“الإسلام السعودي”.. من الازدهار إلى الأفول والاندحار
اعلن الدكتور أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: “إن الإسلام السعودي الذي انتشر وازدهر خلال نصف القرن الماضي، دخل منذ بضع سنوات مرحلة التذبذب والذبول والانكماش، ثم انتقل في الآونة الأخيرة إلى مرحلة متقدمة ومتسارعة من الأفول والاندحار”.
وأوضح الريسوني في مقال له يوم الخميس الماضي نشره على موقعه الرسمي، أن من أهم مظاهر أفول الإسلام السعودي، هو “العزوف والنفور لدى الجمهور السعودي، ولدى الشباب منهم خاصة، من هذا النمط الفكري المنغلق المتشدد المتنطع من جهة، والمحابي للظلم والفساد من جهة أخرى”.
وأضاف: “المثقفون والشباب اليوم أصبحوا يبحثون عن دينهم، ويلتمسون تدينهم، خارج النموذج الوهابي المسَعوَد. وهذه ظاهرة معروفة جدا لدى من يعيشون داخل المملكة السعودية، أو يعاشرون السعوديين ويستمعون إليهم. ففي السعودية الآن تنتعش المذاهب الفقهية والصوفية والفكرية، التي تمت إبادتها وحظرها من قبل”.
وأشار الريسوني إلى أن “ما تحدثت عنه وسائل إعلام وشهود عيان مؤخرا، من قيام بعض الملحقيات الثقافية السعودية بإحراق أطنان من الكتب التي ظلت السعودية تطبعها وتوزعها عبر العالم، مثل مؤلفات ابن تيمية، وموسوعة الدرر السنية في الأجوبة النجدية ونحوها، يؤكد أن المسؤولين السعوديين أصبحوا في ورطة وحرج مع منتوجاتهم وبضاعتهم.
ورأى الريسوني وهو فقيه مقاصدي مغربي، أن من أهم أسباب هذا الاندحار، هو موقف السعودية من الربيع العربي؛ حيث إنها قد وقفت ضده بشكل مطلق وصارم، منذ الوهلة الأولى. ودخولها في عداوة وحرب استئصالية ضد الحركات الإسلامية السنية، التي يسمونها بالإسلام السياسي، بتحالف مع حاكم أبو ظبي.
ومن أسباب اندحار الإسلام السعودي ـ برأي الريسوني، أيضا “انهيار المصداقية العلمية والأخلاقية للمؤسسات الدينية والعُلمائية في المملكة السعودية، نظرا لمواقفهم المتناقضة، وتبعيتهم المطلقة للسياسة الرسمية السعودية”.
وكذلك اشتداد القمع والظلم والبطش، ليس فقط ضد ذوي الأفكار المتميزة أو المستقلة، بل بشكل عشوائي وغير مفهوم في كثير من الحالات، وقد اعتقل أو اختطف كثير من الموالين والمؤيدين وأركان الدولة المخلصين.
وأشار الريسوني إلى أن السعودية تمكنت منذ نصف قرن تقريبا، بفضل إمكاناتها المالية النفطية الضخمة، وموقعها الجيو/ديني، تمكنت من تحقيق نفوذ ثقافي ودعوي وسياسي كاسح، تمدد عبر العالم كله، وشمل العالم الإسلامي بصفة خاصة، وأنه بذلك انتشر وساد الإسلام السعودي.
وحول معنى الإسلام السعودي، قال الريسوني: “البعض يسمونه وهابية، وهو وهابي الأصل فعلا، لكن وهابية الإسلام السعودي معدَّلة ومكيفة. والبعض يسمونه سلفية، وهو سلفية مشوهة ومطوَّعة. والبعض يعتبرونه حنبليا، ولكن حنبليته نجدية جامدة. والبعض يصفون أصحابه بالظاهرية الجدد، وهو كذلك، ولكن ظاهريتهم محرفة ومُسَعودة. والبعض ينسبونهم إلى ابن تيمية، ولكن ابن تيمية، عند العارفين به، هو أكبر متضرر ومتظلم منهم”.
وأضاف: “لقد وُصف بأوصاف أخرى؛ كالتشدد والتطرف، وفقه البداوة، وفقه التخلف. والحقيقة أن الإسلام السعودي فيه من كل هذه الأوصاف قسمةٌ ونصيب، ولكنه في تركيبته نمط خاص في الفهم والتدين، تَشكل بين قساوة الرمال ونداوة الريال، وانضبط تحت ظل السيفين المتعانقين، وبتوجيه آل سعود وسطوتهم”.
وأكد الريسوني أن من أهم ميزات الإسلام السعودي، الشدة والخشونة، وهي سمة بارزة: سواء في الأفكار، أو في الأحكام، أو في الألفاظ، والتعامل مع المسلمين والحكمُ عليهم من خلال ثقافة التكفير والتضليل والتبديع، شعوبا ومذاهب وطوائف وأفرادا، والاعتماد على العنف والسيف. وإشعال الفتن والصراعات بين المسلمين.