سباق محموم بين سائر اجهزة التجسس والاستخبارات العالمية بحثاً عن ابو بكر البغدادي.. اخطر مطلوب على وجه الارض

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، ان السنوات الثلاث الماضية قد شهدت انخراط عدد غير مسبوق من جواسيس واستخبارات العالم في البحث، ضمن رقعة جغرافية بين العراق وسوريا، عن رجل واحد هو أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الارهابي، الذي تغلّب عليهم وتمكّن من الاختفاء عن الأنظار حتى الآن.

وبحسب الصحيفة، فإنه تم تتبّع البغدادي الذي يعتبر أكثر المطلوبين على هذا الكوكب إلى مكان معيّن ثلاث مرات على الأقل، في الأشهر الـ 18 الماضية وحدها، وعلى الرغم من حماية شبكة مخصصة له، فإن حدوث أخطاء أمرٌ واردٌ جداً في ظل وجود التقنية الرقمية.

وبيّنت أن خطأً واحداً استغرق 45 ثانية، في 3 تشرين الثاني 2016، كاد يكلف البغدادي “الخلافة”، قبل انهيارها العام الماضي، إذ إنه مع تقدّم القوات العراقية والكردية في الموصل، حمل البغدادي راديو محمولاً في قرية بين غرب المدينة وبلدة تلعفر، تمكّن من خلالها الجواسيس من الاستماع إلى الإشارة وتمييز صوته، لكن، ووفقاً لأحد مسؤولي الأمن في كردستان العراق، فقد أخذ أحد حرّاسه الجهاز منه بعد أن أدركوا فداحة الخطأ.

تلك اللحظة النادرة من عدم الانضباط من قبل حرّاس البغدادي سمحت لشبكة الجواسيس أن تنفّذ مهمة البحث في الوقت الحقيقي، لكن بعد ذلك، كما في حالتين أخريين على الأقل، أدرك مرافقو البغدادي أن عليهم مغادرة المكان، وتغيير ما يمكن تغييره.

وفي أواخر العام الماضي، بيّنت “الغارديان” أنه تم تعقّبه أيضاً إلى قرية جنوب البعاج في مدينة صلاح الدين العراقية، وذلك من خلال استخدام أجهزة الاتصال لفترة وجيزة، حيث تم التقاط إشارة اتصال من هاتف في مناطق سيطرة تنظيم داعش من قبل شبكة الاستخبارات، وكان من المفترض جداً نشر طائرات مقاتلة تحلّق فوق المكان للبحث الدائم عن الأهداف، لكن لم يكن هناك تأكيد للمكان الذي كان يختبئ فيه بالضبط.

وأوضحت الصحيفة أن من وصفتهم بالثرثارين من أنصار وجنود التنظيم قد أعطوا فكرة عن تحرّكات البغدادي ومزاجه، كما أن هناك نقاط ضعف في الدائرة المحيطة به فيما يتعلّق بعدم الانضباط بمجال الاتصالات، الأمر الذي أدّى في حالات كثيرة إلى استهدافهم بشكل مباشر، وقد استُهدف بالفعل عدد من قادة التنظيم نتيجة التقاط محادثات لهم من خلال الهاتف عن لقاء مع البغدادي، ما أدّى إلى رصد تحرّكاتهم وقتلهم بغارات جوية.

وكانت صحيفة “ديلي بيست” الأمريكية قد كشفت تفاصيل عن واقع تنظيم داعش والجوانب الخفية التي مر بها منذ تأسيسه في 2014، من خلال مقابلات مع 66 شخصية منشقة عن التنظيم.

وأكدت الصحيفة، أن طبيعة التنظيم الأمنية ربما هي التي تُصعّب عملية إلقاء القبض على زعيمه أبو بكر البغدادي أو حتى قتله، وهو الذي غاب عن المشهد مؤخراً.

وقالت: “رغم المكافأة الكبيرة التي أعلنتها واشنطن، والبالغة 25 مليون دولار، فإن البغدادي تمكن حتى الآن من الهرب وأفلت من عمليات القتل؛ الأمر التي أثار أمريكا وروسيا والقوات العراقية والسورية”.

فريق من مركز دراسات التطرف والعنف في أمريكا أجرى مقابلات مع العشرات من المقاتلين الذين انشقوا عن التنظيم، حول سؤال يتركز على “لماذا لم يتم إلقاء القبض على البغدادي؟”.

وقالت الصحيفة إنه من “الأفضل في عملية ملاحقة ومتابعة زعماء التنظيم الاعتماد على الجواسيس على الأرض، وهو أمر يصعب جداً في حالة داعش والمناطق التي كان يسيطر عليها”.

وتابعت: “فلقد سعت الكثير من أجهزة الاستخبارات الدولية إلى اختراق التنظيم إلا أنها فشلت، بل إن بعضاً من عمليات التسلل والاختراق أدت إلى قتل المدسوسين الجواسيس”.

ومن الواضح أن أي جهاز حكومي أو استخباراتي ليس لديه ما يكفي من المعلومات لاغتيال البغدادي، وهي عملية تتطلب مجهوداً معلوماتياً على أرض الواقع.

وخلال المقابلات أكد 66 شخصاً أن جميع عناصر التنظيم يخضعون لرقابة عالية؛ إذ تُصادر هواتفهم النقالة ويتم فحص الرسائل التي يسمح بحفظها، كما تتم مراقبة الاتصالات بشكل دقيق.

وتقول الصحيفة نقلاً عن بعض الأشخاص الذين أجرت معهم المقابلات: “إن أي خروقات في التعليمات الأمنية داخل التنظيم تُنسب لصاحبها تهمة الخيانة، ومن ثم يُقطع رأسه”.

وتضيف: إن “تنظيم داعش يشرف على الاتصالات الخارجية، ويجري عمليات تحقيق مع الأشخاص حديثي الانضمام قبل التحاقهم بالجبهة”.

وتشير الصحيفة إلى أن “بعض المقاتلين المرسلين من قبل شخصيات لا يعرفها التنظيم كثيراً، كانوا يخضعون لتحقيق أمني مطول قبل إرسالهم إلى الجبهات الأمامية”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى