مصر تتهم التحالف التركي – السوداني – القطري بدعم الارهابيين لاستنزافها
تشهد مصر تصاعدا ملفتا للعمليات الإرهابية وآخرها تلك التي استهدفت الجمعة كنيسة بضاحية حلوان، بالتزامن مع تحرّك الدوحة وأنقرة على أكثر من مستوى لتطويق مصر وإرباكها، الأمر الذي يثير التساؤل عمّا إذا كان ذلك من باب المصادفة المحضة، خاصة وأن وسائل إعلام مصرية لطالما أشارت إلى دور قطري تركي في خلخلة استقرار البلاد.
وتعرّضت كنيسة مارمينا بضاحية حلوان في جنوب القاهرة لهجوم إرهابي، أدى إلى مصرع تسعة أشخاص، وإصابة نحو ثمانية آخرين، ونجحت قوات الأمن في قتل مسلح والقبض على آخر بعد إصابته في أثناء مطاردته.
وتمكّنت قوات الأمن من تفكيك حزام ناسف بحوزة أحد الإرهابيين، كان يستهدف به إحداث تفجير داخل كنيسة مارمينا، لقتل أكبر عدد ممكن من المواطنين الأقباط، الذين يستعدون للاحتفال بأعياد الميلاد.
وكانت وزارة الداخلية المصرية أعلنت منذ أيام، ترفيعها الحالة الأمنية إلى الدرجة القصوى، لمنع استهداف الكنائس والمواطنين الذين يرتادونها، وقطع الطريق على الإرهابيين لإحداث صدى يوحي أن مصر تعيش حالة من التوتر وعدم الاستقرار.
هذه الإجراءات الأمنية لم تحُل دون تصاعد الهجمات، التي تهدف على ما يبدو لتشتيت جهود قوات الجيش والشرطة. وقبل ساعات من الهجوم على كنيسة مارمينا تعرّضت محطة لتحصيل رسوم، بالطريق الصحراوي الغربي، لهجوم من قبل إرهابيين أسفر عن مصرع ضابطين ومجنّد.
وقال الجيش المصري إن ضابطا وخمسة جنود قتلوا، امس الاول الخميس في انفجار استهدف مركبة عسكرية في شمال سيناء.
وفسّر البعض توالي وقوع الحوادث الإرهابية، بأنه يرمي إلى إرهاق الحكومة المصرية التي بدأت خطة أمنية جديدة في حربها المستمرة منذ نحو خمس سنوات مع الجماعات الإرهابية.
وأشار هؤلاء إلى أنّ المقصود بزيادة العمليات في الوقت الراهن، الإيحاء بأن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لن يستطيع تنفيذ وعده الذي أطلقه منذ حوالي شهر بالقضاء على الإرهابيين خلال ثلاثة أشهر فقط.
وأوضح اللواء رفعت عبدالحميد، خبير العلوم الجنائية، أن تواتر العمليات الإرهابية يرمي إلى إحراج الرئيس السيسي قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، ومحاولة هزّ ثقة المواطنين قبل إعلان ترشحه رسميا لفترة رئاسية ثانية.
ويبرهن تزايد وتيرة الإرهاب الذي تواجهه مصر، ويتنقل بين الجبهة الشرقية الغربية والعمق، على أن هناك خطة محكمة للضغط على الدولة المصرية من خلال هز استقرارها بشكل عام.
وقال أحمد بان الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن الإرهاب الذي تعانيه مصر أداة لدول إقليمية تسعى إلى تحقيق مصالح في المنطقة من خلال إضعاف الدولة المصرية وإشغالها بهمومها الداخلية، وتقويض طموحات القاهرة الخارجية، وإضعاف دورها أمام محاولات تمدّد الإسلام السياسي في المنطقة.
وتؤكد الكثير من المعطيات أن ثمة حرصا من القوى الراعية للتنظيمات الإرهابية العاملة في مصر، على رأسها تنظيمي داعش والقاعدة وحركتي لواء الثورة وحسم، على ألا تتمكّن القاهرة من تطوير قدراتها للتعامل من موقع قوة وسيطرة في شمال سيناء وداخل الوادي.
كما أنّ زيادة نسبة الإرباك الأمني قبل أعياد الميلاد، يمكن أن يلقي بظلال سلبية على الحالة المعنوية لدى الضباط والجنود، كمستهدفين أساسيين، والتأكيد أن يد الإرهابيين تستطيع أن تصل لأبعد مما تتصوره الأجهزة الأمنية. ويرى محللون أن القوى الإقليمية الراعية لتنظيم داعش وجماعة الإخوان تعمل على تحجيم دور مصر، كي لا يمتد تأثيرها إلى إحداث تغييرات كبيرة في الملفين الفلسطيني والليبي، أو إعاقة التحركات الإقليمية الأخيرة في السودان، وهو ما يتطلب إنعاش نشاط داعش وأخواته في سيناء والعمق المصري، ليسهم في ارتخاء القبضة الأمنية وإضعاف الحضور الأمني المصري على الأطراف الحدودية، في سيناء ومع كل من السودان وليبيا.
ويكمُن الهدف المحوري في العمل على فرض معركة تفصيلية، علها تشغل جهازي الشرطة والجيش في صراعات داخلية، وتسهل مهمة تطويق مصر بحرمانها من أدوات الدولة القادرة على ضبط حدودها ومواجهة خصومها، والتفرّغ للتعاطي مع تمدّد واختراقات البعض من القوى دون التعامل مباشرة مع المركز أو الجوهر أو المفتاح الرئيس الذي يحرك الجماعات الإرهابية في المنطقة.
وأشار أحمد بان، إلى أن استهداف ضباط وجنود ومقارّ عبادة، يخرج عن طاقة تنظيم داعش، أو غيره من التنظيمات المسلحة النشطة في مصر، حتى وإن أعلنت تبنّيها لتلك العمليات، وهو يؤشر على ضلوع أجهزة استخبارات أجنبية ترفض الحكومة المصرية أن تسميها أو تعلن عنها بشكل صريح ومباشر حتى الآن.
وكشفت مصادر أمنية، أن التطورات الأخيرة ليست منفصلة عمّا يجري في فناء مصر الخارجي، فالاتفاقيات، الأمنية والعسكرية وتطوير جزيرة سواكن على البحر الأحمر، التي وقّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقية بشأنها مع الرئيس السوداني عمر البشير في الخرطوم مؤخرا، هدفها حصار مصر.
وبعث اجتماع رؤساء أركان دول تركيا والسودان وقطر في الخرطوم، برسالة قوية في هذا الاتجاه، ومتوقع أن تتزايد وتيرة العمليات الإرهابية في مصر، اتساقا مع المعلومات التي تفوّه بها أردوغان نفسه قبل حوالي شهر، والتي أشار فيها إلى هروب عناصر من تنظيم داعش بعد هزيمتهم في الرقة بسوريا إلى سيناء.
وأشارت المصادر، إلى أن القاهرة تستعد مع حلفائها في المنطقة لدراسة عدة خيارات للحد من الدور السلبي الذي تقوم به كل من تركيا وقطر والسودان، لزعزعة أمنها.
ولفتت إلى أن لدى القاهرة طرقا عديدة للرد على ما يقوم به السودان من دعم لجماعة الإخوان، التي تريد أن تستعيد بريقها السياسي في مصر، من خلال هز الثقة في النظام المصري الحالي، وإجباره على وقف حربه عليها.
ونوّه اللواء رفعت عبدالحميد إلى أن مصر حسمت أمرها بشأن الاستمرار في مواجهة الدول الراعية للإرهاب، وأبرزها تركيا وقطر، واتخاذ جميع الإجراءات الدبلوماسية والاستخباراتية بشأن مواجهة العناصر الإرهابية قبل دخولها الأراضي المصرية، وبالتوازي مع ذلك فإنها ستذهب باتجاه سرعة تنفيذ العقوبات والتي تصل في أحيان عديدة إلى الإعدام بحق العناصر المتورطة في العمليات الإرهابية.