صحافة المستقبل.. طائرات للاخبار دون طيارين ومقالات لا تحتاج لصحفيين

ذكر موقع “فيز” العلمي أن المجال الإعلامي مقبل لا محالة على تغيّرات عميقة في المستقبل القريب جدا. وأضاف الموقع أن المؤسسات الإعلامية التي كانت تكافح خلال العقدين الماضيين، حين انتقل القراء إلى الإنترنت والأجهزة المحمولة، يجب عليها أن تتأقلم سريعا مع الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والصحافة الآلية، وأن تجد كذلك طرقا جديدة لمرحلة ما بعد الهواتف الذكية.

وأشار نفس الموقع، نقلا عن دراسة صادرة عن جامعة “ستيرن لإدارة الأعمال” الأميركية أن “واجهة الأوامر الصوتية” ستكون من أكثر التحديات التي ستواجه المؤسسات الإعلامية. وأوضح أن نسبة 50 في المئة من تفاعلات مستخدمي الكمبيوتر ستصبح باستعمال الأوامر الصوتية بحلول 2023. وأضافت الدراسة “بمجرد أن نتحدث إلى آلاتنا (الكمبيوترات) عن الأخبار، كيف سيبدو نموذج الصحافة؟”.

وتابعت الدراسة، التي نُشرت نهاية الأسبوع الماضي، أن المؤسسات الإعلامية “ستتنازل عن هذا النموذج في المستقبل للشركات الخارجية وستفقد القدرة على تقديم أي شيء سوى المحتوى”.

وأكدت الدراسة الأميركية أن أغلبية المؤسسات الإعلامية التي قامت بتجارب محدودة في ما يخص تطبيقات الدردشة ومهارات الصوت على تطبيق “أمازون أليكسا” و”غوغل هوم” ستصبح الجزء الأساسي من مستقبل الإعلام، مشيرة إلى أن “الذكاء الاصطناعي يُشكل تهديدا وجوديا لمستقبل الإعلام”.

وفي سياق مواز، أفادت الدراسة أن الإشكالية الكبيرة الي تواجهها المؤسسات الإعلامية هو تأثير التكنولوجيا الحديثة على مستقبل الإعلام، على غرار الذكاء الاصطناعي.

وحددت الدراسة أنه من المحتمل أن يكون لـ75 اتجاها تكنولوجيا تأثير على الإعلام في السنوات القادمة، من بينها الطائرات المسيرة والواقع الافتراضي والتأكد من الوقائع في الوقت الحقيقي، وأضافت أن “بعض التغيرات في التكنولوجيا ستبدأ في إحداث تأثير على الإعلام في المستقبل القريب وفي غضون 24 إلى 36 شهرا”.

وأوضحت نفس الدراسة أن بعض أنواع هذه التكنولوجيا التي ستظهر سنة 2018 لها القدرة على تفسير البيانات المرئية وتطوير خوارزميات رياضية لكتابة الأخبار وجمع وتحليل الكميات المتزايدة من البيانات، وهو ما سيسمح -بحسب الدراسة- للصحافيين بالقيام بعمل أكثر تنوعا وتقارير معمقة والتأكد من الحقائق، بالإضافة إلى التحرير الصحافي.

وشددت الدراسة على أن هذه التكنولوجيا الجديدة “ستعطي إلى الصحافيين قوة خارقة إذا حصلوا على تدريب مناسب لاستعمال هذه التكنولوجيا الصاعدة والمعدات”.

طائرات الدرون

في حزيران 2012 أشار كريس أندرسن، رئيس تحرير المجلة الأميركية للتقنيات “وايرد“، إلى عصر الطائرات من دون طيار قائلا “دخلنا عصر الطائرات من دون طيار“.

قبلها بأشهر كان مات وايت أستاذ مادة الصحافة في كلية الصحافة والإعلام في جامعة نبراسكا لينكولن قد بدأ بتنفيذ مشروع أُطلق عليه اسم “مختبر صحافة الطائرة من دون طيار“.

ومنذ ذلك الحين أثارت فكرة “صحافة الطائرات من دون طيار” اهتماما عالميا. وحاليا تحظى فرضيات “وايت” باهتمام كبير، بأن تصبح الطائرات من دون طيار جزءا لا يستغنى عنه في الصحافة مستقبلا. لكن المشروع لم يستكمل بسبب الحظر الذي فرضته إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية على استخدام هذه الطائرات، بسبب مخاوف أمنية أو بسبب تعليمات بعض الوكالات الفيدرالية الحكومية الأميركية.

وتسمي الوكالة طائرة الـ”درون” اسما بيروقراطيا، هو “إنماند إيريال فيكلز” (أجهزة هوائية من دون شخص فيها)، وتختصر بحروف “يو إيه في”.

فكرة “صحافة الطائرات من دون طيار” تلقى اهتماما عالميا وينظر إليها كجزء لا يستغنى عنه في الإعلام مستقبلا

في شهر اذار 2015 الماضي، تقدمت مؤسسات إخبارية عديدة، منها صحيفة “نيويورك تايمز” ووكالة “أسوشيتد برس”، بعريضة قانونية إلى مجلس مراجعة سلامة النقل، الذي يراجع ويحلل حوادث الطيران.

وجاء في العريضة “نرى نحن أن هذه السياسة الفضفاضة نحو كل شيء يطير، والقيود الموضوعة على أشياء دون أشياء، هي، حقيقة، تهدد حرية جمع الأخبار، حسب التعديل الأول في الدستور (حرية التعبير)”.

بعدها أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية، قواعد قانونية جديدة ناظمة لعمليات جمع الأخبار بواسطة طائرات بلا طيار (درون).

وفي تقرير نشره موقع مجلة “فوربس”، تبيّن أن القواعد الجديدة التي أطلقتها إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية حول عمل الطائرات بلا طيار داخل الولايات المتحدة دخلت حيّز التنفيذ بدءا من 29 تموز2016.

ويقول وايت عن هذا القرار “بفضل الطائرات من دون طيار سنحصل على معلومات أوفى وعلى صور من زوايا جديدة… في غضون عشر سنوات ستستخدم هذه الطائرات في كل مكان“. كما اعتبر رفع القيود عن صحافة طائرات (الدرون) تطورا مفصليا، وسيخفض بشكل كبير نفقات التصوير الجوي الذي يعتمد على “المروحيات” ذات الكلفة الباهظة، وهو ما سيمكن الصحافيين من الحصول على تغطية شاملة ومباشرة لكافة أنحاء الولايات المتحدة، وأكثر قدرة على الوصول إلى مكان الحدث في أي وقت، ومن دون عناء.

ويؤكد وايت أن طائرات الدرون هي الأكثر فعالية وفائدة في تغطية القصص والأحداث في المساحات المكانية الشاسعة، وخاصة الكوارث الطبيعية أو حتى الكوارث الناجمة عن صنع الإنسان نفسه.

وقال الخبير بن كرايمر الخبير في التجارب العلمية مع الطائرات من دون طيار، من خلال زمالته في مختبر بازفيد (BuzzFeed) لأبحاث التكنولوجيا والصحافة والفنون “عندما يتعلق الأمر بالصحافة، فإن تركيزي ينصب على استكشاف الاحتمالات”.

يرى وايت أن هناك سلبيات محتملة لطفرة (صحافة الدرون) قادمة. وأنها خطوة قد تؤذن ببداية عهد جديد من التغطية التي ستشكل قواعد جديدة في غرف الأخبار وأساليب تغطية الأحداث من قبل الطائرات من دون طيار في كل منعطف وحدث جديد.

يحذر مراقبون من احتمال استخدام الصحافيين لطائرات الدرون لأغراض غير مهنية بشكل مفرط. وكان تقرير صدر عن “معهد رويترز للصحافة” أشار إلى أن صحافيي ومصوري الفضائح (باباراتزي)، لن تردعهم الغرامات، لكي يتوقفوا عن استخدام طائرات من دون طيار لالتقاط صور قيمة وفريدة للمشاهير ونجوم الفن والرياضة والمجتمع في حالات ووضعيات خاصة ومثيرة. من جانب آخر، يعتبر مراقبون أن السنوات القليلة القادمة ستشهد “ثورة” في المجال الإعلامي قد يصبح فيها العنصر البشري ترفا.

الذكاء الاصطناعي

تحدثت دراسة حديثة نشرها معهد “فيوتشر توداي” الأميركي عن “تهديد وجودي” يشكله الذكاء الاصطناعي على الصحافة في المستقبل القريب.

وذكرت الدراسة أن بعض المنظمات تستخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة مقالات باستخدام معطيات متوفرة، مثل نتائج المباريات الرياضية أو المعلومات المالية.

لكن، بحسب الدراسة، سيؤدي التطور التقني “في مستقبل غير بعيد” إلى القدرة على صياغة مقالات لا تكتفي بجمع العناصر الخبرية، بل تتعدى ذلك إلى التحليل، ومن دون أي حاجة لصحافيين. ويزيد من سرعة هذه الظاهرة تطور تقنيات التفاعل الصوتي بين الكمبيوتر والمستخدمين.

ورأى الباحثون أن الطريقة التي ستتعامل فيها وسائل الإعلام مع هذا الواقع الجديد ستكون حاسمة في رسم مستقبلها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى