ثامر السبهان يقفز من عسكري حراسة الى وزير سفاهة
“ثامر السبهان” اسم سعودي لمع خلال الأشهر القليلة الماضية وبدأت وسائل الإعلام تتداول اسمه بشكل كبير حتى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ذكره في احدى خطاباته، ولكن ليس لكونه سفيرا للنوايا الحسنة أو مندوبا سعوديا لاحلال السلام في المنطقة، بل لأنه يرسم مثلث سياسي عدواني في كل من لبنان وسوريا والعراق ويعمل على تأجيج النزاعات وبث الفتن داخل هذه الدول بعد أن كادت تتماثل للشفاء من جحيم الإرهاب.
وإذا عدنا إلى تاريخ السبهان والمناصب التي أوكلت إليه في ربيع عمره يمكننا أن نفهم من أين آتى بكل هذه الطبيعة العدوانية حتى أصبح يمثل رأس الحربة السعودي في المنطقة.
ثامر السبهان “مواليد 1967” شغل مناصب عسكرية عديدة ، منها :
1- منصب قائد السرية الثانية تدخل سريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية.
2- قائد فصيل في السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية.
3- مساعد لقائد السرية الرابعة إلى أن وصل إلى رتبة قائد السرية الثانية تدخل سريع في كتيبة الشرة العسكرية الخاصة للأمن والحماية.
4- ضابط أمن وحماية للعديد من وزراء الدفاع مثل وزير الدفاع الأمريكي ديك تشيني ، والبريطاني توم كينج ، وأيضا لرئيس اركان القوات المشتركة في الولايات المتحدة الفريق الأول كولن بأول ، ولجوزف هور القائد العام للقيادة المركزية الأمريكية والفريق أول بينفورد بي بالإضافة إلى الفريق الأول هورنر قائد القوات الجوية الأمريكية.
وفيما بعد وبعد أن شعرت السعودية نفسها بحاجة لإعادة العلاقات مع العراق بعد قطيعة ربع قرن أو بالأحرى إعادة الفوضى إليه بعد أن كان يقترب من الاستقرار في أغلب مناطقه، لم تجد السعودية ضالتها للقيام بهكذا مهمة سوى بـ “ثامر السبهان” فعينته سفيرا لدى العراق، ولم يستطع السبهان إخفاء خلفيته العسكرية والامنية التي جاء منها فظهرت في سلوكه وتصريحاته العدوانية ضد “ايران والحشد الشعبي”، وافتعل المشاكل مع السياسيين ومختلف الفصائل. وكان يخرج عن الأعراف الدبلوماسية لدرجة التدخل وانتقاد قرارات الحكومة العراقية، وصولا إلى زيارة سجناء “قاعديين” محكومين بالإعدام في سجن “الناصرية”، ورفضه أحكاما قضائية عراقية ضد إرهابيين سعوديين.
وفيما بعد عمد السبهان على فتح خطوط إمداد عسكرية وأمنية في الأنبار والفلوجة، العراقيتين، تحت عناوين إغاثة ومساعدات للمنكوبين والنازحين، لإعادة ضرب العملية السياسية في البلد المنكوب بالتفجيرات والجماعات الإرهابية ومخلفات الاحتلال الأميركي.
هنا لم تستطيع الحكومة العراقية تحمل “المندوب السامي” السعودي وتجاوزه للأعراف الدبلوماسية وخطوطها الحمراء، فطلبت من نظيرتها السعودية استبداله.
هذا الفكر الذي يمتلكه السبهان يتماهى ويتقاطع مع فكر ولي العهد محمد بن سلمان وأسلوب إدارته للبلاد، لذلك قام بترقيته إلى درجة وزير مهمته “متابعة الشؤون الخليجية”، ولكن مهمته لم تقف عند هذا الحد بل تعدته إلى درجة أن السعودية أوفدته مطلع تشرين الأول الماضي بزيارة غير معلن عنها إلى الرقة فور تحريرها من يد داعش، وقد أتاها برفقة المبعوث الأميركي الخاص لمكافحة تنظيم الدولة برت ماكغورك. وتردد أنه جاء المدينة المنكوبة لتسلم نحو 100 أسير سعودي ينتمون للتنظيم، لكن المعلومات أشارت أيضا إلى أنه أجرى لقاءات مع زعماء عشائر ووجهاء محليين في المحافظة التي باتت موضع تنازع إقليمي ودولي، مما دفع أحد المراقبين إلى القول إن نشاط السبهان ينبئ بتغيير في العقل السياسي السعودي.
وحالة العجز والتخبط التي وصلت إليها السعودية جعلت بن سلمان ورجاله ومنهم السبهان يفقدون صوابهم بالتعاطي مع الملفات السياسية، ولم يتمكنوا حتى اللحظة من تقبل فكرة “سلسلة انتصارات محور المقاومة في كل من سوريا والعراق”، لذلك كان لابد من إيجاد ثغرة جديدة تستطيع السعودية من خلالها ادخال المنطقة في اتون حرب جديدة تسرق فرحة الانتصار وتخفت بريقه، فكانت الوجهة لبنان الذي ينعم باستقرار نسبي نوعا ما.
الحجة: تدخل “حزب الله” بشؤون السعودية، الطريقة: استخدام السبهان كأداة للتصعيد ضد طهران وحزب الله واجراء لقاءات ببيروت أواخر تشرين الأول الماضي مع مجموعات معينة لإجبارها على إظهار الولاء والمساهمة في تقسيم الداخل اللبناني، وبدء الأمر بتغريدة للسبهان داعيا إلى “تحالف دولي لمواجهة حزب الله”. وهو ما دفع أمين الحزب حسن نصر الله للرد عليه قائلا إن “حزب الله أكبر من أن يواجهه السبهان بتحالف محلي، وهو يعرف أن حكام السعودية لا يستطيعون القيام بأي شيء مع حزب الله، ولذلك هو بحاجة إلى تحالف دولي”.
فشل السبهان الأول دفعه هو وأميره بن سلمان لإجبار رئيس الحكومة سعد الحريري على تقديم الاستقالة، وللتذكير فقد غرد السبهان قبل استقالة الحريري بأربعة أيام قائلا “اجتماع مطول ومثمر مع أخي دولة الرئيس سعد الحريري، واتفاق على كثير من الأمور التي تهم الشعب اللبناني الصالح، وبإذن الله القادم أفضل”.
بيد أن القادم لن يكون أفضل، حيث لم تتوقف السعودية على توقيف الحريري بل عمدت إلى محاولة إقناع العائلة وتيار «المستقبل» الى العمل على جزء من الجمهور، بالتزامن مع العمل على إحداث شرخ داخل الفريق السياسي للرئيس الحريري، سواء على صعيد الكتلة النيابية أو على صعيد القيادات السياسية والناشطين، وصولاً الى المجال الاعلامي، إذ تتدفق الإغراءات على وسائل إعلام مكتوبة ومرئية ومسموعة وإلكترونية، لتأييد الموقف السعودي.
ومن خلال مراقبة سلوك السبهان ليس من المستبعد أبدا أن يتم اسناد وزارة الدفاع السعودية إليه عند وصول بن سلمان إلى كرسي العرش، ولكن على السبهان أن يحذر من الذهاب نحو إشعال الفتن لأن شعب لبنان وحتى سوريا والعراق أوعى من أي وقت مضى وكان ذلك جليا من خلال تلاحم اللبنانيين حول مصير رئيس حكومتهم ومطالبة السعودية بالإفراج عنه.