لماذا تعمد النظام السعودي اخراج استقالة الحريري بهذا الشكل المهين ؟؟
بقلم: اكرم عبيد
لا شك ان استقالة سعد الحريري من رئاسة وزراء لبنان كانت صدمة لحلفائه قبل معارضيه، وكان السبب حسب زعمه ان حياته مهددة بالخطر مع العلم ان الحريري كان يتحرك في لبنان بشكل طبيعي وعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات قبيل استدعائه من قبل النظام الوهابي التكفيري السعودي مهمة جدا ومن اهمها تراس يوم الخميس 26 / 10/ 2017 في السراي الحكومي اجتماعا للجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخابات كما وقع قبل ايام مرسوم قرار تعيين سفير لبنان في دمشق يوم 28 / 10 / 2017 وتوجت هذه النشاطات الحريرية بلقاء جمع سعد الحريري مع السيد علي اكبر ولايتي مستشار سماحة السيد علي الخامنئي مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية مساء يوم الجمعة 3 / 11 / 2017 بالإضافة للعلاقة المقبولة مع حزب الله كما اشار اليها في تصريحات عدة انه قرر وضع الخلافات مع حزب الله جانبا والعمل سويا على القضايا الكبيرة او الصغيرة من اجل خدمة لبنان لهذا السبب تعمد سعد الحريري تمرير المرحلة الحالية على قاعدة التوافقات السياسية مع الحزب حتى تظهر ملامح الحل السياسي في سورية بعدما شعر ان الجيش العربي السوري وحلفائه يحققون المزيد من الانتصارات وتصفية العصابات الارهابية في سورية والعراق كما حصل في لبنان مما يشجعه كرئيس حكومة على اجراء الانتخابات البرلمانية في الربيع المقبل .
وبعد استدعائه على عجل من قبل رموز النظام الوهابي التكفيري السعودي الى الرياض ودون مقدمات ظهر الحريري على شاشة العربية يتلوا قرار استقالة ويهدد ويتوعد الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله بقوة واعتبر ان الاجواء الحالية في لبنان تشبه الاجواء التي سبقت اغتيال والده رفيق الحريري عام 2005 وان حياته مهددة بالخطر مما صدم حلفائه قبل خصومه، لكن الحقيقة والوقائع تؤكد ان الرئيس الحريري لم يكن في ذهنه تقديم استقالة حكومته في هذه المرحلة على الاقل لكنه اجبر عليها بقرار سعودي صهيوامريكي للأسباب كثيرة من اهمها :
اولاً : ان تطهير الحدود اللبنانية من العصابات الوهابية التكفيرية بمشاركة الجيش اللبناني يعتبر نكسة للنظام الوهابي التكفيري السعودي الذي يعتبر هذه العصابات رصيده في القلمون على الحدود السورية اللبنانية .
ثانياً : ان توقيع الرئيس الحريري لمرسوم تعين سفير لبناني في دمشق يعتبر اول رئيس وراء عربي ودولي اتخذ مثل هذا القرار منذ اعلان الحرب الكونية على سورية منذ نيف وسبع سنوات دون موافقة النظام السعودي يعتبر تجاوز لموقف لنظام السعودي وحلفائه في الجامعة العرية ومجلس التعاون الخليجي المتصهين .
ثالثاً : وكلنا يعلم ان هذه الاستقالة جاءت بعد يوم واحد من لقاء الحريري مع السيد علي اكبر ولايتي مستشار المرشد الاعلى للجمهورية السلامية الايرانية مساء يوم الجمعة 3 / 11 / 217 في بيروت وهذا اللقاء يعتبره رموز النظام الوهابي التكفيري السعودي يتعارض مع سياساتهم ومواقفهم العدائية من الجمهورية الاسلامية الايرانية وقياداتها .
بالرغم تداعيات الاستقالة على الوضع الداخلي اللبناني وتوهم البعض ان حزب الله وجمهور المقاومة سيتعامل معها بعصبية هستيرية وسيسقط في مستنقع ومتاهات وزواريب الطائفية والمذهبية التي خططوا لها اسيادهم الصهاينة منذ زمن لكن سماحة السيد كان لهم بالمرصاد وقطع الطريق عليهم بحكمته وحنكته من خلال خطابه الموجه للشعب اللبناني وقواه واحزابه السياسية وطمأن الجميع كرجل دولة مقاوم ومسؤول من الطراز الاول ونزع فتيل التوتر بقدرة واقتدار لحماة امن لبنان واستقلاله وسيادته الوطنية التي دنسها الحريري باستقالته من الرياض .
لاشك ان استقالة الحريري حدث غير متوقع وترافق مع سلسلة من الاحداث المتسارعة داخل المملكة التي تتعرض لزلال داخلي ومخاض عسير تمثل بهجوم عنيف من قبل ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان على معارضيه للتخلص منهم لتهيد الطري لاستلام لسلطة دون أي اشكالات كما قالت بعض وسائل الاعلام السعودية التي اكدت ان قوات الامن اعتقلت احد عشر اميرا واربعة وزراء حاليين في الحكومة وعشرات الوزراء السابقين بحجة ما يسمى مكافحة الفساد وقد اكدت وكالة رويترز عن مسؤول سعودي كبير قوله ان الملياردير الوليد بن طلال ووزير الحرس الوطني متعب ابن عبدالله ووزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه بالإضافة الى رئيس الديوان الملكي خالد التويجري ووزير المالية السابق ابراهيم العساف هم من ضمن المعتقلين وسبق ذلك عزل قائد القوات البحرية .
وقد اشارت وكالة الانباء الفرنسية عن مصدر موثوق في مطار جدة ان قوات الامن السعودية منعت طائرات خاصة من الاقلاع لتقطع الطريق على شخصيات من مغادرة الاراضي السعودية والهرب الى خارجها .
ومن جانب اخر كشفت صحيفة ” يديعوت احرونوت ” الصهيونية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء / 7 / 11 / 2017/ أن حادثة سقوط مروحية الامير منصور ابن مقرن لم تكن بسبب خلل فني كما زعمت وسائل الاعلام السعودية وولي العهد السعودي محمد ابن سلمان بل كانت عملية اغتيال نفذتها طائرة سعودية مقاتلة استهدفت المروحية التي كانت تقل الامير منصور وعدد من المسؤولين السعوديين على الحدود السعودية اليمنية وقد تعمد بيان وزارة الداخلية السعودي تجاهل السبب الحقيقي لسقوط المروحية او اسقاطها وقد كشف نشطاء سعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي ان الامير منصور ابن مقرن تمت تصفية مع عدد من المسؤولين بعدما وقع ضحية مؤامرة خطط لها ونفذها ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان بعدما قرر الامير ومرافقيه من لمسؤولين الهرب من السعودية.
وهذا بصراحة ما يؤكد ان الوضع الداخلي في السعودية مضطرب وغير مستقر والبعض يقول ان بعض الامراء والوزراء والشخصيات خططت لانقلاب على محمد ابن سلمان الذي كشف المحاولة قبل تنفيذها بساعات وقد اكد الخبر موقع ” الميدل ايست أي ” البريطاني ان مصدرا في وزارة الخارجية الامريكية اكد خبر اغتيال الامير منصور ومرافقيه من المسؤولين عندما كان يحاول الفرار من البلاد لأنه رجل كان معارضا لولي العهد السعودي على حد زعم المصدر الامريكي .
ولهذا السبب قد يحاول ولي العهد السعودي التخلص من خصومه ومعارضيه في المملكة لرسم خارطة طريق جديدة سعودية صهيوامريكية لاستهداف لبنان بعدما فشل في شراء الرئيس مشيل عون ليوجه ضربة قوية لحزب الله الذي اصبح يشكل تهديدا جديا للعدو الصهيوني من جانب وللنظام الوهابي التكفيري السعودي من جانب آخر بعد دعمه اللا محدود لانصار الله في اليمن الذين كسروا هيبة النظام بالتعاون مع الجيش اليمني ووجهوا صواريخهم للعمق السعودي الذي استهدف مواقع حيوية استراتيجية وكان اخرها استهداف مطار الرياض قبل ايام قليلة .
لهذا السبب قد يحاول النظام الوهابي التكفيري السعودي بالتنسيق مع العدو الصهيوامريكي بناء تحالف عربي صهيوامريكي جديد لتوجيه ضربات لحزب الله في لبنان وفي سورية وحتما سيكون الكيان الصهيوامريكي الثقل الاستراتيجي في هذا العدوان وخاصة بعد تطهير دير الزور من عصاباتهم الوهابية التكفيرية من الدواعش والتوجه الى البوكمال وكذلك هزيمتهم في حضر بعدما حاولت عصاتهم من النصرة احتلال حضر وبناء منطقة عازلة للتعويض على هزائمهم على معظم الجغرافية السورية .
وبالرغم من طموحات النظام الوهابي التكفيري السعودي وتحريضه للعدو الصهيوامريكي للعدوان على المقاومة في لبنان بقيادة حزب الله لكن هذ العدو يدرك جيدا ان أي مقامرة في استهداف المقاومة في لبنان قد تكون مغامرة غير محسوبة النتائج لان المقاومة لن ولم تكون لوحدها في الميدان بل سيكون محورها المقاوم في نفس الخندق ولم يسمح للعدو بالانفراد التفرد بها في لبنان لان هذه الحرب العدوانية المفترضة اذا تورط بها الكيان الصهيوني ستشكل بداية النهاية لهذا الكيان وسيزول من الخارطة كما قال سماحة السيد حسن نصر الله الذي طالب اليهود في مغادرة فلسطين المحتلة الى بلدانهم الاساسية قبل وصول الحريق اليهم .
وفي النهاية لا شك ان استقالة سعد الحريري القسرية بهذا الشكل المهين كانت قرارا سعودي بامتياز اثبت بالدليل القاطع فشله السياسي الكبير وولائه للنظام الوهابي التكفيري السعودي اولا وليس للبنان بعد استقالته المهينة والمذلة وسقوطه في متاهات المواقف السعودية الذيلية التابعة للعدو الصهيوامريكي الذي شعر بمرارة الهزيمة في سورية والعراق ولبنان والانتصارات التي حققها محور المقاومة والصمود بالتعاون مع الاصدقاء وكل احرار العالم .