التوتر يعبر عن نفسه بطقطقة الأصابع وقضم الأظافر وعض الشفاة
طقطقة الأصابع ونتف الشعر وعض الشفتين عادات يمارسها الكثيرون دون أن يدركوا أنها تتسبب في عدد من الأضرار الصحية. العلماء كشفوا عن الأسباب وراء تلك العادات التي ربما تتحول إلى سلوك دائم ومزعج للآخرين.
عندما تجلس في مكتبك تمارس عملك وتسمع زميلك يطقطق أصابعه باستمرار من حين لآخر، فقد تشعر بالانزعاج على الرغم من أنك تقوم بنفس السلوك دون أن تدري ربما، وقد تكون لديك عادة أخرى تزعج الأخرين، مثل هز القدمين أو نتف الشعر أو حتى قضم الأظافر. في الحقيقة لا يخلو العالم حولنا من هؤلاء الاشخاص الذين يعانون من هذا الهوس على اختلاف جنسياتهم وأعمارهم كنوع من التعبير عن التوتر والقلق أو التركيز والاهتمام في بعض المواقف.
الباحث في علم السلوكيات والطب النفسي، علي ماتيو، كشف في حديثه مع صحيفة “نيويورك تايمز” عن وجود منطقة في الدماغ مسئولة عن تلك التصرفات، سواءاً كانت عادات سلوكية فقط أو عادات مرتبطة بأمراض معينة. وتسمى تلك المنطقة “العقد القاعدية”، وهي مجموعة من النوى (أجسام الخلايا) داخل المادة البيضاء في الدماغ. وتعتبر تلك المنطقة جزءاً رئيسياً من النظام الدماغي. وتشترك العقد القاعدية في مجموعة متنوعة من الوظائف، مثل مراقبة الحركة الطوعية والتعلم والسلوكيات الروتينية أو العادات، مثل صرير الأسنان وحركات العين وغيرها من العادات المتكررة .
مثل هذه السلوكيات، سواءاً كان قضم الأظافر أو نتف ولف الشعر أو طقطقة الأصابع أو التنحنح، وفقاً للبحث، ما هي إلا آليات للتكيف تنبع من مرحلة الطفولة. فعندما تحدث مواقف غير مريحة في مرحلة الطفولة، يكون الدماغ غير ناضجاً بعد وغير قادر على التعرف على المشاعر ومعالجتها، فيستخدم الطفل بشكل لا إرادي النشاط الحركي للتعامل مع تلك المواقف، وعادة ما تختفي تلك العادات باستثناء، بالطبع، في حالة التوحد الحاد أو متلازمة توريت. ولأن تلك العادات السلوكية تصبح مقبولة اجتماعياً، فمعظم الناس لا يسعون للعلاج، حيث يجدون فيها متنفساً لمشاعر متباينة مثل القلق والتوتر والغضب وغيرها .
هذا لا يعني بالضرورة وجود حالة مرضية تحتاج لعلاج، ولكن لا ينبغي تجاهلها حتى لا تتحول إلى ذلك. فعلى سبيل المثال، فإن الحالات المتقدمة من نتف الشعر تتطلب علاجاً نفسياً، لأن أصحابها يقومون حرفياً بنتف غالبية شعرهم، أما الحالة الشائعة فليس لها مضاعفات فعلية، ولكنها عادة مزعجة يسهل التخلص منها.
ورغم أن تلك عادات واسعة الاتشار، فإن أسبابها ما زالت غير واضحة بشكل كامل. بيد أن السبب الأكثر شيوعاً هو أن الذين يمارسون تلك العادات مهووسون بها، بينما يرجع البعض الآخر ذلك إلى الملل أو التوتر والخوف أيضاً، وهو السبب الأكثر إقناعاً بطبيعة الحال.
وعن الأضرار التي يسببها هذا الهوس، تشير الأبحاث إلى أن طقطقة الأصابع لا تسبب هشاشة العظام، ولكنها تلحق أضراراً بأربطة المفاصل. كما أنها في مراحل معينة تتحول إلى عادة إدمانية.
أما هز القدمين أو نقرها على الأرض فهو دليل على التوتر والعصبية، وأحياناً قد تكون نتيجة انعدام الصبر أو الانزعاج. وليس لهز القدمين أضرار صحية، ولكنه يثير توتر كل من يحيط بالشخص المتوتر بالأساس. وأفضل طريقة للتخلص من هذه العادة هي الوقوف في حالات الشعور بالتوتر أو وضع اليدين على الركبتين لمنعهما من التحرك.
أما عض الجزء الداخلي من الشفتين، فهو عادة مؤلمة بدون شك ومرتبطة بالتوتر. لكنها يمكن أن تكون بسبب حالة مرضية لشخص يعاني من أسنان غير متساوية أو يفتقد لبعض الأسنان. حينئذ قد يقوم بشكل عرضي بعضّ الجزء الداخلي من الخدين بين حين وآخر. لكن حين تصبح عادة متكررة فالمشكلة هي في الدماغ. أما قضم الأظافر فهي حالة تلقائية لدى البعض حين يمر بموقف صعب أو محير. لكن خطورة تلك العادة هي رفع نسبة الإصابة بالالتهابات نتيجة الجروج التي يمكن أن تسببها، بالإضافة إلى نقل الجراثيم والبكتيريا من اليد للفم. ولو نظرت إليها من الناحية الجمالية، سنجد أن الشكل العام لأصابع اليد قد تشوه بسبب قضم الأظافر دائماً.
هناك أيضا عادة يقوم بها عدد كبير من الطلاب، وهي قضم الأقلام، فالملل هو السبب الأساسي يتبعه التوتر وفي بعض الحالات الاكتئاب. المشكلة هنا أنها يمكن أن تتسبب في إلحاق الضرر بالأسنان وعضلات الفك والوجه، وربما تتحول الأسنان للون داكن، وذلك بسبب حدوث تصدعات صغيرة الحجم في الأسنان وفي كل مرة تتناول فيها الطعام والشراب، وخصوصاً تلك التي تترك البقع، فإنها ستستقر هناك وتحول الأسنان مع الوقت إلى اللون البني.