اليوم العالمي للغة العربية

يوم للأحتفاء باللغة العربية فى 18 ديسمبر(كانون الثانى ) من كل عام وقد مر علينا أمس فوجب ان ندركه اليوم وفى هذا العام نهنىء: لسان الضاد, ونترجم الأفكار….لايمكن للقسمة أن تتواجد ولا ان تصير أضاد , فمن صَنَع سين وشين وصاد يريد الدمار , لكن حفظ الله العربية بالقرآن .اللهجات العامية تكاثرت على الفصحى , والفضائيات تنفخ فى النار رداءة الأسلوب وشيطنة الحوار وتعدد اللهجات وأعوجاج اللسان وميوعة البنات والمذيعات وأسترجال الخناشير من النسوان بأصطناع كلمات ليس لها محل من الأعِراب , وتدرج الأطفال على التغريب واستبدال العربية بكلمات الفرنجة على الخصوص والايهام بأن ذلك تطور وفلوس وهو انحطاط للنفوس .

توارت الأغانى والطرب التى درجت على دُرر الشعر والشعراء , واُزِيحت عن المسرح وأغلق عليها الستار- شعر شوقى وأبى العلاء وأبى فراس وناجى ورامى وعلى محمود طه وأحمد فتحى ,توارى الآن -والتهبت النوادى الليلية والحانات والبارات بالكلمات الهابطات الساقطات التى لاتمت للغة بحرف لكن كانت لها أِهانات وبدت كلمات كالغنج أفو , وتعالى أَأَولك الوو , والسح أدح أمبوو بديلا عن الأطلال وسلوا كؤوس الطلى ونهج البرده وسهران وأراك عصى الدمع ورباعيات الخيام .

وبدت اشكال متشرده وشخصيات ساقطة تتراقص و تخرج من أفواهها نتانةِ الكلمات التى تسىء للغة العربية وفُصحاها بالذات وتحول لسان الضاد الى عباط.

كانت القاهرة ودمشق وبيروت وبغداد مراكز للتنوير ومجامع اللغة فيها تحفظ اللغة وتُرَشدها بين الفينة والأخرى وتنقيها من العاميات واحيانا تضع السدود تجاه الزحف الجارف لتفريغها من درر الكلمات ومسخ حلاوة الحروف والكلمة وكل ماهو من الكنايات أو المحسنات البديعيات .

وبقى للأزهر دوره ومراكز البحوث فيه وجامعته عمود الخيمة لأم اللغات تلك التى نتذوق من خلالها حلاوة الآيات البينات والتى شرفها الله فكان لجبريل ان يهبط بها من عند الله على محمد لينشرها بالقرآن .

وحين أفُل نجم المدن الأربعة السالفات , ورَوَىَ الصحراء البترول , لم ينتج طيباً من الزرع ولم يروِ زهراً فى الأرض ولم يسق أشياء حية لتترعرع وتنمو وتزدهر , وأنما صار النفط يصنع اصنام وأشياء صماء .

فظهرت دبى وأبو ظبى والدوحة والمنامة والكويت وحتى فى الرياض ثقافة البترودولار التى تعتمد على الأِبهار والاِ علام المُستغرِب والناقع فى ماء غربى صهيونى حتى النخاع ظهرت تلك المدن والعواصم تُسقَى من ماء مُصَنع انتفت عنه صفة الزلال وبات لايروى واِنما يزيدنا عطشاً ويساهم فى الجفاف , مما نتج عنه لغة لاتنتمى للعربية وأنما لغة تعدت على الفصحى التى توارت فى أدبيات ولهجات تلك العواصم وما أسسته من مؤسسات أعلامية ولغوية وثقافية وقنوات فضائيه دمرت اللغة العربية وصنعت من لهجاتها الخليجية المدرجة فى لهجات غربيه لتصنع منها فتيلا جديداً قادراً فى أى وقت أن يشعل مابقى من لسان الضاد فيقضى عليه بالسين والشين والصاد .

أنه القرآن الذى يبقى -رغم ماتفعلة أنواء المدن القاحلة -حافظا للغة من أجل سمو الحياة وأرتواء المياه وأنسياب البيان , فالبتردولار لابد أن ينضب وحتى وهو فى تدفق فأنه فاعل فى الحريق والدمار فلا يروى عطشى ولا ينبت ارضاً بكراً وانما يساعدها على البوار لأنه نفاية تخرج من الأرض بعد دفنها بفعل الألة الصماء , لذا فتلك المراكز التى صنعها البترودولار وبدت تجهض لغة الضاد لابد زائلة , ولابد لكل العواصم التى تعتمد على الفكر والعقل والتى قادت التنوير أن تعود من جديد والى جانبها ماظهر فى تونس والجزائر والرباط وعمان وفلسطين , وللشعب العربى أن يعود للقراءة كغذاء للروح وأن يهجر البدع والهابط من الأعلام والأسفاف فى الأغانى , وأن يعود ليدرُس كنوز اللغة من جديد ويعيد للمكتبة العربية حرف الضاد لامعة أضوائها ناصعة البيضاء بعد أن يُنَقِيها من هابط الكَلِم والأسفاف فيضيئها لغة للعصر والقرآن , لكى نستنشق عبير اللغة ونتذوقها من جديد فتسمو الروح وتعود الحياةويضاء التنوير.

فلغتنا العربية يسر لاعسر .. ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها . هكذا علمنا عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى