اختيار عبد الرحمن الشرقاوي شخصية الدورة المقبلة لمعرض القاهرة الدولي
وقع اختيار إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب، على الأديب عبد الرحمن الشرقاوي؛ ليكون شخصية الدورة التاسعة والأربعين، التي تقام بأرض المعارض خلال الفترة من 27 كانون الثاني الجاري وحتى العاشر من شباط المقبل، وتحل دولة الجزائر ضيف شرف النسخة الجديدة للمعرض، الذي يحمل شعار “القوى الناعمة كيف”.
يعد عبد الرحمن الشرقاوي، أحد المفكرين الإسلاميين؛ له العديد من الكتابات في الشؤون الدينية، وله روايات مهمة ومسرحيات تاريخية، وانعكست أخلاق القرية في كتاباته؛ إذ كانت الحياة الريفية مصدر إلهامه، فهو من مواليد قرية الدلاتون بمحافظة المنوفية، نوفمبر 1920، تلقى تعليمه كغيره من الأدباء في ذلك الوقت بكتاب القرية، ومن ثم انتقل إلى المدارس الحكومية، ليلتحق بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول، وبعد التخرج، عمل بالمحاماة، لكن سرعان ما تركها من أجل عشقه للكتابة، حيث عمل صحفيا في عدد من الصحف من بينها “روز اليوسف” و”الأهرام” و”الطليعة”.
واتضحت ملامح الحياة الريفية التي عاشها في روايته الأولي والتي حملت عنوان “الأرض”، وتناول خلال الرأسمالية في أبشع صورها، وكيف عانى الفلاح من الظلم والاستبداد، واعتبر النقاد الرواية النموذج الأبرز لمذهب الواقعية الاشتراكية، وتم تحويلها إلى فيلم عام 1970.
وتقع أحداث رواية “الأرض” في إحدى القرى خلال عام 1933، يبلغ “العمدة الفلاحين” أن حصة ري أراضيهم صارت مناصفة بينهم وبين “محمود بك الإقطاعي”، غير أن الفلاحين يثورون على هذه التعليمات، وعلى رأسهم “محمد أبو سويلم”، ويقترح محمد أفندي تقديم عريضة إلى الحكومة، ويسافر إلى القاهرة لمقابلة محمود بك لتقديمها إلى الحكومة، وتتفاقم الأمور عندما يقترح محمود بك إنشاء طريق يربط بين قصره والشارع الرئيسي مما يستلزم انتزاع جزء من أراضي الفلاحين لشق الطريق، فيثور الفلاحون دفاعاً عن أرضهم بقيادة محمد أبو سويلم، والفيلم من بطولة محمود المليجي وإخراج يوسف شاهين.
واستمر عبد الرحمن الشرقاوي في الكتابة؛ فقدم روايتي “وقلوب خالية”، و”الشوارع الخلفية”، لكنهما لم يوازيا النجاح الكبير الذي حققته رواية الأرض، التي أرخت لحقبة زمنية والمعاناة والظلم بعيدًا عن القصص الرومانسية والكتابات التي سلكت هذا المسار في ذلك الوقت، وأخيرا رواية “الفلاح” والتي تناولت فترة ما بعد الثورة، وصف خلالها أدق التفاصيل في حياة الفلاح ومأساته في الحصول على قوت يومه من خلال ربط ذلك بالسياسة، والوضع المؤلم له، تصور الفلاح في صراعه مع الاشتراكية والإصلاح الزراعي.
كان دائمًا ما يرق الأديب عبد الرحمن الشرقاوي، القضايا المجتمعية والصراعات القائمة ومعاناة الشعوب، وركز على ذلك في أعماله المسرحية أيضًا، ومن أشهرها: مسرحية “الحسين ثائراً”، و”الحسين شهيدا” و”مأساة جميلة” عن الجزائرية جميلة بوحريد، ومسرحية “الفتى مهران”، و”النسر الأحمر”، و”أحمد عرابي”.
وفي مجال التراجم الإسلامية، كتب الشرقاوي عددًا من الكتب من بينها: “محمد رسول الحرية” عبارة عن سيرة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، منطلقاً من قوله تعالى “قُلْ إِنَّمَا أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ”، يصور بشرية النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويكتب سيرة إنسان اتسع قلبه لآلام البشر ومشكلاتهم وأحلامهم وكونت تعاليمه حضارة زاهرة خصبة أغنت الوجدان لقرون طوال، ودفعت سلالات من الأحياء في طريق التقدم، واكتشفت آفاقا من طبيعة الحياة والناس، مصورا قصة إنسان رائع البطولة، ناضل ضد القوى الغاشمة المفترسة، ومن أجل الإخاء البشرى، ومن أجل العدالة والحرية وكبرياء القلب المعذب، ومن أجل الحب والرحمة، ومستقبل أفضل للناس جميعا بلا استثناء الذين يؤمنون بنبوته والذين لا يؤمنون بها على السواء.
وكتب الشرقاوي “علي إمام المتقين” عن سيرة علي، وكتاب “الفاروق عمر”، كما شارك الأديب في سيناريو فيلم “الرسالة” بالاشتراك مع توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار، من إخراج السوري الأمريكي مصطفى العقاد، وتم إنتاجه على نسختين عربية وإنجليزية، يحكي الفيلم قصة الرسالة النبوية والإسلام.
يرصد الفيلم بداية القرن السادس الميلادي في مكة، وبعثة النبي ودعوى الناس، ووقوف أبو سفيان وزوجته هند ضد سيدنا مُحمد لكن الرسول لا يكف عن دعوته، يتم تعذيب المسلمين مثل سيدنا بلال وعمار بن ياسر، ويقف سيدنا حمزة بن عبد المطلب إلى جوار عمه ويُعلن إسلامه، ويتعرض سيدنا محمد إلى المؤامرات ويجتمع أهل قريش لقتله لكنه يُهاجر مع صاحبه سيدنا أبو بكر الصديق، وفي المدينة يتم استقبال رسول الله ويبدأ المسلمون في نشر رسالة الإسلام وتبدأ معها غزوات الرسول ومعه الصحابة.
حصل عبد الرحمن الشرقاوي على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1974 والتي منحها له الرئيس السادات، كما منحه معها وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولي، وتوفي المفكر الإسلامي في 24 نوفمبر عام 1987م.