الحركة القومية العربية من جديد

منذ سنتين كتبت عما تتعرض له الحركة القومية العربية كرافعة سياسية للامة من استهداف قديم و متجدد من الخارج ومن الداخل.. واليوم أوجه دعوة للأوفياء في الحركة القومية العربية في تونس أن يغادروا مربع الشتات و يتواضعوا على مشروع إعادة بناء وهيكلة هذه الحركة سياسيا على قاعدة العروبة الجامعة والسيادة الوطنية والعدل الاجتماعي والارادة الشعبية..

بعد ست سنوات من التقكيك الغبي منه والممنهج لأقطار الأمة المفككة اصلا منذ سايكس- بيكو وبعد سنوات ست من الصراع في سوريا و حول سوريا وبعد الاندفاع الايراني والروسي في العراق و سوريا والمسنود في خلفياته من الصين الشعبية بدا المشهد الدولي و الإقليمي يكشف عن بدايات استقراره الجديد في المشرق العربي مناصفة بين حلف الغرب القديم وحلف الشرق الصاعد.

كما بدا يكشف عن حقيقة لا ينكرها إلا الاغبياء او الجاهلون او الحاقدون وهي أن الحركة القومية العربية كانت هي الرافعة الحقيقية التي يفترض بالجميع أن يعلنوا ولاءهم لها في التحرر و الوحدة و صيانة الكرامة و الامن الاستراتيجي..تلك الحركة القومية التي ناصبها العداء تحالف الأغبياء والجهلة والحاقدين من أصحاب المشروع “الديمقراطي” الكاذب وأصحاب المشروع “الاسلامي” العميل.

لقد اتهم “الديمقراطيون اليساريون” قادتها بالدكتاتوريين والشموليين و البرجوازيين الصغار عملاء الغرب الرأسمالي ووصمتهم صحوات”الإسلاميين الاتقياء” بالكفرة والزنادقة وعملاء الشيوعية السوفياتية…ناصبوها العداء وهي تخوض معارك التحرير في مصر والجزائر وسوريا والعراق و ليبيا وفي الثورة الفلسطينية…ناصبوها العداء وهي تخوض معارك التاميم وبناء الاقتدار الاقتصادي والعلمي وسط تجاذبات الحرب الباردة…ناصبوها العداء وهي تحمل على عاتقها وزر التخلف والتقسيم الاقليمي الذي تعرضت له الامة …ناصبوها العداء وهي تشق الطريق مع احرار الهند ويوغسلافيا واندونيسيا وغانا نحو عالم ثالث يكسّر جبرية الشرق والغرب..واليوم يساهمون في ما يعتقدون انه تصفية لبقاياها المقاومة كما ساهموا في ما اعتقدوا انه تصفية لبقايا الاتحاد السوفياتي في افغانستان… لقد دفعت الحركة القومية العربية كرافعة سياسية تاريخية للأمة العربية ثمنا غاليا نتيجة بعض اخطائها السياسية و القيادية لكن الامة العربية كلها تدفع اليوم ثمنا غاليا نتيجة طابور عريض و طويل، قديم ومتجدد، من الاغبياء والجهلة والحاقدين الذين جعلوا الحرب في غير مكان الحرب وحيث الحرب تبادلوا انخاب السكر مع الأعداء.

عزاء الامة ومناضليها و قادتها المرابطين أنها أمة الرباط إلى يوم الدين ..تخسر المعارك والحروب و لكنها لا تسقط الرايات ولا تغفل عن الثوابت.. وهي لذلك تنظر إلى هذه الحقبة من حياتها باعتبارها حقبة للشهادة والتضحية وتحصين الرباط والحفاظ على الثوابت لأن الجيل القادم قادم لا محالة من داخل الامة ومن شتات التهجير والاسر الحضاري في بلدان الهجرة وهو ذات الجيل الذي نهض في بدايات القرن العشرين و اعلن حضور العرب في القرن العشرين.

إن الحركة القومية التقدمية باقية و هي تطرق اليوم بابهم جميعا من جديد وبعنف  وتضعهم من جديد امام الخيار الصعب ..إما عرب مقاومون ضمن حركة قومية عربية واحدة و إما شرب الانخاب.. مع الاكاسرة.. والقياصرة… وقادة جيوش روما القديمة والجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى