حكومة رجال الأعمال سبب داء الأقتصاد المصري ودماء الفقراء مسكنات

بقلم : محمود كامل الكومي/مصر

فى عالم المافيا وبارونات المخدرات ..لا دين ولا أخلاق .. ويبقى الشيطان فى كل دار .. وسرقة الشعوب والنهب الإستعمارى والإستيلاء على الثروات قرين بالإمبراطوريات الإستعمارية ,التى كونت الثروات وأنشأت رأسمالياتها الإستعمارية وما تلاها من اِمبريالية حين استعمرت بلدان العالم النامى فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وسخرت شعوبها لخدمة اقتصادياتها , وترك تلك البلدان أسيرة الفقر والجهل والمرض, لابديل لها اِلا أن تدور فى فلك مستعمريها تستجدى المنح والقروض التى لا تُلَبَىَ اِلا اِذا تعهدت بأن تكون سوق رائج لمنتجات الدول الإستعمارية – التى كونت رؤوس اموالها الضخمه وإنتاجها الغزير وماعادت تهدف اِلا أن تجد السبيل لهذا الإنتاج الوفير فى أن يستمر على طول السنين ” مثال الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية”.

وضعت الرأسمالية الصهيونية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية يدها على الشركات متعددة الجنسيات مستغلة ما صدرته الى العالم الغربى من تعاطف معها على مقولة أنها كانت ضحية النازيه ,فسيطرت على الإقتصاد العالمى وتبعا السياسة الدوليه وسخرتهما لصالح “إسرائيل” .

الى أمريكا توجهت أنظار مافيا النهب الإستعمارى الغربى الصهيونى ومصاصى دماء الشعوب ,فأبادوا سكانها الأصليين “الهنود الحمر” واستولوا على الأرض والثروات ,وأقاموا الشركات المتعددة الجنسيات فاحتكروا الإقتصاد العالمى عن طريق الإمبريالية والصهيونية العالمية.

البقاء للأقوى .. والحيتان تأكل السمك .. ووعظ الشيطان لتخدير الضعاف..  هذا قانون العرض والطلب , عماد الإقتصاد الحر الذى صاغته المافيا التى كونت ثرواتها عن طريق النهب الإستعمارى للشعوب وإبادتها , فبدت الشركات الضخمه والعابره للقارات والكرتلات تتحكم , ومن يدخل دائرتها له خطوط حمراء لا تسمح له أن يتحول من سوق رائج لبيع منتجات الكبار الى مُنتج قادر على التصدير او على الأكتفاء الذاتى على أقل تقدير .

ويبقى قانون المواجهة ,أنه لايمكن أن تواجه الإقتصاد الحر وتدخل عصر الإنفتاح اِلا اِذا كنت قادراً على تكوين قاعدة اقتصادية تعتمد على الذات , فتحقق الإكتفاء الذاتى اولا وتحمى الصناعه والإنتاج المحلى بمفهوم الإشتراكية او العدالة الإجتماعية التى تُشرف فيها الدولة على عناصر الإنتاج وتتملك الجزء الأكبر منها, ثم تنطلق الى تكوين فائض إنتاج يحقق للدوله أكبر الموارد من العملات الحره القادره على ترسيخ الانتاج وقواعده والتى تحتاج الى فتح الأسواق التى تسحب البساط رويدا من تحت قوى الامبرياليه العالميه , من هنا يمكن للدولة أن تنطلق وتبحث عن دور للإستثمار الداخلى والخارجى يشارك فى اقتصاد ينافس الدول الكبرى الامبرياليه او على الأقل يكون نداً لها , لكن بشروط الدولة ,لكى تسطيع فيه حكومتها أن تتصدى للإحتكار وتغلغل الإمبريالية الى داخل المسار ” الصين مثالا” حيث تتجلى القدره على مواجهة الإمبريالية .

