المسيرة الكفاحية للحزب السوري القومي الاجتماعي وقضية فلسطين

بقلم : أكرم عبيد

في البداية ليست العبرة أن نستعرض هذه المسيرة الكفاحية للحزب بل العبرة أن تستكمل هذه المسيرة الكفاحية المراتونية الطويلة حتى تحقيق كامل أهدافنا القومية وفي مقدمتها دحرا لغزاة ألمحتلين واستعادة الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية التي سقط من أجل تحقيقها مئات ألآلاف من الشهداء وفي مقدمتهم الشهيد القائد انطون سعادة مؤسس الحزب .

وبقراءة واعية لفلسفة ألحزب وفكره النهضوي العروبي القومي ألخلاق الذي استند بالأساس لرسائل الزعيم ألقومية وتعاليمه المعرفية والثقافية لمواجهة أعداء ألآمة وعملائهم ألصغار عندما قال في سان باولوعام 1925في مقالة له بعنوان القضية الوطنية ( حتى الآن لم تقم حركة سورية منظمة تنظر في شؤون سورية الوطنية ومصير ألأمة ألسورية. )

في الحقيقة كانت هذه المقالة مؤشر مهم على التفكير الجدي في تأسيس قوة منظمة لمواجهة المخاطر الجدية التي تتهدد الأمة ، لذلك فقد اعتمد الزعيم في تأسيس الحزب على مرحلتين :

أولاُ: مرحلة ألتأسيس والعمل ألسري من السادس عشر من تشرين الثاني عام 1932 حتى تشرين الثاني من عام /1935 /

ثانياُ : مرحلة النضال العلني وفي مقدمتها العمل المسلح

وقد تميزت مرحلة التأسيس والعمل السري بالإعداد والتنظيم والتعبئة ألجماهيرية والتحريض على ألمشاريع والمخططات ألاستعمارية التي تتهدد وحدة الوطن والأمة بدءاُ من سلخ لواء إسكندر ون إلى اغتصاب فلسطين عام 1948.

لذلك فقد شخص الزعيم والمفكر القومي الكبير طبيعة الصراع بشكل مبكر مع الغزاة الطامعين بأنه صراع وجود وسيكون صعب وشاق وطويل ويحتاج لتوحيد طاقات الأمة ومقدراتها لمواجهة المخاطر الخارجية التي تتهدد وجود الامة .

وهذا ما يثبت أن الزعيم أدرك أبعاد ومخاطر هذه المشاريع والمخططات الاستعمارية مبكراً وقرع جرس الإنذار لشرفاء الأمة من خلال رسائله القومية ألمهمة التي فضحت هذه المشاريع المشبوهة وتصدت لها بعدما شكلت اتفاقية سيكس بيكو ووعد بلفور المشئوم مقدمتين لارتكاب جريمة العصر التي لم يشهد التاريخ مثيلاُ لها لاغتصاب فلسطين وقال ( أن الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على جميع الكيانات السورية)

واستمر الزعيم في مسيرته الكفاحية في فضح تصريح بلفور المشئوم ووجه رسالة قوية ومعبرة لرئيس وزراء بريطانية الصهيوني لويد جورج عام 1931 أشار فيها إلى وعد من لا يملك إلى من لايستحق وقال ( أن أمور عظيمة جداُ ستترتب على المحاولة الآثمة التي لم يعرف التاريخ محاولة أخرى تضاهيها والتي أطمئنكم بأن نتائجها لن تقتصر على فلسطين بل ستتناول العالم أجمع )

وقد نبه الزعيم لمخاطر هذه المؤامرة قبل وقوعها عندما قال في حفل افتتاح النادي الفلسطيني في بيروت عام 1933 ( أخشى أن تكون سورية أخذة في الانزلاق من أيدينا المتفرقة ففي الجنوب تتراجع الخطوط السورية إمام الحدود اليهودية الصهيونية وفي الشمال تتقلص الحدود السورية أمام الحدود التركية ).

أما بخصوص اتفاقية سايكس بيكو فقد قال ألزعيم ( إن اتفاقية سايكس بيكواعلنت موت امة كان لها الدور الأساسي في نشأة الحضارة .)

وعندما وصلت الأمور حداً الترجمة الأقوال الاستعمارية إلى أفعال ميدانية في ظل صمت وتواطؤ الأمم المتحدة وعجز الجامعة العربية كان الحزب السوري القومي يمر في مرحلة انتقالية ما بين العمل السري والعلني  بعد انكشاف أمر الحزب .

وبعد فترة تمت ملاحقة أعضائه وقياداته من قبل سلطات الاحتلال الفرنسية التي ألقت القبض على الزعيم المؤسس  وسجنه ستة أشهر لكنه لم يستسلم لإرادة الاحتلال بعد مرات عدة من اعتقاله واستمر في المقاومة والصمود والممانعة  وهذا دفع سلطات الاحتلال لاعتقاله ونفيه خارج البلاد حتى العام 1947 ولم ييأس بل تابع مسيرة الحزب من والتصدي للمشاريع والمخططات الاستعمارية ودور العملاء الصغار فأعلن الحرب على العصابات الصهيونية والاحتلال البريطاني في فلسطين لدعم ومساندة الثورة الفلسطينية المسلحة الكبرى عام 1936 بعد استشهاد قائد الثورة الشيخ المقاوم عز الدين القسام ورفاقه المقاومين في معركة يعبد البطولية وبدأت مجموعات الحزب المقاومة من المتطوعين تتوافد إلى فلسطين والمشاركة الفعالة في مواجهة الغزاة  وسقط الكثير من أبناء الحزب على أرض فلسطين شهداء في عدة معارك من صفد إلى عكا وحيفا والقدس ونابلس  وفي مقدمتهم الشهيد القائد محمد سعيد العاص الذي استشهد في معركة جبل الخضر بتاريخ 6 / 10 / 1936 ودفن في قرية الخضر والشهيد القائد حسين علي ألبنا الذي استشهد في نفس العام في معارك نابلس البطولية .

وفي عام 1937 وجه الزعيم مذكرة احتجاج شديدة لعصبة الأمم المتحدة مستنكرا الوعود الاستعمارية البريطانية وقرارات لجنة ببل المشبوهة بعد تصرف سلطات الاحتلال البريطانية في فلسطين وكأنها مقاطعة بريطانية وخاصةُ بعد صمت وتواطؤ وعجز عصبة الأمم المتحدة  .

وفي عام 1944كتب مقالاُ مهماُ في جريدة الزوبعة شخص الوضع في سورية الكبرى ومخاطر الهجرة للقطعان الصهيونية المستوردة من كل أصقاع العالم بدعم ومساندة القوى الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانية.

كما اعتبر الزعيم قرار التقسيم في الثاني من تشرين الثاني من عام 1947 يوم حداد وطني وقومي، وخلال هذه المرحلة اشتدت المقاومة في فلسطين والمعارك الضارية واستمر الحزب في إرسال المتطوعين للمشاركة في مقاومة الغزاة وسقط المزيد من الشهداء وفي مقدمتهم الشهيد محمد فوزي خفاجة الذي استشهد في معركة اللد والرملة  وكان من عناصر منظمة الزوبعة وعدد أخر من أعضاء منفذيه الحفة الباسلة والقائد محمد سعيد عقيل زغييب في معركة المالكية البطولية كما استشهد عدد من عناصر الجيش الشامي من أعضاء الحزب  وفي تلك المرحلة العصيبة والقاهرة تم إعلان قيام الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين واعترفت بعض الدول الكبرى بهذا الكيان الغريب وقال الزعيم بهذه المناسبة الكارثة ( كنت أرى كارثة فلسطين من زمان آتية واليوم وكأني اسمع حدث قد مضى ) واستمرت تداعيات الكارثة على شرفاء الأمة بعد طرح مسألة الهدنة مع مجرمي الحرب الصهاينة لكن صوت الزعيم كان لهم بالمرصاد محذراُ الأنظمة العربية من الموافقة عليها ورفضها واستمرار مقاومة الغزاة الغاصبين حتى دحرهم واستعادة كامل حقوقنا الوطنية والقومية وبالرغم من قبول الأنظمة المشبوهة للهدنة.

لم يتوان الحزب قيد أنملة عن الاستمرار في مقاومة الغزاة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وخاصة بعدما تكالبت أدوات المؤامرة على الحزب وقيادته المقاومة في تلك المرحلة لإسكات الصوت الحر المقاوم واعتقلت مؤسس الحزب وزعيمه القائد في الشام وتسليمه للحكومة اللبنانية التي قدمته لمحاكمة صورية لم تشهد المحاكم مثيلاُ في هزلها ومهزلتها ونفذت حكمها الغادر والجائر بشخصية عربية مقاومة من الطراز الأول وغيبته عن مسرح الأحداث بشكل قسري بعدما خلف حوالي ألفي مقال وخطاب حول القضية الفلسطينية والمشروع الاستعماري ألتقسيمي من سايكس بيكو إلى وعد بلفور المشؤوم.

وبالرغم من تكالب عوامل المؤامرة على الوطن والمواطن كان الحزب السوري القومي وما زال مستمراُ في دعم ومساندة القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية الأمة الأولى والمشاركة في مقاومة الغزاة بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة وخاصة بعد انضمام الكثيرين من عناصر الحزب لفصائل المقاومة الفلسطينية وتنفيذ الكثير من العمليات البطولية ضد العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة وخاصة بعد الاجتياح الصهيوني للأراضي اللبنانية وصولا إلى العاصمة بيروت عام 1982 فكان للحزب دوراً مهما في مقاومة الغزاة ولعب دورا مميزاٌ في تشكيل جبهة المقاومة اللبنانية الباسلةُ ونفذت وحداته الفدائية عمليات مميزة ونوعية ضد الاحتلال الصهيوني وفي مقدمتها العمليات الاستشهادية البطولية من عملية الشهيد خالد علوان إلى العملية الاستشهادية البطولية لعروس الجنوب سناء محيدلي إلى عملية الحاصباني الاستشهادية التي نفذتها عروس جبل سلطان باشا الأطرش زهرة أبو عساف  ووجدي الصابغ وخالد الازرق ومريم خير الدين وعمار الأعسر وابتسام حرب وغازي طالب وكانت بعض هذه العمليات الاستشهادية بمشاركة بعض الفصائل الفلسطينية المقاومة مثل عملية الثامن من تموز في فلسطين المحتلة المشتركة بين الحزب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعملية الحاصباني الاستشهادية المشتركة  بين الحزب وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني بتاريخ  18 حزيران عام 1987 نفذتها الشهيدة زهرة ابوعساف وسليمان جابر من الجبهة والكثير من العمليات البطولية الأخرى مثل قصف المستعمرات الصهيونية شمال فلسطين .

وهكذا تعمدت العلاقة الجدلية بين الحزب والقضية ألفلسطينية بالدماء الطاهرة منذ اللحظة الأولى لتأسيسه ومواجهة المشاريع والمخططات الاستعمارية حتى انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة التي شارك الحزب معظمها بالعمليات البطولية ضد العدو الصهيوني وفي مقدمتها العمليات الاستشهادية المتعاظمة وكنا شركاء في مقاومة الغزاة مجرمي تحالف الشر الصهيو- أمريكي.

كما نبه الحزب من مخاطر الاتفاقيات التصفوية مع العدو الصهيوني من إنفاق كامب ديفيد الذي اخرج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني إلى إنفاق أسلو سيء الذكر إلى  وادي عربة وآنا بولس والرباعية الشارونية الصهيونية مروراُ بكل المشاريع والمخططات الصهيو أمريكية التي تستهدف النيل من صمود شرفاء الأمة المقاومة من فلسطين إلى لبنان والعراق بدعم ومساندة سورية قلب العروبة الصامد التي حطمت كل المشاريع والمخططات الصهيو أمريكية وفي مقدمتها مايسمى النظام الشرق أوسطي الكبير أو الجديد لا فرق.

وأكد على ضرورة استمرار المقاومة وتوحيد الجهود حتى دحر الغزاة واستعادة حقوقنا الوطنية والقومية في فلسطين كل فلسطين والجولان العربي السوري وكل ذرة مازالت مغتصبة في جنوب لبنان المقاوم إلى العراق المقاوم العظيم.

أما أليوم فالحزب السوري القومي الاجتماعي يعتبر ركن أساسي من أركان الجبهة الوطنية التقدمية في سورية  التي حصنت سورية بالوحدة الوطنية بقيادة الرئيس بشار الاسد وتصدت لكل المشاريع والمخططات الاستعمارية الصهيوامريكية القديمة الجديدة والتي تجسدت بإعلان الحرب الكونية الظالمة منذ نيف سبع سنوات لكن سورية صمدت بوحدة والجيش والشعب والقيادة وحققت المزيد من الانتصارات على معظم الجغرافية السورية والتي لن ولم يكن اخرها كسر حصار دير الزور وتحريرها وتحرير الميادين والبوكمال بل كل ذرة ما زالت تحت سيطرة العصابات الوهابية التكفيرية ودواعشها وفي هذا العدوان كان مقاتلي الحزب السوري القومي في طليعة القوات الرديفة للجيش العربي السوري في مواجهة الارهاب والارهابين وسقط الكثير من اعضائه شهداء من اجل الدفاع عن سيادة واستقلال سورية التي يخوض جيشها الباسل والقوات الرديفة والحليفة الربع ساعة الاخيرة لإعلان النصر الكبير من قبل السيد الرئيس بشار الاسد كمقدمة لتحرير كل الاراضي العربية المحتلة واجتثاث الغدة السرطانية الصهيونية من فلسطين كل فلسطين والجولان العربي السوري المحتل ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في الجنوب اللبناني المقاوم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى