قاطفي النباتات، وأحيانًا خاصة في موسم العكوب يهاجم المستوطنون كذلك ويطلقون النار، خاصة عند الاقتراب من الجدار أو المستوطنات.