هنا يظهر الفرق جلياً بين الاقتصاد الحر الذى تجاوز الامبريالية الآن عن طريق نهب ثروات الشعوب – ورأسمالية الدولة “كما فى الصين ودول أخرى”التى تحققت عن طريق الاعتماد على الذات والعمل والإنتاج و استثمار طاقات الشعوب فى تحقيق فائض إنتاج بل وتحقيق الرخاء- فالإقتصاد الحر قرين الشيطان , والثانى قرين العمل الجماعى والإعتماد على الذات وهو يحقق الخير لكل الطبقات ويحمى طبقتى الفقراء والوسطى من خطر القضاء عليهما بفعل الطبقه الرأسمالية المُستغلة وهذا عكس الأول الذى لا هم له اِلا جمع المال الحرام ومص دماء الشعوب الفقيرة والقضاء عليها من اجل عيون الرأسمالية المُستغله حتى تسود الإمبريالية فى أقذر غاياتها , بما له من انعكاسات على الثقافه والتعليم والإعلام حيث يبغى الإقتصاد الحر أن تسود الروح الفرديه , وفى اقتصاد الدوله يتم التوجيه من اجل ايثار روح الجماعه والتعاون والخير لكل الناس.

فى مصر قبل ثورة يوليو 1952 كانت مصر تابعة للرأسمالية البريطانيه وكان الاقتصاد المصرى وقد استنزفته بريطانيا بسرقة محصول القطن -على مدار سنوات الاحتلال – الذى قامت عليه صناعة النسيج فى لانكشير.

فى الحقبة الناصرية من خمسينات وستينات القرن الماضى , صدرت القوانين الاشتراكيه فى عهد الزعيم جمال عبد الناصر وأصبح العامل والفلاح مطمئن الى مستقبله ومستقبل اولاده حين صارت نسبة تشكيل المجالس البرلمانية من العمال الفلاحين لاتقل عن 50%- وبنيت آلاف المصانع وأنشىء القطاع العام من أجل أن يقود عملية التنميه الإقتصاديه وحدثت الطفره فى النمو الإقتصادى وأقيمت أول قاعده صناعية فى الشرق الأوسط , وتحقق على أرض الواقع تذويب الفوارق بين الطبقات وتحصلت الطبقة الدنيا والوسطى على كامل حقوقها لأول مرة فى التاريخ المصرى – ورفضت مصر كل وصايه لصندوق النقد والبنك الدوليين لجرها الى حظيرة الشيطان الإمبريالى للإقتصاد الحر, وحينما رفضا تمويل مشروع السد العالى اِلا بشروط تُفقد مصر حريتها واستقلالها رفض عبد الناصر وأمم قناة السويس ليبنى من عوائدها السد العالى – وفرضت الحكومة المصريه القيود والجمارك على المنتج الأجنبى لحماية انتاجها المحلى الذى صدرته الى كل المنطقة العربية والكثير من دول العالم , وكادت تتمكن من احداث الطفره ببناء اقتصاد قوى قادر على مواجهة الإقتصاد الحر والرأسمالية العالمية , ودرست كوريا الجنوبيه تجربة مصر الناصرية ووضعتها أساس حتى حققت ما وصلت اليه الآن من “نمر” قادر على مواجهة الرأسمالية العالمية .

حين فارقت الروح جمال عبد الناصر..غمرت الفرحة عملاء الإمبريالية والرأسمالية العربية وبدوا على أهبة الإستعداد لجر مصر الى حظيرة الرأسمالية العالمية , ولتحقيق ذلك دمروا القاعده الصناعية والقطاع العام ومن ثم القضاء على التنمية الأقتصادية المصرية التى تحققت وحققت لمصر حرية القرار وعدم التبعية فى عصر ناصر.

خرج “السادات ” من سباتِه الذى صار بفعل المخابرات الأمريكية وصار صَحوِه بوفاة عبد الناصر ,ودبر “كيسنجر ” الصهيونى الصلح الساداتى مع إسرائيل من قبل حرب أكتوبر 1973 الى أن تحقق 1977 وفيه كانت الشروط بتخلى الدوله عن دورها والتزامها تجاه فقراء الشعب المصرى وطبقته الوسطى وتدمير كل ما من شأنه أن يصون العدل الإجتماعى فى مصر وبالتالى جر مصر الى حظيرة الرأسمالية العالمية التى يديرها الصهاينه , بعد تدمير قاعدتها الإقتصادية , فصار الواقع المرير وبِيعت المصانع لكبار مافيا رجال الأعمال عملاء الرأسمالية والصهيونية العالميه وتعاقبت حكومات مصر على أن تبيع كل شىء ملك للدولة وللشعب , فظهر الإنفتاح ” السداح مداح” وتم القضاء على مؤسسات القطاع العام وبيعت وحداته بأبخس الأثمان لمافيا الرأسمالية وعناصرها المرتبطة بالرأسمالية العالمية التى تهيمن عليها الصهيونية.

وشُكِلت وزارات مصر فى معظمها من وزراء يدينون بالولاء للرأسمالية العالمية أكثر من ولائهم لمصر وشعبها, وتلك كانت أهم شروط اتفاقية الصلح بين السادات و “إسرائيل”.

خلال فترة حكم مبارك جُرِفت الحكومات المتعاقبه التى هيمن عليها مافيا رجال الأعمال مصر من كل ثرواتها وصار كل شىء قابل للبيع طالما يربط مصر بعجلة الرأسمالية التى تهيمن عليها الصهيونية التى تحتضن إسرائيل – حتى فى السنة الوحيدة التى حكم فيها الأخوان المسلمون تجلت فيها التبعية وبيع عناصر الاقتصاد المصرى الباقيه الى مافيا رجال الأعمال من اتباع الإخوان” خيرت الشاطر وحسن مالك”.

فى عصر الرئيس السيسى تَوَسَمنا خيراً , وقيل الكثير عن رفع المعاناة عن كاهل الفقراء وإعادة دور الدولة فى مراقبة سيطرة رأس المال على الحكم وماتبع ذلك من إعادة هيكلة المصانع المعطلة التى خربتها قوى الرأسمالية المصرية المرتبطه بالرأسمالية العالمية – لكن كل ذلك ذهب مهب الريح , بل أن انحيار الحكومة الحالية برئاسة”شريف اسماعيل” لمافيا رجال الأعمال بات واضحاً, وقد تجلى ذلك فى اختيار شخصيات وزارية انطوت ملفاتها على قضايا فساد وإهدار للمال العام وكذلك بعض محافظى الأقاليم ووكلاء الوزارات ومديرى عموم الجهاز الخدمى والإدارى فى الدوله بما يكشف عن ضعوط أمريكية صهيونية سعوديه لاِلغاء الإتفاقيات الموقعه مع روسيا لهيكلة المصانع المعطله ووضع العقبات أمام المفاعل النووى بالضبعة- وبات واضحا مدى تأثير عملاء الرأسمالية العالمية فى تشكيل وزارة مصر الحالية على أساس انحياز مطلق لمافيا رجال الأعمال , ليستجيبوا للبنك وصندوق النقد الدوليين فى شروطهما من اجل منح مصر قرض ببضعة مليارات تسدد فوائده وأعباء خدمته وفوائد التأخير والفائده المركبه من دم الفقراء , ويبقى أصل الدين مع ديون أخرى تراكمت منذ عهد السادات تُثقل كاهل اجيال قادمه لم تطرق أبواب الحياة بعد ولهذا كان زيادة الأسعار فى كل شىء يوما بعد يوم وارتفاعها الجنونى, وفرض الضرائب بكل أنواعها على الشعب بطبقاته الكادحه.

وتبقى المأساة حاضره حين تصدر الحكومه قرارها بفرض ضريبه على أرباح البورصة فيقف له بالمرصاد مافيا رجال الأعمال فيتم تأجيل القرار لسنوات , ويتم تحميل ماكان سيجنيه على كاهل فقراء مصر فى صورة ضريبة القيمه المضافه وزيادة اسعار الكهرباء والمياة والغاز – ليتعمق سَقم الاقتصاد المصرى بفعل مافيا رجال الأعمال ويتم حقنه بالمسكنات من دماء فقراء الشعب .

وفى النهاية يبقى المرض الذى قد يودى بحياة الوطن اِذا لم يُستأصلِ الداء المتمثل فى الوزارة والتجارة والسياسة والإعلام والإقتصاد الذى يسيطر عليها مافيا رجال الأعمال حتى مجلس النواب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى