فلسطين الباقية فينا إلى الأبد !

ها نحن نختم العام بفلسطين لكي نبدأ العام القادم بفلسطين ذلك أن فلسطين تاريخ عربي لم يتوقف، وزمن نضالي بدأ ولم ينته، ومسألة شعب تشبث وتلبث في أرضه وقاوم وأسقط كل نظريات القوة والجبروت الصهيوني، وقضية انسانية فاقمت أوارها العنصرية الصهيونية  وجعلت منها هولوكوستاً فلسطينياً حقيقياً كشف وفضح كل محاجات وتلفيقات الهولوكوست الكاذب الذي تلاقت على اختلاقه ذهنية أوروبية مزدرية لليهود وطاردة لهم من فضاء وروح أوروبا ، ويهود حولوا دينهم إلى أساطير سياسية صهيونية وحركات فاشية عنصرية تسعى لبناء ” وطن اغتصابي متخيل ” على حساب شعوب أخرى .

ومنذ احتلال فلسطين ومن ثم تحولها إلى كيان عنصري صهيوني عام 1948  كان الصراع يدور بين (هذا التاريخ الأسطوري الصهيوني المختلق الذي تخيله وأنشأه عقل صهيوني مغلق وأسهم في فشوّه وقبوله وتحققه عقل استعماري يريد أن يتحرر من تبعات ما سمي بالمسألة اليهودية وعقد الذنب التي قارفها بحق اليهود بالإضافة إلى امكانية تحوله وتحويله إلى قاعدة استعمارية تحقق النفوذ والانتشار والتمكن في الوطن العربي وإفشال نهضته ووحدته ) وبين التاريخ الحقيقي لفلسطين الذي تكون في عناصره ومحدداته كافة تكوناً تاريخياً وجغرافياً طبيعياً متسقاً لا تشوبه شائبة ولا يطاله التشكيك والتفكيك والتأويل ولا تغيره الوقائع والافتراءات والاختلاقات ولا تنزع عنه صفة الوطن الفلسطيني الراسخ المستديم كل معطيات وعناصرالافتراء والطمس والإزاحة ومظاهر القوة والجبروت الاستعماري الغاشم.

ولأن الشعب العربي الفلسطيني تمسك بهذا التاريخ الحقيقي وبهذا المعنى الراسخ المتفرع عن حقائقه الثابتة ، وأطلّ على جوهر العنصرية الصهيونية بكل فواحشها وهمجياتها فقد قاوم طوال ما يزيد عن القرن دفاعاً بطولياً عن هذا التاريخ وهذا المعنى وأبقى الافتراءت الصهيونية في العراء وقيد النقض والرفض وفي حالة استثناء دائمة ، وكان لذلك المأزق الوجودي وتشتتت الهوية أن حرّض الصهاينة على ممارسة همجية فائضة في فلسطين الأمر الذي قوّض ولا يزال يقوض ويلغي تاريخهم الاسطوري الزائف المزعوم بحق البقاء في فلسطين وأيقظ على صعيد العالم كراهية للعنصرية المتوحشة والجرائم التي يقارفها الكيان بحق الشعب الفلسطيني الأعزل .

ولعل هذا الجانب من الكفاح والنضال الفلسطيني المستديم وتمسك الشعب العربي الفلسطيني بتاريخه ومعناه هو ما كان يؤرق العقل الصهيوني منذ نشأته وبعد مرور قرن على استمراره ( وما سمي تساؤلا وغربة وتداولا في هذا العقل المستريب باشكالية ما بعد الصهيونية ! ) وخصوصاً وهو يشهد انهيار وتهافت وتساقط حجج تاريخه الأسطوري وافتقاده للمعنى وانكشاف مزاعمه وولوغه في جرائم ضد الانسانية أصبحت تفقده شرعية الوجود والاستمرار ، وحيرته الكبرى أمام صمود هذا الشعب الجبار العنيد الذي يدافع عن وطنه وحيداً بصدرٍ عارٍ وروح معنوية عالية وبإرادة لا تنكسر في ظل ظروف قاهرة وتراجيدية .

إن كل ذلك  يجعلنا لا نخاف على فلسطين وتاريخها ومستقبلها وتحديدا عندما نراه راسخاً في العقل والوجدان والواقع عند كل منعطف ومحنة ، ونرى الشعب الجبار يأخذ قضيته بيده ويتصدى لكل الجرائم بهذا العنفوان وبهذه الاندفاعة الباسلة للتمسك بتاريخه وهويته وصموده بمواجهة القوة الصهيونية الغاشمة ، ولكننا نخاف ممن يؤلفون صهينة رديفة ويحاولون تجريد الشعب الفلسطيني من هذه المعاني التاريخية والروح المعنوية والقوة الكامنة ، ومن يجعلون التاريخ والجغرافيا الفلسطينية أوراقاً للمساومة والمفاوضة وموضعاً للتخاذل والتخادم والتبادل ، ومن يريدون كسر إرادة هؤلاء الجبابرة بالانغمار بالأسرلة والصهينة وقبول المنطق الصهيوني اللاتاريخي بأنها (أرض الميعاد) وبكل ترهات هذا التاريخ الصهيوني المزيف .

فلسطين باقية فينا دائما بهذا المعنى التاريخي الحقيقي والمديد ومزاحة  ومستلبة مغتربة حتماً بالمراودة على هذا المعنى التاريخي ومحاولات تجريد الشعب الفلسطيني من أقوى الأسلحة وهو التمسك بالتاريخ والهوية وفكرة الوطن الراسخة في العقل والوجدان والباقية إلى الأبد على جدول أعمال المقاومة وصولا إلى الحرية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى