اسباب مرض السرطان بين الحقائق والاوهام

ليس كل ما يقال علماً، ولو اتخذ شكل العلم وارتبط بالمرض الذي يخشاه الجميع وهو السرطان. فكثير من المعلومات التي تنتشر حول هذا المرض هي ناتج جهل نشره الخوف، وبعضها وليد خوف نشره التسرع.

ولعل السبب الأبرز للخوف من السرطان هو حجم الغموض الذي يحيط به وتضارب المعلومات والدراسات، الأمر الذي يسعى الأطباء لحسمه بشكل يومي.

هذا التقرير يرصد أفكاراً مغلوطة نتداولها وكأنها حقائق علمية عن السرطان، وهي لا تعدو كونها أوراماً غير حميدة من المخاوف، ويحاول أن يحدد الحقيقة من الخيال فيها.

1- إنه مرض حتمي لا مفر منه والهواتف المحمولة تسببه

خطأ. المؤسسة الأميركية للسرطان كلفت بعض الباحثين بإجراء دراسة حول المعتقدات الخاطئة عن السرطان لمعرفة مدى انتشارها، بحسب رئيس علم الأوبئة الوراثية الجزيئية في مؤسسة علم الوراثة البشرية (HuGeF) باولو فينيس. وخلصت الدراسة إلى النسب التالية:

– واحد من كل 4 أشخاص يعتقد أنه ليس من الضروري تغيير نمط حياتك في سن مبكرة للوقاية من المرض.

– فيما يعتقد 3 من كل 10 أشخاص أن الهواتف المحمولة تسبب السرطان، رغم عدم وجود دليل علمي قاطع على هذا الأمر.

ما يعني أن أفكار الناس حول السرطان ليست مبنية على حقائق علمية دقيقة دائماً، وإنما يرجع بعضها إلى ما يتم ينتشر بين الناس من خرافات أو معلومات غير دقيقة أحياناً بسبب الخوف من المجهول.

2- يوجد علاج لكن جهات سرية تمنعه عن المرضى

خطأ. المشكلة أن تلك المعتقدات الخاطئة قد تؤدي إلى التصرف بطريقة تؤثر سلبياً على صحة مريض السرطان، كأن يؤمن مثلاً ​​بأن استئصال السرطان يمكن أن يؤدي إلى نشر الخلايا الخبيثة، أو أن العلاج أكثر خطورة من المرض نفسه. كما أن 28٪ من الذين شاركوا في هذه الدراسة يعتقدون أن هناك بالفعل علاجاً لمرض السرطان، ولكن لا يتم الإفصاح عنه.

وهنا ربما كان من المهم رصد أشهر المعتقدات المتداولة الخاطئة والعارية من الصحة فيما يتعلق بالسرطان:

3- الأغلبية العظمى من الضحايا لديهم تاريخ مرضيّ في الأسرة

خطأ. أغلب أنواع السرطان غير وراثية، وتتراوح نسبة العوامل الوراثية في الإصابة بالسرطان بين 5٪ و 8٪ فقط. ولا تعد الأمراض الجينية أمراضاً وراثية، رغم أن اضطراب الجينات وراثي، لكن الجينات تتحول عند البلوغ. ومن المهم أن نتذكر أن وراثة الجينات المتحولة، التي تزيد من خطر الورم لا يعني بالضرورة أنها تزيد احتمال الإصابة بالسرطان.

4- بعد سنوات من التدخين يصبح الإقلاع غير مُجدٍ

خطأ. أظهرت الدراسات أن الإقلاع عن التدخين يؤدي إلى خفض فرص الإصابة بسرطان الرئة إلى النصف. ويقل أيضاً خطر الإصابة بأنواع السرطان الأخرى المرتبطة بالتدخين وعددها 14 نوعاً من الأورام السرطانية (مثل سرطان الرأس والرقبة والمثانة والكبد والكلى والبنكرياس والمبيض والمعدة وغيرها).

وكلما زادت مدة محاولة الإقلاع عن التدخين فإن كل سيجارة إضافية تزيد من ذلك الخطر، ولذلك فأي وقت يقرر الشخص فيه الإقلاع عن التدخين، هو مكسب بالتأكيد.

5- ممارسة الرياضة تمنع السرطان

صحيح. تأثر بعض أنواع السرطان بالحركة والنشاط، ما يقلل نسبة الإصابة، تتجلى تلك العلاقة بصورة واضحة مع سرطان القولون، وسرطان بطانة الرحم وسرطان الثدي. أما سرطان البروستاتا فهناك بيانات لا تعتبر كافية لاستخلاص استنتاجات نهائية عنه.

على الرغم من أن الآلية التي يؤدي بها النشاط البدني إلى مكافحة للسرطان ليست واضحة بعد لبعض أنواع السرطان، إلا أن الثابت على الأقل هو أن أولئك الذين يمارسون الرياضة، يصابون بالمرض بنسبة أقل من أولئك الذين يتحركون كثيراً؛ لأن الحركة تحفز الجسم على إنتاج المواد الواقية من السرطان، أو الحد من مستوى الالتهابات و تركيزات المواد المؤدية للسرطان في الجسم (مثل بعض الهرمونات الأنثوية أو الأنسولين).

6- ما يفعله المرء في الشباب له تأثير محدود على السرطان عند الكبر

خطأ. تؤثر عادات الحياة المكتسبة خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة بشكل كبير على خطر الإصابة بالسرطان عند كبار السن. فمجرد التفكير في أهمية التغذية السليمة أو التدخين الذي عادة ما يبدأ في مرحلة المراهقة يمكنه تغيير حياتك.

يمكنك دائماً تصحيح سلوك خاطئ في أي وقت، ولكن أفضل استراتيجية هي الوقاية.

7- استخدام الميكروويف يؤدي إلى الإصابة بالأورام

خطأ. تنبعث من أفران الميكروويف، وكذلك أجهزة الراديو، مجالات تردد لموجات كهرومغناطيسية. وأجريت دراسات عدة، لم تظهر وجود أية مخاطر صحية لتلك الموجات.

وعلاوة على ذلك، وتصنع أفران الميكروويف حالياً بأسلوب حماية فعال وبشكل دقيق، إلا إذا كانت المعدات قديمة جداً أو كان الباب لا يغلق بشكل صحيح، حينها يمكن أن تشكل خطراً.

8- أعمدة الضغط العالي تؤدي إلى إصابة الرضّع بالأورام

لا حقيقة ولا خطأ. لا يوجد حسم علمي لهذه المسألة، ويرجع هذا الشك في المقام الأول إلى حقيقة أنه ليس من السهل إجراء البحوث لإثبات وجود علاقة سببية بين الحقول الكهرومغناطيسية ذات الترددات العالية الناتجة عن خطوط الكهرباء، وبين تطور بعض أنواع السرطان في مرحلة الطفولة خاصة اللوكيميا، وغالباً ما تكون نتائج الدراسات متناقضة.

وقد توصلت الوكالة الدولية لبحوث السرطان إلى أن المجالات الكهرمغنطيسية التي تولدها أعمدة الجهد العالي يمكن اعتبارها مادة مسرطنة محتملة على المواليد أو الجيل الثاني.

لكن الخبراء يقولون إنه إذا كان هناك صلة بين أعمدة الضغط العالي والسرطان، فهي نسبة ضئيلة جداً (ما بين 1 و4٪) من الأطفال، في حين ينعدم الوعي بالمخاطر التي قد تصيب الأطفال المعرضين للمجالات الكهرومغناطيسية ذات المستويات المنخفضة، التي يتعرض لها معظمنا.

9- يمكن أن تسبب الصدمات والكدمات السرطان

خطأ. تداول الأطباء هذه الاعتقاد في بداية القرن العشرين، وربما العكس هو الصحيح.. فوجود الورم السرطاني يجعل من جسم الإنسان عرضة للحوادث (على سبيل المثال، سرطان العظام). ربما يرجع ذلك إلى ملاحظة الطبيب تورماً ملحوظاً أثناء الفحص الطبي لعلاج كدمة صغيرة، فيكتشف ما هو أخطر من ذلك بكثير.

10- الرئة في خطر أكبر في مدينة مليئة بالدخان

خطأ. يسبب التلوث الجوي العديد من أمراض الرئة مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية المزمن، بما في ذلك سرطان الرئة، لكن السرطان الناتج عن تدخين السجائر أكثر انتشاراً من ذلك الناجم عن التلوث.

حيث يزيد التلوث الجوي من الالتهاب الرئوي، الذي يمهد الطريق لسرطان الرئة عند الأشخاص المهيئين لذلك. وعلى رأسهم المدخنون بلا منازع، لأنهم يضيفون تأثير مواد السجائر المسرطنة إلى التأثير السلبي للالتهاب نفسه.

11- ينتشر السرطان اليوم أكثر من أي الوقت

ليس صحيحاً أو خطأ. عددياً، ازدادت أنواع السرطان، ولكن معدلات الإصابة تبدو أكبر غالباً بسبب زيادة متوسط ​​عمر الفرد، ذلك أن السرطان يزداد سوءاً عند التقدم في السن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تحسن قدرات التشخيص سمحت باكتشاف المزيد من الأورام، التي تعد أكثر تواتراً من ذي قبل دون أن تكون معروفة ومحددة بدقة. ولكن من ناحية أخرى تراجع عدد من يموتون بسبب السرطان.

12- شوي اللحوم ينتج مواد مسرطنة

حقيقة. على الرغم من أن الشوي أفضل ما يستمتع به المرء عند تناول اللحوم الحيوانية، فإنه من ناحية أخرى، يشكل خطراً على من يتناوله (خاصة على الفحم) بشكل يومي.

ومع ذلك، فإنه لا ينبغي أن ننسى أن أساليب الطهي الأخرى ليست خالية تماماً من المخاطر، كالأطعمة المطهية بالزيوت والمقلية عموماً. لذا فربما كانت أفضل استراتيجية للوقاية من السرطان هي تقليل تناول المشويات. والحرص على تجنب تناول أجزاء الدهون المحروقة، واختيار لحوم أقل دهوناً مثل الدجاج، والتخلص من الجلد.

13- جراحات استئصال السرطان يمكن أن تؤدي إلى انتشاره بالجسم

خطأ. يعود هذا الاعتقاد الخاطئ إلى أوائل القرن العشرين عندما تم إجراء العديد من العمليات لإزالة أورام خبيثة. فبعد فترة وجيزة من إجراء العملية قد تظهر أورام جديدة في أعضاء أخرى. من الممكن أيضاً عند إزالة جزء من الورم أن تظل بعض الخلايا السرطانية التي يصعب استئصالها لسبب أو لآخر، ما يهيئ المناخ لعودة السرطان لمهاجمة المريض. لكن ذلك أصبح نادراً مع تطور التقنيات الجراحية الحديثة.

14- يمكن للعلاج الإشعاعي أن يسبب السرطان

حقيقة. للإشعاع خطره بالفعل، ومع ذلك فإن تداعيات العلاج أقل بكثير من خطر الموت بسبب ورم لم يتم علاجه بما فيه الكفاية.

يمكن للعلاج الإشعاعي الذي يحدث عن طريق توجيه أشعة إكس أن يحدث طفرات وراثية في الخلايا السليمة. ويتم إصلاح معظم أضرار الحمض النووي من خلال الخلايا نفسها خلال وقت قصير، كما هو الحال في العديد من الممارسات الطبية.

وبالتالي عندما يقترح الطبيب العلاج الإشعاعي، ندرك أن فوائده أكبر بكثير من المخاطر المحتملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى