“لوموند” الفرنسية تكشف اسباب قوة دحلان واسرار علاقته بدولة الإمارات

وصفت صحيفة لوموند الفرنسية، القيادي الفلسطيني محمد دحلان، بانه “قلب المؤامرات السياسية والمالية في الشرق الأوسط”.

وبينت الصحيفة أن شبح الرجل “يحوم من جديد في سماء غزة، وإن اسمه بات على كل لسان وأمواله تشغل كل الأذهان”.

وكشفت أن دحلان “أحد الفاعلين الرئيسيين في لعبة جيوسياسية كبيرة تشارك فيها مصر والإمارات وجهات فلسطينية، وتستهدف استعادة قطاع غزة من الإسلاميين المنهكين بعشر سنوات من الحصار وثلاث حروب مع إسرائيل”.

ووفق التحقيق الذي ترجمه موقع “الجزيرة” لتحقيق مآربه في غزة، يقوم دحلان “منذ بداية الصيف الحالي بمناورات بدعم مالي إماراتي ومباركة مصرية للعودة إلى القطاع في ظل حديث عن تقاسمه السلطة مع الإسلاميين بحيث يتولى هو الإدارة المدنية للقطاع ويحتفظ الإسلاميون بالمهام الأمنية”.

الفضل في الصعود المذهل لدحلان يعود، وفق الصحيفة إلى “كونه المستشار المقرب والصديق الحميم لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، القائد الفعلي للإمارات، منذ تواري أخيه غير الشقيق الشيخ خليفة بن زايد عن الأنظار بعد إبعاده عن السلطة على أثر إصابته بجلطة دماغية، وبفضل هذا الغطاء السياسي الذي يحظى به دحلان والشيكات الإماراتية المفتوحة التي توفر له وتقديم ابن زايد له كــ”شقيق”، غدا أبو فادي لاعبا في حلبة الكبار”.

وطبقا لما نقلت “لوموند” عن دبلوماسي عربي في باريس، يعامل دحلان “كشيخ من الأسرة الحاكمة، أي معاملة تفوق تلك التي تخصص للوزراء، ففي باريس مثلا، تفتح له السفارة الإماراتية قاعة الشرف في المطار ويستقبل بسيارات الليموزين”.

المهمة التي كلفه بها “ولي نعمته” فهي عمل كل ما في وسعه للتأثير على إعادة عملية شرق أوسط ما بعد “الربيع العربي”، وذلك حسب رغبة ابن زايد المتمحورة حول نفوره من ثلاثي الإسلاميين وإيران وقطر.

ويقول صحفي فلسطيني مقيم في رام الله إن دحلان “رجل الإمارات في حربها ضد الإخوان المسلمين، إذ إنه الوحيد من قيادات الجيل الثاني في فلسطين الذي يتمتع بعلاقات مع شخصيات رفيعة في المنطقة، إنه أخطبوط حقيقي”.

وحسب “لوموند” فإن لدى دحلان شركة أبحاث في أبو ظبي تُسمّى “الثريا”، وهي مركز دراسات اقتصادية، ضمن سلسلة مؤسسات يمارس من خلالها أنشطته، وتنقل عنه قوله إنه يملك مكتبًا في أبو ظبي وآخر في القاهرة وآخر في أوروبا.

في أبو ظبي وجد دحلان تجمعا لرموز الأنظمة القديمة التي أطاحت بها الثورات العربية، من أمثال رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق ومحمد إسماعيل المستشار الأمني لسيف الإسلام القذافي نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، إضافة إلى أحمد صالح ابن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح وقائد حرسه الجمهوري.

وبدأ يعمل بجد لمواجهة صعود الإخوان المسلمين الفائزين في الانتخابات التي جرت في مصر وتونس بعد انتفاضات عام 2011، كما دشن ولي نعمته الإماراتي دبلوماسية سرية وتحريضية خشنة، وجعل من دحلان إحدى دعائم هذا التوجه المضاد للثورة.

في مصر، قام ابن زايد ودحلان بفعل كل ما في وسعهما لزعزعة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وقاما بتمويل الاحتجاجات ضدّه في حزيران 2013 التي مهدت للانقلاب العسكري لعبد الفتاح السيسي، فالحرب ضد الإسلاميين مفتوحة ودحلان يساهم فيها دون هوادة.

استثمر دحلان في وسائل الإعلام المصرية لصالح الإمارات، حيث ساهم في إنشاء قناة “الغد” التي يديرها عبد اللطيف الميناوي الصّحفي المقرّب من نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والذي يتوق لعودته، وفي مقابل ذلك قدمت له السلطات المصرية خدمات، فسمحت مثلا لزوجته جليلة، في نيسان 2015، بدخول قطاع غزة عبر معبر رفح، في الوقت الذي أغلقت فيه إسرائيل معبر بيت حانون (إيريز) بضغوط من محمود عباس. وبعد دخولها القطاع حاملة حقائب مليئة بالأموال مولت جليلة دحلان زواجا جماعيا لـ400 غزّي، وفي اليوم الموالي، ظهرت لافتات في شوارع غزة كتب عليها “شكرًا الإمارات”.

ويرى صحفي مصري مقرب من أجهزة الاستخبارات المصرية في تعليق على الموضوع لصحيفة لوموند أن “السيسي ليس داعمًا لمحمد دحلان على وجه الخصوص، بل يتواصل مع قادة فلسطينيين، لكنه يريد تحريك المياه الراكدة، ولا بد أن نعترف بأن دحلان رجل ذكي ومفيد بالنسبة للنظام المصري لأن لديه علاقات ويعرف الداخل والخارج من القطاع″.

كما استخدم رجل الإمارات علاقاته في ليبيا لخدمة حليف أبو ظبي الجنرال خليفة حفتر في مواجهة الإسلاميين، بل مواجهة رئيس الوزراء الليبي فائز السراج الذي يحظى بدعم الدول الغربية، وهو في ذلك يعتمد على علاقاته مع قيادات سابقة من نظام القذافي مثل محمد إسماعيل، والملياردير حسن طاطانكي الناشط في سوق الأسلحة، وكذلك أحمد قذاف الدم ابن عمّ العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

ينشط دحلان كذلك في سوريا، وفق “الصحيفة” حيث ساهم في آذار 2016 في بعث “تيار الغد” بقيادة الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا عبر حفل، وقد واكب الحفل شخصيات مصرية ولبنانية وروسية أيضا، إضافة لشخصيات مؤيدة للأسد والأكراد.

ويصف الكاتب والباحث السوري سنان حتاحت أحمد الجربا بأنه “رجل مرن، من دون مبادئ تذكر، ما عدا عداءه للإسلاميين ولقطر وتركيا، وهو بذلك متناغم مع دحلان”.

ويوجد محمد دحلان كذلك في لبنان في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ولديه قوة مالية ضاربة عبر منظمة غير حكومية، وهو ما يمكنه من الحفاظ على حركة شبابية تعرف بــ”الحراك الشبابي”، ذات نشاط مشهود على المستوى الاجتماعي، فهم يقومون بعمل جيد مثل حملات لمكافحة المخدرات، وقد دفع ذلك أحزابا تقليدية إلى إنشاء حركة شبابية تحت اسم “شبابنا”، حسب ما نقلت “لوموند” عن الباحث المقيم في بيروت نيكولا دوبويار.

ولدى دحلان كذلك في لبنان مليشيات منشقّة عن حركة “فتح” على غرار مجموعة محمد عيسى في مخيم عين الحلوة، المعروفة سابقا باسم “لينو”، وهي مجموعة دخلت في مواجهات عسكرية مع مجموعات نظامية من حركة فتح بين عامي 2011 و2013.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى