اصدار جديد.. “جماليات الفيلم السياسي المصري”

صدر كتاب “جماليات الفيلم السياسي المصري” للمؤلف المصري شكري حسن الشامي، الذي عرّف الفيلم السياسي بانه الفيلم الذي يتعرض لمن يحكمون ويتبنى من خلال أحداثه وعلى لسان شخوصه قضية سياسية عامة. حيث اختار المؤلف الفترة الواقعة ما بين عامي 1966 و1988، محورا لكتابه.

هذا الكتاب الذي يقع في ثلاثة أبواب، بالإضافة إلى مقدمة ومدخل، يطرح فكرة مفادها أن الفيلم السياسي له أثر واسع ومباشر على المشاهدين، لكن مع ذلك فإن الجدل حول طبيعة هذا الفيلم الذي يحظى برضا المشاهدين لا يزال قائما، ويطرح أمثلة على ذلك، حيث يشير إلى أن فيلم “الكرنك” من إخراج المؤلف علي بدرخان قد استقبله الجمهور والنقاد برضا واستحسان، بينما لم يلق فيلم “العصفور” من إخراج يوسف شاهين، نفس القبول من المشاهدين أو النقاد، حيث اتهم الفيلم بالرطانة والتغريب والتشويش والهروب من التعبير الصريح.

إلا أن المؤلف يشير في نفس الوقت إلى أن الفيلم السياسي يلعب دورا كبيرا في توعية المجتمع من خلال انتقاد الكثير من السياسات والتوجهات التي تنتهجها أنظمة الحكم، سواء في الزمن الماضي أو الزمن الحاضر أو حتى من خلال الزمن المطلق الذي لا يتحدد من خلال أحداث الفيلم، حيث يكون الهدف الرئيسي هو أن يكشف جوانب الانحرافات التي تقوم بها السلطة في حق المواطنين.

ويؤكد المؤلف على فكرة أن الفيلم السياسي مؤهل لأن يكون فيلما عالميا، انطلاقا من أن ينطوي على ثقافة ثورية يمكن أن تكون جسرا للتواصل بين الشعوب، من خلال ما يتضمنه الفيلم السينمائي من فورات اجتماعية وسياسية، تنطلق من الحاضر وتتجاوز الماضي وتستشرف المستقبل.

في هذا الإطار فإن جماليات الفيلم السياسي تطرح جدلية العلاقة بين الشكل والمضمون، وذلك لأن صانع الفيلم إذا اعتمد على التكنيك المعقد والإبهار واستعراض مهارات الإخراج وإمكانيات الإنتاج في الفيلم الذي يقدم من خلال قضية سياسية، فإن ذلك في نفس الوقت قد يخلق عوائق بين الفيلم وبين المشاهدين، مما يحول دون تقبل الجماهير له واستيعابه.

لكن في نفس الوقت فإن ما يعقد من هذه الإشكالية هو أن صانع الفيلم إذا اعتمد منهج التبسيط الشديد والسطحية، وأحيانا الخطابة والكوميدية، فإن هذا يقلل بشكل كبير من فعالية المعالجة السينمائية لقضايا تتسم بجديتها الشديدة، وهو ما يقلل بدوره من تقبل الجمهور للفيلم وتفاعله معه.

ويعرض الشامي ضمن أبواب كتابه، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، إلى العلاقة المتشابكة التي تربط بين الجمال والحس وبين الفنون بشكل عام، متطرقا إلى الفنون التي استفادت منها السينما. كما يتناول الكتاب عددا من الأفلام السينمائية الشهيرة، ومن بينها فيلم ”البداية”، ويشير المؤلف إلى أن النقاد اعتبروه من الأفلام التي اتسمت بالجرأة الشديدة، حيث تناول من خلال الحوار بين شخوص الفيلم العلاقة بين الديمقراطية والقومية، وذلك من خلال مجتمع صغير يمثل المجتمع الكبير بأكمله، وحيث جمع الفيلم بين العناصر الجمالية وبين الخطاب السياسي الذي يعتمد على مضمون فني ممتع.

وحول موضوعات الفيلم السياسي يشير الشامي إلى أن موضوعات الفيلم السياسي تختلف من بلد إلى بلد آخر، وذلك وفقا لدرجة التطور السياسي والاقتصادي في كل دولة، ويعرض المؤلف لأنماط رئيسية من الأفلام السياسية، النمط الأول هو الأفلام السياسية ذات النمط التقليدي، وهي أفلام تراعي قواعد الصناعة السينمائية وتخاطب الجماهير، وهذه الأفلام لا تطرح جديدا سوى طرح الموضوع الذي تتناوله، أما النمط الثاني من الأفلام السينمائية فهي الأفلام السياسية ذات النمط الأشد تطرّفا في السينما السياسية، وهي أفلام يصفها المؤلف بأنها أفلام مرتبطة أشد الارتباط بالجماعات السياسية والطبقة العاملة والتنظيمات الطلابية.

وعلى صعيد آخر فإن موضوعات الفيلم السياسي تنقسم إلى موضوعات أساسية تدور حول سيرة الثائر الذي يصبح ضحية للنظام المستبد، بالإضافة إلى الموضوعات الثانوية، وهي الموضوعات التي تحتل المكانة الثانية في الفيلم السياسي، ووظيفة هذه الموضوعات الثانوية ربط الأحداث الجديدة بالأحداث القديمة، ومن أمثلة هذه الموضوعات الثانوية مواضيع الحب، وهو ما يخفف من وطأة الفيلم السياسي ويجعله مقبولا بشكل أفضل لدى المتلقين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى