كتاب جديد .. ليالي نجيب محفوظ في فندق شبرد
عن دار «بتانة للنشر» بالقاهرة، صدر كتاب جديد بعنوان: «ليالي نجيب محفوظ في شبرد»، للكاتب إبراهيم عبد العزيز، يحكي فيه أسراراً جديدة في حياة صاحب نوبل.
يقع الكتاب في 1600 صفحة من القطع الكبير، وينقسم إلى جزأين كبيرين، كل جزء يحتوي على 800 صفحة، وفيه يرصد المؤلف آراء الروائي نجيب محفوظ على مدى 122 ليلة، هي عدد ليالي صالون «محفوظ في شبرد»، الفندق الشهير الذي كانت تجتمع فيه شلة الحرافيش، وضيوف نجيب محفوظ من العرب والأجانب. وفي كل جلسة، كانت تثار كثير من القضايا التي تخص مصر والعالم العربي والعالم كله، وكذلك علاقة محفوظ بأدباء جيله والأدباء السابقين له، ورأيه في الأجيال الشابة وكتاباتهم، ومن يعجبه منهم ولماذا. وفي جلساته، كان محفوظ يرفض دائماً الرد على الأسئلة الخاصة التي تتعلق بشؤون حياته وأسرته، وكان يلتزم الصمت حينما يتحدث أحد الحضور عن شخص ما غائب، وإذا طلب رأيه في شأن شخصي، لا تخرج إجابته عن كلمة واحدة: يصح، جايز، ولا يتورط أبداً، ولا يخوض في سيرة الناس.
يقول إبراهيم عبد العزيز في مقدمته: «ويمتد حرص محفوظ على حجب الخاص من شؤونه، حتى لو كانت مما يشرف صاحبه، فقد دفع نجيب محفوظ نفقات مائتي حاج من ماله الخاص لغير القادرين من محدودي الدخل على أداء تلك الفريضة». وحول علاقة محفوظ بالنقد، يؤكد المؤلف أن محفوظ كان حريصاً طوال حياته على ألا يسيء إلى أحد، حتى لو أساء إليه الآخرون، إلا إذا تعدّت الإساءة حدود الأدب، كما فعل ذات مرة مع الناقد الأدبي صبري حافظ حينما تورط في مهاجمة محفوظ في مجلة «الأقلام» العراقية، ثم حينما حصل على جائزة نوبل، اتصل به تليفونياً ليهنئه، فقال له محفوظ: تشتمني ثم تهنئني! وأغلق السماعة في وجهه.
أما فيما يتعلق بواقعة سليمان فياض، وهي الواقعة التي رواها فياض نفسه حينما كتب مقالاً عن رواية «حضرة المحترم»، في صحيفة أدبية، قال فيها عن الرواية رأياً لا يسر، مفاده أن نجيب محفوظ يسلِّي نفسه أحيانا لمجرد الكتابة، وينفخ روحاً في قصة قصيرة لتكون رواية. ولسوء الحظ، حضر رئيس التحرير جلسة محفوظ، وأعطاه نسخة من الصحيفة في حضور صاحب المقال، فقرأه محفوظ. يقول سليمان فياض: «فوجئت بنجيب يلتفت إلى قائلاً وهو يطوي الصحيفة تحت مرفقه على المنضدة: دا نقد؟ إنت قليل الأدب. ابتسمت وقلت: مقبولة منك يا عم نجيب، ولزمت الصمت، وطلب نجيب لي قهوة، ثم دعاني لأجلس مقابله، وقال لي: انس ما قلت، قلت بدهشة: وأنت، فقال محفوظ: نسيت الأمر كله».
ويكشف الكتاب علاقة نجيب محفوظ بالمرأة في أحاديثه أثناء لقاء الحرافيش، ويرصد كيف اقتحمت الجلسة ذات مساء امرأة ألمانية معجبة به إلى حد الوله، وطبعت قبلتين على جبين صاحب نوبل، فعلق نجيب محفوظ بابتسامته المعهودة مازحاً: «يعني فوزي بنوبل كان فرصة للبصبصة»!
كما يرصد حالة القلق والتوتر التي انتابت صاحب الحرافيش إثر أحداث 11 سبتمبر (أيلول) في أميركا، مشيراً إلى أن نجيب محفوظ أصيب بالرعب، وأنه كان يرتدي ملابسه استعداداً للخروج حينما قالت لي ابنته على ما حدث في أميركا، وأنه علق: «كنت باحسبه فيلم». ويكشف الكتاب أن محفوظ شعر بالاطمئنان في البداية لأن العرب ليس لهم يد فيما وقع «لأنه فوق طاقتنا من جميع النواحي»، لكن في اليوم التالي حينما تعرفوا على بعض الأسماء التي قادت تفجير الطائرات في البرجين، وكان من بينهم محمد عطا، علق نجيب محفوظ قائلاً: «اترعبت حقيقي، بقينا أعداء لأميركا وهدفاً لها».
ويزخر الكتاب بوقائع وأحداث، بعضها يكشف عنه لأول مرة، مشكلاً بذلك جزءاً مهماً من سيرة الأديب العالمي صاحب جائزة نوبل، كما يكشف عن آرائه وآراء المحيطين به في جلساته، وكانت المناقشات بينهم لا تترك حدثاً دون مناقشة أو تعليق.
يشار إلى أنه من أشهر رواد هذه الجلسة التي عرفت بلقاء الحرافيش الكاتب علي سالم، والمخرج توفيق صالح، والممثل عبد العزيز مخيون، والمهندس محمد الكفراوي، وحسين عبد الجواد، وزكي سالم، وآخرون، غير ضيوف محفوظ من العرب والأجانب.