محاولة اغتيال ابو نعيم تؤكد تطابق الاهداف بين اسرائيل والتكفيريين
غزة- نون بوست
نجا توفيق أبو نعيم، قائد أجهزة حماس في غزة من محاولة اغتيال عقب خروجه من صلاة الجمعة بمسجد أبو الحصين وسط قطاع غزة في امس الاول الجمعة بعد وضع عبوة ناسفة في سيارته أصيب على إثرها بجروح وصفت بالمتوسطة وأدخل غرفة العمليات في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
وكشف مصدر خاص لـ”نون بوست” أن العبوة وضعت في أثناء وجود أبو نعيم في المسجد وحده ومن دون مرافقين، فوق إطار سيارته الجيب KAI” 2015″ الأمامي من الناحية اليسرى، وفي أثناء خروج أبو نعيم من المسجد قابله أحد المارة متحدثًا إليه قبل أن يفتح أبو نعيم القفل الإلكتروني لتنفجر العبوة على بعد أمتار منه وهو خارج الجيب.
وقال: “ان القيادي أبو نعيم لا يحب الحراسات والمرافقين، ولا يحتاط بشكل أمني جيد، يتنقل بين الناس، وكذلك يذهب للحلاق بمفرده، معتقدًا أنه خارج إطار الاستهداف”.
وتوفيق أبو نعيم (55 عامًا) هو الأسير المحرر في صفقة شاليط عام 2011 والذي قضى قرابة 23 عامًا في السجن بعد اعتقاله نهاية عام 1988 على خلفية إنشاء مجموعة عسكرية تابعة لحماس بشكل غير رسمي قبل انطلاق كتائب القسام وبإيعاز من القيادي في حماس إبراهيم المقادمة الذي استشهد في عملية اغتيال عام 2003، وحكم بالمؤبد داخل المعتقل.
الدور الأهم الذي تقلده أبو نعيم في الفترة الأخيرة، مسؤول عن الخطة الأمنية المشتركة بين حماس ومصر التي شملت إنشاء منطقة أمنية عازلة بواقع 100 متر داخل مدينة رفح الحدودية لمنع تسلل المطلوبين من وإلى سيناء.
عمل أبو نعيم قائدًا للهيئة العليا للأسرى ممثلاً عن حركة حماس داخل سجون الاحتلال، وكان يتفاوض بشكل مستمر مع إدارة مصلحة السجون التابعة للاحتلال الإسرائيلي، ووصفه الأسرى المحررون بأنه شخصية مجمِّعة لا يختلف عليها اثنان، ويعتبره الاحتلال الإسرائيلي أحد أهم مهندسي صفقة شاليط من داخل السجون.
وفي مقابلة سابقة أعدها مراسل “نون بوست” لتوثيق تجربة أبو نعيم الاعتقالية قال فيها: “لقد انتخبت في إحدى المرات بالانتخابات الداخلية للأسرى المحررين عن حركة فتح، حيث أضاف عدد من الأسرى الفتحاويين اسمي في القائمة بيدهم، وقد كنت الوسيط مع الاحتلال الإسرائيلي لنزع حقوق الأسرى في السجون”.
وتقلد أبو نعيم مناصب مختلفة أهمها رئيس جمعية الأسرى والمحررين “واعد” ورئيس مجلس الإدارة في رابطة الأسرى المحررين، ثم فاز عن حركة حماس في انتخابات 2012 كعضو هيئة إدارية، ليتقلد بعدها منصب مدير عام قوى الأمن الداخلي برتبة لواء في قطاع غزة في ديسمبر 2015، ونتيجة علاقته الوطيدة بقائد حماس في قطاع غزة يحيى السنوار مثل الذراع الأمني له في القضايا الأمنية والعسكرية، حيث يعتبر أحد قيادات المجلس الاستشاري الأمني الأعلى في قطاع غزة، إضافة لصفته كقيادي في حركة حماس وعضو لجنتها التنفيذية وفق نتائج الانتخابات الداخلية الأخيرة لحركة حماس عام 2016.
لكن الدور الأهم الذي تقلده أبو نعيم في الفترة الأخيرة هو مسؤول الخطة الأمنية المشتركة بين حماس ومصر التي شملت إنشاء منطقة أمنية عازلة بواقع 100 متر داخل مدينة رفح الحدودية لمنع تسلل المطلوبين من وإلى سيناء، ولوقف عمليات تهريب المخدرات.
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة والمختص في الشأن الفلسطيني حسام الدجني: “هناك جماعات مصالح محلية وإقليمية تسعى للتخلص من أبو نعيم كونه يتبنى المصالحة ويعمل على تحقيقيها على أرض الواقع”
فقد زادت حدة التوتر في الآونة الأخيرة بين الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، وعناصر الفكر المتشدد المنتمين فكريًا إلى “داعش” في قطاع غزة، أدت لاعتقال أحد قادة التيار المتشدد نور عيسى على يد جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس، تبعه اختطاف المتشددين في سيناء لثلاثة عمال فلسطينيين يعملون في الأنفاق الحدودية مع رفح في 23-10-2017، قبل وقت من إطلاق سراحهم بعد التأكد من عدم انتمائهم لحماس.
وقد يبقى خيار مسؤولية أصحاب التيار المتشدد في غزة عن محاولة الاغتيال قائمًا، لكنهم ليسوا الوحيدين في الساحة الغزاوية، فطائرات الاستطلاع التابعة للاحتلال الإسرائيلي لم تفارق أجواء قطاع غزة لحظة وقوع التفجير وقبله، إضافة لمسؤولية الاحتلال عن عملية الاغتيال بحق القيادي في كتائب القسام مازن فقهاء في 24-3-2017 من خلال تجنيد عملاء ينتمون للتيار الفكري المتشدد دون معرفة مسؤولهم المباشر، حيث أعدمتهم الداخلية في وقت سابق بعد اعترافاتهم بالضلوع المباشر في العملية.
وعن دلالات التوقيت قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة والمختص في الشأن الفلسطيني حسام الدجني لـ”نون بوست”: “المستفيدون من محاولة الاغتيال الفاشلة لتوفيق ابو نعيم هم: الاحتلال عبر الثأر لتاريخ الرجل وحاضره، وداعش للثأر من إنجازات الرجل بالتضييق عليهم واجتثاثهم من غزة، وكذلك تجار المخدرات لنجاح الرجل في توجيه ضربات ساهمت في الحد من المخدرات”.
وأضاف الدجني هناك جماعات مصالح محلية وإقليمية تسعى للتخلص من أبو نعيم كونه يتبنى المصالحة ويعمل على تحقيقيها على أرض الواقع.
فحركة حماس قالت في بيان لها على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم: “محاولة الاغتيال عمل جبان لا يرتكبه إلا أعداء الشعب الفلسطيني وأعداء الوطن، واستهداف أبو نعيم هو استهداف لأمن غزة واستقرارها ووحدة شعبنا ومصالحه الوطنية”.
وقالت حركة فتح في المحافظات الجنوبية إن محاولة اغتيال أبو نعيم “محاولة لإفشال تحقيق المصالحة”.
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مفوض التعبئة والتنظيم في المحافظات الجنوبية أحمد حلس في بيان للحركة، رفض حركته هذا الأسلوب الجبان الذي يستهدف توتير الواقع الفلسطيني، لتعطيل خطوات المصالحة”، مطالبًا “بضرورة ملاحقة الفاعلين وتقديمهم للمحاكمة بأسرع وقت ممكن، لإنقاذ حالة الاستقرار في قطاع غزة من الموتورين”.
وكانت المخابرات المصرية قد هاتفت قيادة حركة حماس في قطاع غزة للاطمئنان على صحة أبو نعيم ووصفت العملية بـ”الجبانة”.
وسيبدو المشهد الأمني في غزة أكثر ضبابية في ظل الحراك الفلسطيني الداخلي لإنجاز المصالحة بما تحمله من ملفات مختلفة على صعيد السلاح والأمن والأجهزة الأمنية.