ابن سلمان يعتزم حل هيئة البيعة السعودية بعد انتفاء حاجته لها

بات في حكم المقرر حل هيئة البيعة السعودية، وذلك بانتظار الوصول النهائي لولي العهد الحالي محمد بن سلمان لسدة الحكم رسمياً (بعد عزل أو وفاة والده)، وبالتالي انتفاء السبب الذي أوجدت من أجله، وخصوصاً أنها أصبحت بنظر بن سلمان سلاحاً يهدد وجوده، في ظل اعتراض أبناء الأسرة الحاكمة على حملة الاعتقالات التي قام بها ضد الأمراء ذوي النفوذ، وعلى رأسهم الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني السابق.

وكان الملك السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد أسس هيئة البيعة عام 2006، وحدد مهمتها باختيار الملك وولي العهد مستقبلاً، وعيّن على رأسها شقيقه الأمير مشعل بن عبد العزيز، فيما كان الأمين العام هو سكرتيره الخاص وذراعه الأيمن خالد التويجري، والذي تشير التقارير إلى أنه هو من عرض الفكرة على الملك وأقنعه بها.

وفي العام 2007 أعلن الملك عبد الله عن اللائحة التنفيذية لهيئة البيعة وأهدافها، والتي تتمثل في “المحافظة على كيان الدولة وعلى وحدة الأسرة المالكة وتعاونها وعدم تفرقها، وعلى الوحدة الوطنية ومصالح الشعب”، فيما تتشكل الهيئة من 34 عضواً من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، أو أبناء الأبناء في حال وفاة الأب، ويعيّن الملك عضوين اثنين إضافيين، هما ابنه، وابن لولي العهد، وتنعقد اجتماعات الهيئة بحضور ثلثي الأعضاء كما هو مشار.

لكن هذه اللوائح كانت مجرد إجراءات شكلية من قبل مبتكر الفكرة خالد التويجري الساعد الأيمن للملك عبد الله، وذلك لتنصيب ابنه متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني كأول ملك للسعودية من أحفاد الملك عبد العزيز، خصوصاً بعد موت أغلب الأمراء من أبناء عبد العزيز لتقدمهم في السن.

واستفحل الشقاق بين أعضاء الهيئة عقب تعيين مقرن عام 2014 كولي لولي العهد، وهو منصب استحدثه الملك عبدالله بنفسه، حيث اعترض كل من الأمير طلال بن عبدالعزيز على الإجراءات داخل الهيئة، واصفاً إياها بالشكلية، فيما كان الأمير أحمد بن عبدالعزيز معترضاً أيضاً، بسبب تجاوزه، رغم أنه أكبر سناً من مقرن (الضعيف نسبياً)، وخصوصاً أن أمين هيئة البيعة خالد التويجري كان يخطط لعزل مقرن في ما بعد، والإتيان بمتعب بن عبدالله، ثم عزل ولي العهد آنذاك سلمان بن عبدالعزيز وتعيين متعب ولياً للعهد، ورجلاً ثانياً في الدولة حتى وفاة والده الملك عبدالله، ليكون ملكاً على البلاد.

ولم تجر الأمور كما كان يخطط لها التويجري، إذ أفشلت وفاة الملك عبد الله مطلع عام 2015 المخططات وتم عزله من منصبه كسكرتير للملك، وفرضت إقامة جبرية عليه، فيما عينت هيئة البيعة الشكلية محمد بن نايف كولي لولي العهد، وصار مقرن ولياً للعهد، قبل أن يقوم بن نايف ومحمد بن سلمان بالانقلاب عليه، ومن ثم قام بن سلمان بالانقلاب على بن نايف عن طريق الهيئة ذاتها، التي أنشئت للانقلاب على والده قبل أعوام.

وعاد أبناء عبد العزيز من أمراء الهيئة للاعتراض مرة أخرى، حيث قال الأمير طلال بن عبد العزيز (والد المعتقل حالياً الوليد بن طلال)، إن الهيئة لم تجتمع أصلاً وأن إجراءاتها شكلية، ثم عاد ليقول “لا سمع ولا طاعة لأي شخص يأتي في هذه المناصب العليا مخالفاً لمبادئ الشريعة ونصوصها وأنظمة الدولة التي أقسمنا على الطاعة لها”، في إشارة للأمير محمد بن سلمان، فيما فضّل الأمير أحمد بن عبد العزيز الصمت، واختار العيش في لندن، قبل أن يرجع إلى الرياض بعد تسويات غير معلومة مع بن سلمان.

وبعد أن سارت الأمور لصالح محمد بن سلمان، يبدو أن قرار حل الهيئة ووصمها بالفساد والرجعية بات قريباً، وخصوصاً أنه قام باعتقال أبناء عمومته بعد عزل وزير الحرس الوطني والملك غير المتوج متعب بن عبد العزيز ثم اعتقاله، واعتقال أمين هيئة البيعة السابق خالد التويجري، وعدد آخر من الأمراء ورجال الأعمال ذوي النفوذ، كما أن رئيس هيئة البيعة الأمير مشعل بن عبد العزيز قد توفي منتصف هذا العام، قبل عزل الأمير محمد بن نايف بأسابيع.

وتعود أسباب حل الأمير محمد بن سلمان المرتقب للهيئة إلى أمرين رئيسيين، الأول هو أن الهيئة قد انتهت من عملها تقريباً وحققت الغاية التي كان يطمح لها الملك عبد الله، وهي نقل الملك من أبناء عبد العزيز إلى أحفاده ولكن باتجاه معاكس، حيث إن الأمور جرت لصالح ابن أخيه محمد بن سلمان ولم تجر لصالح ابنه متعب، أما الأمر الآخر فهو أن بن سلمان يخشى من أن تستخدم الهيئة في يوم من الأيام ضده، في حال اجتماع أبناء الأسرة وتشكيلهم لمجلس حقيقي غير شكلي داخل الهيئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى