توظيف الدراما التركية لخدمة اهداف اردوغان السياسية الاخوانية والعثمانية

لم تقف الرغبة في استعادة الزمن العثماني الغابر عند مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعمل على بناء شبكة من العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية التي تتيح لأنقرة التمدد في الجغرافيا نفسها التي استوطنتها الخلافة العثمانية في قرون ماضية. وبدأت المسلسلات التركية تلعب دورا مساعدا في فرش الطريق أمام أفكار أردوغان عن المجد العثماني القديم، وأيضا عن المجد العثماني الذي يريد بناءه بتدخلاته في أكثر من ملف، وهو ما ظهر بشكل جلي في مسلسل “وادي الذئاب” الذي اشتهر بتمجيد قدرة المخابرات التركية على مواجهة الخطط الخارجية.

وقال الممثل والمنتج التركي، نجاتي شاشماز، المعروف عربيا بأداء شخصية مراد علمدار في المسلسل ذائع الصيت “إن النسخة الجديدة من المسلسل ستحمل اسم ‘وادي الذئاب – الفوضى’، وتتضمن قصصا عن ميانمار”.

وأضاف شاشماز، في مقابلة مع الأناضول أن النسخة الجديدة من المسلسل حاولت، كما النسخ السابقة، معالجة قضايا تهم المتابعين للأجندة المهمة في العالم، وأن قضية “الفوضى” كانت أبرز القضايا التي ركزت عليها هذه النسخة.

ووفق النجم التركي، فإن “نسخة العام المقبل ستتناول قضية الفوضى أو لنقل نظرية الفوضى، في ظل وجود أيديولوجيا تعنى بإدارة الفوضى، وتهدف إلى إدارة العالم وتوجيهه من خلال الفوضى”.

ومن الواضح أن تصريحات شاشماز تتماشى مع بحث تركيا عن دور إقليمي يقوم على مناهضة أدوار دول كبرى في المنطقة خاصة في الملف السوري، حيث سعت أنقرة لتوظيف الجماعات المتشددة في فرض أمر واقع يخدم مصالحها كقوة صاعدة، وغامرت بالخروج من جلباب الولايات المتحدة، لكنها اضطرت إلى أن تتحرك في جلباب روسيا.

ويقول متابعون للشأن التركي إن أنقرة تحاول أن تضفي غطاء أخلاقيا على دورها الجديد في المنطقة من خلال الظهور بمظهر الحامي للمسلمين مثلما كانت تسوق لذلك الخلافة العثمانية لبسط هيمنتها.

وتستعد قناة “تي آر تي” الرسمية الناطقة بالتركية، ببث مسلسل ملحمة “كوت العمارة”، في شهر كانون الثاني المقبل ، ويحكي عن بطولة الفرسان العثمانيين في محاصرة الإنكليز المعتدين على الدولة وإجبارهم على الاستسلام.

ومسلسل ملحمة “كوت العمارة” من إنتاج محمد بوزداغ صاحب مسلسل “قيامة أرطغرل” الذي دبلج إلى عدة لغات من بينها العربية.

ويتماشى نبش المسلسلات التركية في الماضي وتقديم الدور العثماني في صورة أفضل مع انتقاد واسع للتاريخ العثماني في علاقته بالعرب، وكيف أن السلطة العثمانية كانت تعمل على بناء مجدها الأسر الحاكمة التركية على حساب أمن العرب ومصالح دولهم، مغلفة ذلك بالمصالحة الدينية والرباط الجامع.

ويقول نقاد ومثقفون إن المسلسلات التاريخية التركية باتت تمتهن الدعاية ليس فقط للتاريخ العثماني، وإنما لفترة حكم أردوغان، وإنها تنتقي من أحداث التاريخ ما يتماشى مع شعاراته ويبرر وهم التمدد التركي في المنطقة العربية.

ويشير هؤلاء إلى أن المسلسلات التي تمجّد الزمن التركي القديم والجديد لم يعد بإمكانها أن تؤثر بشكل فعال مثلما كانت تفعل في الانطلاق بسبب انكماش الإقبال العربي عليها، وخاصة عزوف الفضائيات الخليجية الكبرى على شرائها بسبب مواقف أردوغان ضد دول الخليج ومصر، وهو ما يعني أن الهدف الدعائي منها لن يحقق غرضه بين الجمهور العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى