النبي صالح.. قرية فلسطينية صغيرة منحتها الصبية عهد التميمي سمعة عالمية
رام الله- قدس برس
فتيات النبي صالح، هنّ جزء من ذاكَ الجيل الجديد الذي شاهد بأمّ عينه دم الفلسطينيين الذي يُراق، يُعدمون في الشوارع وبين أزقّة البلدات والقرى، من قبل محتلّ إسرائيلي سرق بيوتهنّ وأرضهنّ ووطنهنّ.
لم يقفن مكتوفات الأيدي، بل قُمن بمقاومة المحتل بالسّلم من خلال فعاليات المقاومة الشعبية، والخروج في المسيرات والتظاهرات الأسبوعية في قرية النبي صالح الواقعة شمالي غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
وبرزت تلك الفتاة الشقراء عهد التميمي (17 عاماً)، التي تصدّت للمحتل الإسرائيلي من بين فتيات هذه القرية، فجسّدت عدسات الكاميرات الفتاة المنتفضة وهي تضرب بيد من حديد دون خوف مما سيحلّ بها، فمرّة تُدافع عن أرضها، ومرّة تُدافع عن أخيها، وأخرى تضرب جندياً لتثأر لطفلٍ ما يزال يرقد على سرير المشفى، ينتظر رحمة الله، بعد أن أصابه عيار معدني مغلّف بالمطاط اخترق دماغه ما أدى إلى فُقدانه الوعي منذ جمعة الغضب الثانية وحتى اليوم.
اقتحمت قوات من جيش الاحتلال فجر امس الثلاثاء، قرية النبي صالح، وحاصرت منزل عائلة الفتاة التميمي، لتقوم بعد عملية التفتيش وضرب أفراد العائلة باعتقالها، بادّعاء ضربها للجنود الإسرائيليين يوم الجمعة الماضي، رغم مرور وقت على الحدث.
لكنّ وسائل الإعلام العبرية وكما يقول رئيس المجلس القروي ناجي التميمي، لم تهدأ، بل أثارت قضية “عهد” مراراً وتكراراً، وقالت إن مثل تلك الحوادث من شأنها أن تهدر كرامة الجيش الإسرائيلي، فكيف لطفلة أن تضرب جندياً دون مُحاسبة.
وقامت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، بنشر الفيديو الذي قامت فيه الفتاة الصغيرة وأخريات بضرب جنود كانوا يُريدون أن يستخدموا بيتهم درعاً واقياً لهم خلال مواجهات القرية (في جمعة الغضب الثانية).
النبي صالح
هذه القرية هي إحدى القرى الفلسطينية الواقعة شمالي غرب رام الله، والتي تبلغ مساحتها 3 آلاف دونم، ويسكنها نحو 500 فلسطيني (بالإضافة لـ100 يسكنون في مناطق أخرى برام الله)، كما يوجد في المهجر ما يقارب 600 فلسطيني من أبناء تلك القرية.
يقول رئيس المجلس القروي، ناجي التميمي لـ”قدس برس”، إن القرية قاومت الاحتلال منذ بدايته، حيث شاركوا في ثورة عام 1936، وكذلك في الـ1948. وكان في داخل القرية معسكراً كان يُستخدم كمقرٍ للشرطة في أيام بريطانيا والأردن، حيث قام الاحتلال بالسيطرة عليه، ما هدّد سلامة وحياة وأمن الفلسطينيين هناك.
أما الاستيطان في قرية النبي صالح، فبدأ عام 1967 حينما أُقيمت إحدى البؤر فيها، لكن نتيجة المتابعة الشعبية والقانونية تم إخلاء البؤرة الاستيطانية، وفي العام الذي تلاه، وبعد فوز حزب الليكود في الانتخابات المبكّرة آنذاك في “إسرائيل”، أُعيدت البؤرة.
يوضّح التميمي أن عام 1977 أُقيمت مستوطنة يُطلق اليهود عليها “نبي تسوف” أو “حلميش”، كما يوجد في القرية بوابتان، إحداها مغلقة بشكل كامل منذ عام 2001، والأخرى تفتح بشكل جزئي وحسب ميزاجية الجنود الإسرائيليين.
ويُشير إلى أن القرية تشهد موجات متلاحقة من الاستيطان، ما أدى إلى ردّات فعل من قبل سكانها كغيرهم من الفلسطينيين، وقاوموا بكل ما هو مُتاح أمامهم، حتى بدأت عام 2009 فعاليات مقاومة شعبية منظمة بشكل دائم، آخرها المسيرات الاحتجاجية الرافضة للسياسة الأمريكية المنحازة لـ”إسرائيل”.
عائلة التميمي
وتناقلت وسائل الإعلام العبرية الفيديو الذي اعتُقلت عهد من أجله، حيث كانت تُدافع عن منزلها، ولا تُريد للجنود أن يقتحموه ويعتلوا سطحه، فقامت بضرب الجنديين لأنهما بقيا في مكانهما.
وعقب اعتقال الفتاة التميمي من منزلها فجر اليوم، اعتُقلت والدتها ناريمان من مركز شرطة الاحتلال بنيامين بعدما ذهبت للاطمئنان على ابنتها.
وأضاف رئيس المجلس القروي، إن الفتيات شعرن بالخطر، كما أنهنّ غضبن من أجل الطفل محمد فضل الذي أصابته القوات الإسرائيلية برصاصة مطاطية اخترقت دماغه، فكنّ حاقدات على ذاك الاحتلال الذي قد يسلب محمد حياته أو عافيته فيما بعد.
وتابع: “أن وسائل الإعلام العبرية خاصة المرتبطة باليمين وقوات الجيش الإسرائيلي أثارت الموضوع أكثر من مرة، معتبرة بأنها إهانة كبيرة للجيش والجنود، ويجب معاقبة كل من اعتدى على الجنديين، لكن الضرر الأكبر كان على عهد بسبب الفيديوهات المنتشرة لها في أحداث سابقة”.