تصاعد الهجمات الارهابية في سيناء يستهدف إفشال المصالحة بين فتح وحماس
غزة - قدس برس
استبشر آلاف المرضى والطلبة وأصحاب الحالات الإنسانية في قطاع غزة، خيرا، مساء أمس الاول الأحد، مع إعلان السلطات المصرية فتح معبر رفح بشكل استثنائي لمدة 4 أيام بعد إغلاق استمر عدة أشهر قبل أن يُفاجأوا بإلغائه اثر العمليات التي استهدفت الجيش المصري في شمال سيناء.
الهيئة العامة للمعابر والحدود في قطاع غزة، نشرت كشوفات المسافرين استعدادا لفتح المعبر الذي كان يفترض اليوم، في حين فتحت دائرة العلاج في الخارج التابعة لوزارة الصحة أبوابها ليلا للمرضى الذين انتهت مواعيد تحولاتهم الطبية لتجديدها إلا أن هذا كله ذهب أدراج الرياح بعد إلغاء السلطات المصرية قرار فتح المعبر بسبب الأحداث في سيناء ومقتل 6 من جنود الجيش المصري وحوالي 24 مسلحا.
حالة من الغضب الشديد انتابت هؤلاء الطلبة والمرضى وعوائلهم وكذلك أبناء قطاع غزة بسبب الأحداث التي وقعت في سيناء وعدم فتح المعبر المغلق بشكل دائم منذ 5 شهور متواصلة بسبب أعمال الترميم فيه.
استهداف مزدوج
من جهته اعتبر النائب عن حركة “فتح” ماجد أبو شمالة الهجمات في سيناء استهداف للشعب الفلسطيني بقدر ما هي استهداف لمصر وجيشها.
وقال أبو شمالة لـ “قدس برس”: “إن الغرض من هذه الهجمات استمرار التضييق والإغلاق على شعبنا ومحاولات من أجل خلط الأوراق”.
وأضاف: “نؤكد ثقتنا بأن مصر قادرة على اجتياز هذه المحنة والانتصار على خفافيش الظلام”،.
بينما نددت حركة “حماس” بما أسمته “العمل الإرهابي” الذي استهدف الجنود المصريين في سيناء وأودى بحياة العديد منهم وجرح آخرين.
وقال فوزي برهوم الناطق باسم الحركة في تصريح مكتوب له أن هذا الاستهداف “يهدف إلى النيل من مصر واستقرارها”، متمنيا لمصر وشعبها الأمن والأمان والازدهار.
وكان تنظيم “ولاية سنياء” المحسوب على “تنظيم الدولة” أعلن بشكل واضح في بيان له تنبي العملية، مؤكدا أن اتفاق المصالحة الأخير يهدف إلى محاصرتهم وتضق الخناق عليهم في سيناء.
وأكد أن هذا لن ينجح، متوعدا بعمليات أكبر من هذه، مطالبا حركة “حماس” بوقف ملاحقة نشطائه في غزة.
وتعليقا على أحداث سيناء وانعكاسها على قطاع غزة، أكد الكاتب والمحلل السياسي ذوالفقار سويرجو أن العمليات ضد الجيش المصري في سيناء استهدفت الشعب الفلسطيني والمصري معا وسعت لقطع الطريق على أي تطور للعلاقات ين مصر وغزة.
وقال سويريجو لـ “قدس برس”: “من الواضح أن هناك أطراف عديدة تلعب في الملف الفلسطيني وتحاول استغلال كل كبيرة وصغيرة من جل العبث الضار في مسار قضينا وفي وضعنا الداخلي وهذا بالتأكيد انعكس على مصر بشكل كبير جدا لطبيعة الترابط بيننا وبين مصر والتي بدأت تدفع الثمن من دماء أبنائها”.
العلاقة بين العمليات والتسهيلات
وأضاف: “كلما تحسنت العلاقة ما بين مصر وبين قطاع غزة وكلما تم الإعلان عن تسهيلات مصرية مباشرة لغزة يكون هناك عمل جاهز ضد الجيش المصري، والعملية الأخيرة كانت شاهدا كبيرا حيث شارك في هذه العملية أكثر من 150 مسلح من جهات عليها علامات استفهام كبيرة وقد تكون جهات مشبوهة وممولة من أطراف عديدة خاصة وان هذه المجموعة تحتاج لأشهر للتدريب على هكذا عمليات”.
وأكد سويرجو أن هذا يعطي مؤشر على أن هذه العملية معد لها مسبقا وقد تم وضع التوقيت احتياطيا إلى حين الفرصة المناسبة، حيث تم تحديده عشية موعد فتح معبر رفح لأول مرة بعد اتفاق المصالحة الفلسطينية برعاية مصرية الخميس الماضي.
وقال: “تم إعطاء الأوامر لهؤلاء المسلحين بالعمل على تعكير الأجواء وضرب الجيش المصري، ومن الواضح أن من يقف وراء هذه العمليات هي جهات معادية للشعب المصري والشعب الفلسطيني وهي جهات معادية للأمة العربية وتبحث إما عن مصالح ضيقة أو نتيجة للعداء التاريخي، وعلى رأس هؤلاء المتهمين الاحتلال التي تشكل غطاء بشكل مستمر لهؤلاء المسلحين من اجل الإضرار بالمصالح الفلسطينية والمصرية”.
وشدد على ضرورة ان تكون هذه العمليات محطة جديدة لإعادة تقييم كيفية التعامل مع هؤلاء المسلحين من قبل الفلسطينيين ومصر.
ودعا إلى تشكيل غرف عمليات مشتركة من اجل كشف هؤلاء أولا والعمل على الوقاية من أي ضربات قد تحدث في المستقبل من اجل الإضرار بالعلاقة الفلسطينية المصرية.
وقال: “يجب أن يكون هناك موقفا واضحا من هذه العصابات، فهي معادية لآمال الأمة العربية وآمال الشعب الفلسطيني والمصري معا”.
اتهام إسرائيل
من جهته رأى الناشط الحقوقي، ورئيس مؤسسة “نزاهة الأعمال الإنسانية والحقوقية” (الحياة حق)، عصام يوسف، أن إسرائيل هي الطرف المستفيد من الاضطراب الأمني في سيناء، لا سيما في المرحلة الحالية التي تشهد إنجاز المصالحة الفلسطينية.
وقال يوسف في حديث لـ “قدس برس”، إن “الهجمات التي ينفذها مسلحون ضد الحواجز الأمنية وأفراد الجيش المصري في سيناء، تشهد تزايداً في إجرامها وكثافتها لتستهدف تعكير صفو العلاقة الأخوية التي تشهد تطورات إيجابية بين مصر وغزة، والتي أدت مؤخراً لإنضاج ثمار المصالحة بين الفصائل الفلسطينية”.
وأضاف: “كما أن تزامن تلك الهجمات مع الرواية الإسرائيلية حول سقوط صواريخ على مستوطنة اشكول، الواقعة في محيط قطاع غزة، يشير إلى وجود أيدٍ إسرائيلية تعمل في الخفاء وفي العلن على حد سواء لإفشال التقارب المصري ـ الفلسطيني”.
وأفاد يوسف بأن هذا التقارب كان له نتائجه الإيجابية على الوضع الفلسطيني، حيث بذلت مصر جهوداً كبيرة لإنجاح المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ما بات يقلق دولة الاحتلال التي ترى في المصالحة خطرا عليها، ويعطي زخماً وقوة للشعب الفلسطيني وقيادته، في نضاله لاسترداد حقوقه المسلوبة.
وأشار يوسف إلى أن “إسرائيل لا تشعر بالارتياح منذ دخول الجيش المصري إلى سيناء لمحاربة العصابات الإرهابية، كما أن مشاركة القاهرة بدور رئيسي في إنجاح المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية بالشكل الذي جرت عليه الأمور مؤخراً، لا يبعث على الارتياح لدى الجانب الإسرائيلي”.
واستطرد قائلاً: “إن ما يحدث من هجمات في سيناء يدعونا للنظر إلى الجهة المستفيدة من هذه الأحداث في هذه المرحلة الدقيقة، في الوقت الذي يعتبر فيه الأمن القومي المصري، وأبناء الشعب الفلسطيني المحاصرون في غزة هما الطرفان الأكثر تضرراً، خاصة بعد التراجع عن فتح معبر رفح المقرر اليوم الاثنين وحتى الخميس لعبور الحالات الإنسانية، بعد وقوع الهجمات الإجرامية”.
ودعا يوسف “السلطات في مصر إلى مزيد من التلاحم مع أبناء شعبها، إضافة للانفتاح على محيطها العربي، والمضي في إصرارها على إنفاذ المصالحة الفلسطينية حتى النهاية”.
إفشال مخططات المسلحين
وأكد يوسف بأن إفشال مخططات هذه الجماعات من أهم وسائل محاربتها، حيث يعد إغلاق معبر رفح جزءا من هذه المخططات، داعياً الحكومة المصرية إلى فتح المعبر وتفويت الفرصة على هذه المخططات التي لا تريد الخير لأبناء الشعب المصري والفلسطيني معاً.
ونفذ مسلحون سلسلة عمليات ضد أهداف الجيش المصري وأهداف مدنية في مدينة العريش المصرية شمال سيناء أمس واليوم أسفرت عن مقتل عدد من المصرين وكذلك المهاجمين، في حين أعلن الجيش المصري حالة الاستنفار القصوى في سيناء.
ويشار إلى أن معبر رفح البري؛ المنفذ الوحيد لقطاع غزة عبر مصر للعالم، مغلق منذ آذار الماضي، حيث يتم ترميمه بالكامل، ولم يفتح طوال هذه الفترة سوى 11 يومًا.
وبحسب وزارة الداخلية الفلسطينية، فإن المعبر لم يفتح منذ بداية العام سوى 14 يومًا فقط وأغلق 273 يومًا، في حين بلغ عدد المسجلين للسفر 30 ألف فلسطيني.
وبدأت السلطات المصرية منذ شهر آذار الماضي عملية ترميم واسعة للصالة المصرية من المعبر بعدما هدمتها بشكل كامل حيث من المقرر أن تنتهي عملية إعادة البناء والتوسيع مطلع شهر أيلول الماضي بحسب مصادر متعددة.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مشدد، ويعد معبر رفح المنفذ البري الوحيد لأهالي غزة إلى العالم الخارجي، وتغلقه مصر بشكل شبه كامل منذ تموز 2013، وتفتحه فقط لفترات محدودة جداً لسفر الحالات الإنسانية من المرضى والطلاب والعالقين.
وتفرض الدولة العبرية حصارًا مشددًا على قطاع غزة منذ 11 عامًا، حيث تغلق كافة المعابر والمنافذ الحدودية التي تصل غزة بالعالم الخارجي عبر مصر أو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، باستثناء فتحها بشكل جزئي لدخول بعض البضائع والمسافرين، كما وتواصل السلطات المصرية إغلاق معبر رفح منذ صيف 2013 بشكل كامل، حيث أنه يفتح بشكل استثنائي لسفر المرضى والطلاب والحالات الإنسانية.