حكام الخليج يزعمون ان مهادنة اوباما لايران دفعتهم لمصالحة اسرائيل

أخذت العلاقات الإسرائيلية-العربية تتوطد مؤخراً. فخلال الشهر الماضي، أُفادت التقارير أنّ ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة حثّ نظراءه العرب على إنهاء مقاطعتهم وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وفي آب، نشرت الحكومة المصرية رسالةً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يؤكّد فيها التزام الرياض بالترتيبات القائمة بين مصر وإسرائيل فيما يتعلق بمضيق تيران – وهو الاعتراف السعودي العلني الأول بحقوق إسرائيل البحرية في المضيق.

كما أفادت بعض التقارير أن عدداً كبيراً من المسؤولين العرب التقوا سراً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولي الدفاع في حكومته. وتفيد التقارير أن إسرائيل تستسيغ التعاون الأمني والاستخباري الوثيق مع مصر والأردن وعدة دول خليجية. وخلال الشهر الماضي في الأمم المتحدة، تبنى كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير أسلوباً ملطفاً إزاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ولم ينتقدا إسرائيل. وابتعد السيسي عن خطابه المكتوب ودعا الشعب الفلسطيني إلى قبول إسرائيل والعيش بسلام مع مواطنيها.

ويعود الفضل في تغيير الموقف العربي إلى إدارة أوباما – وعلى وجه التحديد، خلافها مع السيد نتنياهو.

فمن وجهة نظر القادة العرب، دعمت تلك الإدارة موجة الإسلام السياسي التي اجتاحت المنطقة في أعقاب “الربيع العربي”. كما هددت أنظمتهم بطرق غير مسبوقة من خلال التخلي عن الرئيس المصري حسني مبارك وتباطؤ الصادرات العسكرية إلى السعودية والبحرين بحجة التحوّل الديمقراطي. والأسوأ من ذلك، أن الإدارة الأمريكية أبرمت اتفاقاً نووياً مع إيران أعاد دمج نظام آية الله في المجتمع الدولي، مطلقةً في الوقت نفسه العنان لموجة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

وتتواءم وجهة نظر السيد نتنياهو تماماً مع وجهات نظر القادة العرب بشأن كل هذه القضايا. فجميعهم رفضوا اعتبار الإدارة الأمريكية بأن إيران تستحق حصةً من غنائم الخليج، وأنه لا بدّ للعرب من أن يستوعبوا طهران. وأشادوا بانتقاد السيد نتنياهو العلني اللاذع للسيد أوباما خلال المفاوضات حول الاتفاق النووي. وفي هذا السياق، نشر رئيس تحرير موقع “العربية” الذي تدعمه السعودية مقالاً في آذار 2015 بعنوان “أيها الرئيس أوباما، استمع إلى تحذيرات السيد نتنياهو بشأن إيران” ويشاطر القادة العرب رأي رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن سياسات السيد أوباما، التي تولي الأولويةً للإصلاحات الديمقراطية على استقرار أنظمتهم، قد تركت فراغات اجتماعية وسياسية وأمنية، سرعان ما ملأها إسلاميون متطرفون.

وأدرك القادة العرب أن بإمكانهم استخلاص العبر من قدرة السيد نتنياهو على مواجهة ضغوط الرئيس أوباما. فقد تحالف مع الكونغرس الأمريكي لصدّ مساعي السيد أوباما الرامية إلى حشر نفسه في سياسات إسرائيل الداخلية. وعليه، قرر القادة العرب التحالف مع إسرائيل آملين أن ينجحوا في تغيير دفة النظام السياسي الأمريكي. وقد كشفت الرسائل الإلكترونية المسربة للسفير الإماراتي إلى واشنطن يوسف العتيبة هذا الصيف الجهود المتضافرة من أجل الوصول إلى الشخصيات اليهودية الأمريكية في واشنطن لمساعدة حكومته على إقامة اتصالات مع إسرائيل.

وبدوره، التقى الرئيس السيسي بشكل متكرر بمنظمات يهودية أمريكية في القاهرة وواشنطن ونيويورك، حيث أكّد لها التزامه بمعاهدة السلام مع إسرائيل. وقد أدرك القادة العرب الحاجة الملحة لإشراك إسرائيل مباشرةً بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة كوسيط. وينبع إحساسهم بالحاجة الماسة من شعور عميق بالخيانة من جانب السيد أوباما. وحتى في ظل وجود الرئيس ترامب في سدة الرئاسة، يستمر الخطر الناجم عن إيران والإرهاب الذي يهدّد الدول العربية، لذلك تعتبر هذه الدول أن تحسين العلاقات مع إسرائيل ضروري لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. إن انفتاح العرب على إسرائيل لا رجوع عنه. فمن الصعب إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى