كيف تفلت من سيطرة الاخرين وتتقن فن السيطرة عليهم

عندما تزور صديقاً في بيته ويسألك: تشرب شاي أو قهوة؟ فإنه يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصيراً مثلاً، وهذا الوضع يسمّى “أسلوب التأطـير” فهـو قـد جعل عقلك ينحصر في اختيارات محددة فرضت عليك لا إرادياً، ومنعت عقلك من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة.

بعضنا يمارس ذلك بدون إدراك، وبعضنا يفعله بهندسة وذكاء، فالقوة الحقيقية تتجلى عندما يمارس احدهم هذا الأسلوب بقصد ويجعلك تختار ما يريد بدون أن تشعر أنت.

نفس هذا الأسلوب يستخدم في السياسة والإعلام،  ففي حادث تحطم طائرة تجسس أمريكية في الأجواء الصينية وبعد توتر العلاقات بين البلدين، خرج الرئيس الأمريكي وقال: إن الإدارة الأمريكية تستنكر تأخر الصين في تسليم الطائرة الأمريكية، جاء الرد قاسي من الإدارة الصينية بأنهم سيقومون بتفتيش الطائرة للبحث عن أجهزة تنصّت قبل تسليمها!

الحقيقة هنا، هو أن القضية هي هل تسلّم الصين الطائرة لأمريكا أم لا؟ ولكن الخطاب الأمريكي جعل القضية هي التأخر..! لماذا تأخرتم؟ فجاء الرد الصيني أنه قبل التسليم سوف يتم تفتيشها وهذه موافقة مضمنه على تسليم الطائرة لكن متى أراد الصينيون ذلك.

وفي العدوان الامريكي على العراق عام 2003 كانت المعركة الفاصلة معركة المطار، فقامت وسائل الإعلام بتعبئة الطرفين على اساس أن المعركة الحاسمة هي “معركة المطار”  فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة، وعندما سقط المطار، شعر الجميع أن العراق كلّه سقط وماتت الروح المعنوية، بالرغم أنه في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار.

والآن تلعب وسائل الإعلام نفس اللعبة في مجتمعاتنا المنهكة بالجهل وانعدام الوعي، هذا أسلوب واحد من عدد كبير من الأساليب التي تجعلك لا ترى إلا “ما أريد أنا”، وهو أسلوب قوي في قيادة الآخرين والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية تقيد تفكير الطرف الآخر.

وهكذا فان الإعلام غالباً ما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريدها، انتبه لكل سؤال يُقال لك، أو خبر، أو معلومة تصلك، فإنه قد يسلبك عقلك وقرارك وقناعاتك، فكثير من المذيعين يضع ضيفه في الزاوية والصف الذي يريده.

ولكن كلما زاد وعي الإنسان ومعرفته، استطاع أن يخرج من هذه الأطر والقيود، التي تشكل لعبة الإعلام والسياسة والخطباء والكتاب لكي يقودوا الاخرين إلى ما يريدون هم وليس الاخرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى