أعرب صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” عن أسفه لأن حوارات المصالحة التي استضافتها القاهرة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة بمقر المخابرات المصرية، فشلت في إقناع حركة “فتح” بأن تتخلص من حزبيتها الضيقة ومحددات التنسيق الأمني لصالح المصالحة الوطنية الشاملة.
واتهم البردويل في حديث خاص مع “قدس برس”، امس الجمعة من وصفهم بـ “فريق السلطة في حركة فتح بالتنصل من كل التزاماتهم تجاه المصالحة والهيمنة على القرار الفلسطيني”.
وقال: “لقد أصر فريق حركة فتح إلى حوارات المصالحة على أن يجعل عنوان جولة الحوار التي استضافتها المخابرات المصرية هذا الأسبوع، كلمة غامضة هي تمكين الحكومة في قطاع غزة”.
وأضاف: “ومع أن كل الأطراف الفلسطينية المشاركة في حوار القاهرة تشهد بأن التمكين للحكومة قد تم على الأرض، إلا أن فريق فتح اخترع مصطلحا جديدا أسماه التمكين الكامل، الذي هو في نهاية المطاف ليس إلا تسليم رقاب المقاومة والشعب الفلسطيني إلى الاحتلال”.
وأشار البردويل إلى أن “ما زاد من تعقيد الأمور، أن فريق حركة فتح ربط ما بين التمكين الكامل وما بين الحاجات الأساسية للشعب الفلسطيني في غزة مثل الكهرباء والماء والدواء”.
وقال: “وبهذا المنطق بدأ فريق السلطة في التنصل من كل ما التزموا به في اتفاق المصالحة الذي تم التوقيع عليه يوم 12 تشرين أول الماضي في القاهرة”.
اما عزام الاحمد، رئيس وفد حركة “فتح” للمصالحة الفلسطينية فقد اكد أن البيان الختامي لاجتماعات القاهرة هو بمثابة خارطة طريق للمستقبل، وأن الاجتماعات لم تناقش مسألة سلاح المقاومة أو رواتب موظفي غزة، وركزت على بحث “عقبات التمكين” لحكومة الوفاق في غزة.
وحول موقف السلطة من سلاح المقاومة وهل لرفض دفع رواتب للعسكريين في غزة علاقة بذلك، قال الاحمد في مع “قدس برس”: “الامر لم يناقش، وطالما السلطة الشرعية هي المسؤولة عن الأمن في غزة والضفة فأي سلاح غير ذلك غير مقبول”.
وأضاف: “إن الانقسام الفلسطيني سينتهي بإجراء الانتخابات العامة.
وأوضح أن الامور الأخرى ستظل معلقة ولن تُحل لحين التمكين، وسيطرة حكومة الوفاق علي كامل غزة، مثل رواتب الموظفين المقرر صرفها في كانون أول المقبل، وفتح معبر رفح بشكل منتظم، وكهرباء غزة. وقال: “لا رواتب في 12/5 إلا بعد التمكين في غزة”.
وأشار الأحمد إلى أن “قطر أبدت استعدادها لدفع رواتب موظفي حماس سابقا لمدة 6 أشهر ثم تراجعت”.
وكان الاحمد قال في المؤتمر الصحفي مساء أمس الاول، بشأن سلاح المقاومة: “لا يوجد شيء اسمه سلاح مقاومة وسلاح سلطة هناك سلاح فلسطيني واحد موحد، لا نجزئ الأمور، ومسألة الأمن معقدة، ولم تطرح في الاجتماع لا من قريب ولا من بعيد”.
وكشف الاحمد، النقاب عن أن مصر سترسل مسؤوليها لرام الله وغزة لمراقبة تمكين الحكومة، وستعلن على الملأ الطرف الذي يعرقل تنفيذ الاتفاق.
وأشار الأحمد إلى أن هناك عقبات تواجه عمل حكومة التوافق الوطني في قطاع غزة الفلسطيني، وأن هناك اجتماعا سيعقد في الأول من كانون أول في القاهرة مع حركة حماس من أجل مناقشة ملف تمكين الحكومة.
هذا وقد أرجع مراقبون ومحلّلون سياسيون، سبب تعثّر حوارات المصالحة بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة على مدار اليومين الماضيين، إلى ضغوط دولية وإقليمية تعرّضت لها حركة “فتح”.
ودعت الفصائل الفلسطينية في ختام جلسات حوارية استمرت ليومين في العاصمة المصرية، إلى تطبيق اتفاق المصالحة، وتنظيم انتخابات عامة خلال عام واحد، وإنهاء معاناة سكان قطاع غزة، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية.
وقال المحلّل السياسي، إياد القرا، إن البيان الذي صدر أمس عن الفصائل الفلسطينية “نتاج طبيعي للظروف المحيطة باللقاء، وحالة الضغط العام الذي تمر به المنطقة”.
ورجح القرا في حديث لـ “قدس برس” ، أن تكون بعض الأطراف الإقليمية – لم يذكرها – قد مارست ضغوطًا على حركة “فتح”، لعدم إتمام المصالحة الفلسطينية.
وأوضح أن “رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أرسل وفد حركته (فتح) بسقف محدود من المواقف، لا يجوز تجاوزها، وبينها تمكين الحكومة فقط وعدم تقديم أي حلول للمشكلات القائمة، في حين ذهب وفد حركة حماس مندفعًا نحو إتمام المصالحة بأي شكل، الأمر الذي اعتبره عباس شكلًا من أشكال الضعف وليس كما تعتقد حماس أنه عامل قوة”.
وأشار إلى الخلاف في الرؤية العامة للحركتين فيما يتعلق بتنفيذ المصالحة؛ ففي حين تتمسك “حماس” بتطبيق الاتفاقيات المرتبطة بمعالجة الملفات الكبرى أو الملفات المتعلقة بأوضاع قطاع غزة؛ ومن بينها ملف الموظفين وفتح معبر رفح، وتؤكد على أن حلّها هو استحقاق شعبي؛ ترى حركة “فتح” عكس ذلك، وتتّجه نحو تمكين الحكومة في قطاع غزة بالطريقة الإحلالية كما حدث في ملف إدارة المعابر.
وتوقع القرا أن يكون لقاء المزمع عقده في شهر كانون أول المقبل “فرصة أخرى لمعالجة الملفات المهمة المرتبطة بإدارة العمل الحكومي في قطاع غزة”، مستبعدا أن تلتزم حكومة التوافق الوطني بالتفاهمات المتعلق بإدارة قطاع غزة وحل القضايا المختلف عليها مع حركة “حماس”..
ورأى أن موقف الفصائل الفلسطينية كان مساندًا لحركة “حماس”؛ سواء اليسار أو حركة “الجهاد الإسلامي”، لا سيما فيما يتعلق بموضوع رفع العقوبات عن قطاع غزة.
بدوره، أفاد المحلل السياسي، شرحبيل الغريب، بأن بيان الفصائل الذي صدر عقب انتهاء اجتماع القاهرة “لم يسجل اختراقات حقيقية في الملفات الكبرى؛ لا سيما منظمة التحرير، أو الانتخابات، أو حكومة الوحدة الوطنية”.
وقال الغريب لـ “قدس برس”، إن “البيان سجل فشلًا واضحًا للفصائل في إلزام حركة فتح برفع العقوبات عن غزة فورًا”.
وبيّن أن “عدم تضمّن البيان لجدول زمني لحل كل الملفات يدلل على فشل واضح للجولة ويعكس مدى إصرار فتح على استمرار حالة التفرد بالمؤسسات والقرار الفلسطيني”.
ونوه إلى أن مستقبل المصالحة “بات في خطر كبير، جراء رضوخ حركة فتح للضغوطات الأمريكية والإسرائيلية وإصرارها على حالة التفرد في الساحة الفلسطينية”.
واعتبر أن عنوان المرحلة القادمة يتمثل بـ “إدارة المصالحة” وفق زيارات وجداول زمنية وبروتوكولات وجولات “سيكون عنوانها التلكؤ والهروب من استحقاقات المصالحة وشعبنا سيدفع الثمن”.
وكانت الفصائل الفلسطينية، قد أكدت على ضرورة ممارسة حكومة التوافق الوطني لصلاحيات في قطاع غزة والقيام بمسؤوليتها، وتنفيذ اتفاق الثاني عشر من تشرين اول الماضي حركتي “فتح” و”حماس” بهذا الخصوص، ومناقشة تعزيز وضعها، والتنفيذ الدقيق والأمين للاتفاق.
وشددت في بيان صدر عنها مساء الأربعاء الماضي، عقب اجتماعها في القاهرة بدعوة من مصر على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين على أهمية العمل الجاد من أجل تذليل أية عقبات أو عراقيل تعترض جهود الحكومة للقيام فورًا بواجباتها ومسئولياتها في قطاع غزة وإنهاء معاناته في مختلف المجالات.
ولم يخرج البيان برفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة أو فتح المعابر أو تحريك الملفات الكبرى التي كان الاجتماع من أجلها.