باقة من ادب السير والذكريات التي اثارت اصداء واسعة هذا العام

شهد هذا العام الذي يوشك ان يلفظ انفاسه صدور العديد من المذكّرات والسير الذاتية للكثير من الشخصيات السياسية والعامة والثقافية. واستطاعت هذه المذكرات أن تحدث صدمات عنيفة في الأوساط الثقافية، على نحو ما فعلت مذكرات عمرو موسى التي حملت عنوان “كتابيه” المذكرات صدرت عن دار الشروق المصرية في 654 صفحة، تناول فيها مسيرته ونشأته ودراسته في كلية الحقوق ثم أوقف جزءا كبيرا منها على عمله السياسي منذ التحاقه بالسلك الدبلوماسي وأهم الظروف السياسية التي عصفت بالمنطقة العربية، وتأثيرها على صناعة القرار بحكم موقعه كوزير خارجية أو أمين عام لجامعة الدول العربية. لكن الجزء المثير من مذكرات موسى كان في تجريحه لشخصية الرئيس جمال عبدالناصر، وغمزه ولمزه عن الدكتور أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس السابق مبارك. حظيت المذكرات باهتمام كافة الأطياف على اختلافها.

لا تقلّ مذكرات محمد سلماوي إثارة عن مذكرات عمرو موسى، فجاء عنوان مذكرات سلماوي “يوما أو بعض يوم” وصدرت عن دار الكرمة في جزء يتوقع أن يتبعه جزء آخر. يتناول الجزء الأول من المذكرات الفترة ما بين 1945 و1981. توقف فيها سلماوي طويلا عند طفولته وعائلته الارستقراطية التي تنتمي إلى الباشاوات، وإن كان مال سلماوي إلى التحليل الثقافي لطبقته، وأراد أن يُعطي المذكرات زخما فتحدث عن علاقات جنسية جريئة مرت في حياة والده وحياته كذلك.

ومن السير الأدبية الثقافية تأتي سيرة الدكتور عبدالله إبراهيم “أمواج” وجاءت في أكثر من 600 صفحة، وهي صادرة عن دار جامعة خليفة بن حمد للنشر، وقد مزج فيها المؤلف بين سيرته الذاتية وسيرة الوطن حتى أنه وسمها على الغلاف، بسيرة عراقية، جاءت السيرة في إحدى عشرة موجة متعاقبة خلال خمس عشرة سنة، معتمدا فيها على الآلاف من اليوميات التي دوّنها طوال أربعة عقود.

وبالمثل هناك سيرة الروائي بهاء طاهر “السيرة في المنفى” وهي صادرة عن دار نشر بردية بالتعاون مع مصر العربية. السيرة تبدأ بلحظة النفي الإجباري بعد قرار فصله من الإذاعة بناء على اتهام مجحف من يوسف السباعي بأنه شيوعي، ثمّ بعدها يُسهب في ذكريات عن طفولته ووالده وعلاقته الفريدة بأمه، كما يحكي عن حبّه الأول، ثم يسرد أوجاع غربة استمرت 25 عاما متنقلا بين بلدان مختلفة، لم يُخفف آثارها الحب أو حتى الكتابة.

وما يدخل في باب السيرة الأدبية كتاب «ذكريات.. سيرة لم تكتمل» للدكتور قسطنطين زريق وهو من تحرير هشام نشابة. والكتاب صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية. وهذه الذكريات كتبها قسطنطين في الأيام الأخيرة من حياته. ولم تمهله الأيام ليتمّها كما كان ينوي، لذلك اقتصرت ذكرياته على أيام طفولته وشبابه، وقد خلت هذه المذكرات من مواقفه وآرائه. تكمن أهمية المذكرات في أنها تُلقي الضوء على مسيرة أحد أبرز المفكرين العرب في القرن العشرين، وأثر التجارب المريرة والهزائم والنكبات التي مُنيَ بها في هذه المسيرة. حيث رافق زريق تطور الفكر القومي العربي منذ نشأته، وفي مراحل التقلبات السياسية التي شهدها أيام الاستعمار وبعد الاستقلال وأيام النكسات والانقلابات والهزائم.

يروي الكاتب العراقي عادل حبة في كتابه “مذكرات إيرانية” الصادر عن منشورات المتوسط – إيطاليا، في 136 صفحة رحلته إلى إيران في مهمة تنظيمية خلال العمل السري للحزب الشيوعي العراقي، فتبدأ الحكاية من بيروت إلى موسكو ومنها إلى إيران، مرورا بمدنها المختلفة وانتهاء بالسجن، ليعطي، كما يقول الناشر على غلاف الكتاب، “نظرة أفقية عمودية للواقع الإيراني على مستويات عدة، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا، وينقل بكثير من العاطفة تفاصيل حياته هناك مطلع ستينات القرن الماضي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى