تحولات سعودية بشأن القضية الفلسطينية انتهت حالياً بالتناغم مع اسرائيل

 

لطالما كانت القضية الفلسطينية واحدة من أهم عناوين وركائز الدبلوماسية السعودية سواء على الصعيد الداخلي أو الاقليمي او العالمي، حيث نادت السعودية- ولو شكلياً- بحقوق الشعب الفلسطيني وحملت شعارات إسلامية تتحدث عن الأقصى مستفيدة من هذه الشعارات في اكتساب شرعية داخلية وتعزيزا لموقعيتها الإسلامية-العربية وحتى العالمية. وبالفعل لطالما كانت السعودية مؤثرة بشكل كبير في الأزمات التي طاولت فلسطين والفلسطينيين.

وبالمقابل وعلى الرغم من الموقف الداعي للسلام اتجاه العدو الإسرائيلي إلا أن النظام السعودي لم يتجرأ حتى الأمس القريب على الحديث عن تقارب ومصالح مشتركة تجمعه مع الكيان الإسرائيلي كما هو الحال اليوم.

يمكن القول أنه وبعد العام 2015 م ليس كما قبله بالنسبة للموقف السعودي من الكيان الإسرائيلي، فبعد قدوم سلمان وتسلمه زمام الملك السعودي بدأت السعودية فعليا مرحلة جديدة في الموقف اتجاه الكيان الإسرائيلي، وبالتالي بات لزاما التغيير الجذري في الموقف من كل القضية الفلسطينية والقدس.

ومن خلال مراجعة التاريخ والوقائع يمكن رصد أربعة مراحل أساسية من تطور الموقف السعودي اتجاه القضية الفلسطينية، مراحل تبدأ بالالتزام شبه المطلق بالقضية الفسطينية (منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي حتى سبعينيات القرن الماضي). ومن ثم مرحلة الاعتراف الضمني والسعي لإحلال السلام مع الكيان (منذ أواخر السبعينيات حتى بداية القرن الواحد والعشرين) اتسمت سياسة السعودية بالتهدئة وطرح مبادرات السلام دون الخوض مباشرة في أي مفاوضات مباشرة، هي إذا مرحلة التمهيد الواقع العربي والإسلامي للمرحلة التالية. المرحلة الثالثة بدأت منذ أوائل القرن الواحد والعشرين وتبلورت رسميا مع عدوان تموز 2006م  على لبنان ويمكن رصد استمرارها حتى العام 2015م (اتسمت هذه المرحلة بحياكة المؤامرات ونسج العلاقات الأمنية والسياسية الخفية مع الكيان الإسرائيلي وتأمين الدعم المادي والسكوت العربي والإسلامي إزاء الاعتداءات الإسرائيلية إن على لبنان أو على فلسطين وقطاع غزة). عام 2015م ومع تسلّم سلمان سدة الحكم السعودي بدأت مرحلة التفريط المطلق بالقضية الفلسطينية وصولا إلى ما هي عليه الأمور اليوم، وفي المقابل إذا أردنا تقسيم هذه المراحل من منطلق الموقف من الكيان الإسرائيلي يمكن القول أن هذه المراحل تبدأ بالرفض المطلق بالاعتراف الرسمي بهذا الكيان وصولا إلى الحديث اليوم عن علاقات ومصالح استراتيجية أكبر من أي خلاف وقضية.

مع قدوم سلمان بدأت عجلة التطبيع تسير بسرعة، وقد تزامن هذا الأمر مع مرحلة كانت إيران تخطو الخطوات الأخيرة باتجاه الانفتاح على العالم والاعتراف بها كدولة نووية لها حضورها وتأثيرها القوي في الإقليم. مما جعل السعودية والكيان يسارعون الخطوات بدورهم للتقارب والتحالف على قاعدة أن لديهم عدوّ مشترك (يريد ابتلاع المنطقة حسب تعبيرهم) هو إيران.

السعودية تقف بوضوح اليوم في مواجهة القضية الفلسطينية، الموقف المتخاذل من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس يؤكد أن السعودية باتت في وادٍ آخر كليا.

كل ما تقدّم يفرض علينا أن نقرأ صورة مستقبل القضية الفلسطينية مع وجود واقع اسمه “الحلف السعودي الإسرائيلي”. عادل الجبير وزير الخارجية السعودي أذعن جهارا أنه وبمجرد إيجاد توافق إسرائيلي-فلسطيني ستعترف كافة الدول الإسلامية بهذا الكيان.

ومن هنا فان كل الدلائل تؤكد السعي المستمر سعوديا للاعتراف بالكيان الإسرائيلي ضمن ظروف يقوم الطرفان ببنائها اليوم. تطورّ العلاقات من نقطة الأزمة عام 1948م وصولا إلى النقطة التي نحن فيها اليوم يؤكد أنه على الفلسطينيين بالخصوص وكافة محور المقاومة أن يضع النظام السعودي اليوم ضمن خانة الحليف الاستراتيجي لإسرائيل ليتمكن من استنتاج الخلاصات والأساليب الناجعة لمواجهة هذا الحلف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى