اقلام امريكية وبريطانية تصف ابن سلمان بالمتهور وتطالب ترامب بكبح جماحه

دعا الكاتبان الأمريكيان إيرون ميلير وديفيد سوكولسكي واشنطن إلى “عدم وضع كل رهاناتها على شاب يبدو أنه في عجلة من أمره للقيام بأمور كبيرة”، في إشارة إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وقالت الكاتبان في مقال مشترك نشرته صحيفة “ناشينال إنتيريست” الأمريكية، إنه إذا أراد الرئيس دونالد ترامب ومستشاروه تجنب المزيد من الصراعات في منطقة غاضبة ومليئة بالنزاعات، فعليهم التوقف عن تمكين بن سلمان “والبدء بمعاملته كخطر يتهدد مصالح أمريكا”.

وأشارا إلى أن رؤية بن سلمان التي وصفاها بالجريئة والطموحة الهادفة لإلغاء الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد، “قد يكون لها معنى على الورق فقط، ولا يمكن التكهن إن كانت ستحقق أهدافها ولو جزئياً أم لا”.

وفي الوقت نفسه، فإن سياسته الخارجية التي لا تخلو من المخاطر التي تهدف إلى التصدي أو على الأقل احتواء النفوذ الإيراني، قد فشلت إلى حد كبير، بحسب الكاتبين.

وأضافا أن سياسات المملكة العربية السعودية الخارجية متعثرة في مختلف الاتجاهات، إذ أثبتت عدم فاعليتها في سوريا، وكذلك انخراطها في حرب طويلة الأمد في اليمن لا يعرف متى تنتهي.

وزاد الكاتبان القول: “أضف إلى ذلك الحصار غير المبرر الذي اختارته السعودية مع دول خليجية (الإمارات والبحرين) أخرى ضد قطر، مروراً بالسياسة الخطرة على نحو متزايد تجاه إيران من أجل التفوق الإقليمي، والذي سيضع أمريكا عالقة في منتصف الطريق”.

واعتبرا “أنه لا يوجد شيء بحكم الأمر الواقع في السعودية ممكن أن يلهم الثقة في قيادة بن سلمان للسياسة الخارجية أو كفاءته في الحكم”..

كاتبا المقال أشارا إلى أنه “بعد أن أخذ بن سلمان على عاتقه مسؤولية تحطيم عملية صنع القرار الموجهة نحو الإجماع السعودي، يجب على واشنطن أن تربط أحزمة الأمان قبل انطلاقها، إلا إذا كانت مستعدة للقيام بالمزيد من الأعمال على حساب المصالح الأمريكية بدل السعودية”.

ويشير المقال إلى أن العلاقة التي تربط البيت الأبيض بولي العهد السعودي تتناقض مع شعار ترامب الذي طالما كان يردده وهو “أمريكا أولاً”، كما أنها ستفضي إلى المخاطر التي تهدد الولايات المتحدة، والتي تقود لمزيد من الصراعات في الشرق الاوسط.

اما مجلة الإيكونومست البريطانية فقالت، إن التطورات المتسارعة في المملكة العربية السعودية، وخاصة فيما يتعلّق بعمليات الإصلاح التي يجريها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أمور إيجابية، لكنها حذّرت من أن “هذا الشابّ المتهوّر سيدمّر المنطقة”.

واعتبرت المجلة أن بعض الإصلاحات الأخيرة؛ مثل منح المرأة في المملكة مزيداً من الحقوق، وتقليص دور الشرطة الدينية، تمثل “أموراً إيجابية” في مملكة كان التغيير فيها يجري ببطء.

لكنها أعربت أيضاً عن الخشية من أن محمد بن سلمان (32 عاماً)، سيؤدي إلى تدمير المنطقة؛ بعدما أقدم على خطوات، خصوصاً على الصعيد الخارجي، لم يجنِ من ورائها سوى مزيد من الخسائر، منذ ظهوره على الساحة قبل أكثر من عامين، عندما تولى والده سلمان عرش البلاد.

وتقول المجلة إن بن سلمان اعتقل العشرات من الأمراء والأثرياء والوزراء والمسؤولين السابقين والحاليين، في إطار حملة لمكافحة الفساد، وأيضاً لجمع نحو 800 مليار دولار أمريكي من الأصول التي جُمّدت من تلك الشخصيات. كما أن السعودية اتهمت إيران علناً بالوقوف وراء الصاروخ الذي أطلقته جماعة الحوثي اليمنية (المدعومة من طهران) باتجاه الرياض.

الاضطرابات في الداخل السعودي والتهديدات بالحرب في الخارج تثير القلق في بلد يعدّ أكبر مصدر للنفط في العالم، ويمثل الاقتصاد العربي الأكبر، إضافة إلى أنه يضم أقدس الأماكن الإسلامية.

ما يجري، وفقاً للمجلة، هو انقلاب قصر، أو ربما انقلاب، فلقد قام بن سلمان بكبح جماح معارضيه، وأصبح الرجل القوي في المملكة منذ الملك عبد العزيز بن سعود، الذي أسّس الدولة السعودية، وربما كان يمكن تفسير ذلك بأنه محاولة للإصلاحات العميقة التي يحتاج أن ينفذها، لكن الخطر يكمن في الديكتاتورية التي ستقود بلداً آخر نحو الفشل.

إن الإصلاحات التي نادى بها بن سلمان فيما يتعلق بالاقتصاد السعودي، وضرورة البحث عن بدائل للنفط، وأيضاً منح المرأة السعودية العديد من حقوقها، ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى السيطرة على التيار الديني المتشدد، كل هذه الإصلاحات موضع ترحيب من العالم، ولكن الطريقة التي تجري فيها كل هذه المتغيرات أمر يثير القلق، كما تقول المجلة.

وتتابع الإيكونومست: “بعض طموحات بن سلمان يقودها التهوّر، فلقد شكّل تحالفاً لحرب ضد جماعة الحوثي في اليمن، وبعد عامين لم تحقق الحرب أهدافها، وخلق كارثة إنسانية كبيرة. كما سعى إلى عزل قطر المجاورة والغنية، ما أدى إلى تدمير مجلس التعاون الخليجي”.

ومؤخراً يدفع الأمير الشاب باتجاه شنّ حرب ضد حزب الله اللبناني، بعد أن فرض على رئيس الحكومة اللبنانية تقديم استقالته من الرياض، وإلى الآن لا أحد يعرف إن كانت الحرب على حزب الله ستندلع قريباً.

مصدر القلق الآخر الذي يثيره بن سلمان هو الاقتصاد؛ فلقد أعلن عن نيته التحوّل من اعتماد المملكة على النفط إلى تنويع مصادر الدخل، وسعى إلى اجتذاب المستثمرين، وأعلن الشهر الماضي عن إنشاء مدينة نيوم.

لكن بعد مرور أقلّ من أسبوعين على هذا الحدث الذي احتضنه فندق الريتز كارتلون بالرياض، احتضن نفس الفندق العشرات من الأثرياء، بينهم الوليد بن طلال، ولكن هذه المرة كمحتجزين، حيث تم إخلاء الفندق بأكمله، وهو أمر بات يثير الريبة والخوف في نفوس المستثمرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى