الزعامة الوطنية قول وفعل وسلوك.. عبد الناصر نموذجاً
بقلم : د. زيد أحمد المحيسن

يُسجل للزعيم الخالد “جمال عبد الناصر” رحمه الله- وطيب الله ثراه جهوده الحثيثة في مساعدة دول القارة الإفريقية بالتحرر والنهوض من ربقة الإستعمار الغربي الجاثم على صدور هذه الدول في حقبة الستينات وأواخرها، والأفارقة لا ينسون هذا الدور وهو مخلد في وجدانهم وذاكرتهم الوطنية.
وبالاضافة إلى جهود عبدالناصر التحررية كانت له جهود ثقافية وتعليمية حيث فتح الجامعات المصرية للشباب الأفريقي لتلقي التعليم فيها علاوة على ذلك كانت له مساهمات في نشر اللغة العربية في دول القارة الأفريقية.
لقد قيض لي قبل سنوات زيارة نيجيريا للمشاركة في مؤتمر حول – مكافحة التطرف والإرهاب وعلى هامش المؤتمر سنحت لي الفرصة لزيارة بعض مدارس تعليم اللغة العربية في مدينة “لاغوس” أكبر مدينة في حجم السكان والعاصمة السابقة لنيجيريا – قبل الإنتقال إلى العاصمة الحالية “أبوجا”- فالحركة الإقتصادية والتجارية والعمرانية إضافة إلى الكثافة السكانية هو ما يميز مدينة لاغوس، عن غيرها من المدن النيجيرية.
لقد كانت دهشتي كبيرة عندما حدثني مدرس اللغة العربية من أن جامعة الأزهر الشريف تقوم كل عام بإرسال أساتذة لتعليم اللغة العربية إلى الدول الإفريقية منذ فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لقد شعرت بالفخر والإعتزاز وأنا أستمع إلى هذا المدرس المنتمي لتاريخ الأمة وتراثها الإنساني العريق وزاد اعتزازي بشخصية الرئيس عبد الناصر وتفكيره الإستراتيجي البعيد النظر تجاه أفريقيا، فاللغة العربية هي حاضنة الدين والحضارة الإسلامية وتعليم الأفارقة اللغة العربية هو جذبهم نحو حضارتهم الإسلامية والإنسانية وطريقاً للتواصل مع العالم العربي والإسلامي حاضراً ومستقلاً، فمصر تعد بوابة إفريقيا الشمالية وتأثيرها في عهد الزعيم عبد الناصر كان ظاهراً للعيان في القارة الإفريقية وغيرها من القارات الآخرى.
أسوق هذه المقدمة لعلم الدول النفطية التي صرفت الأموال الطائلة في حروب عبثية وتدمير كيانات عربية قرباناً وخدمة للإمبريالية العالمية والأجندة الإستعمارية في المنطقة وذلك من خلال تجنيد عصابات القتل والتكفير والتفجير وإغداق الأموال على هذه العصابات بسخاء كي تمعن في الأرض فساداً، كم كنت أتمنى على هذه الدول الغنية في العالم العربي وهي كثيرة، أن تقوم برسالتها القومية وتحتذي بالقائد الرمز جمال عبد الناصر في إنشاء المدارس والجامعات في الدول الأفريقية والآسيوية لتدريس اللغة العربية وتخريج الأفواج منها لكي يسهل التواصل معها في المستقبل لخدمة قضايا الأمة المصيرية وخاصة قضيتنا المركزية – قضية فلسطين والقدس .
إن وجود خطة إستراتيجية للجامعة الدول العربية أو لمنظمة التعاون الإسلامي أو المنظمات العربية الإقليمية الأخرى لنشر اللغة العربية من باب إنها لغة القرآن وحاضنة التاريخ الإنساني ولغة النبي محمد عليه السلام ولغة أهل الجنة ولغة كل الأخيار والثوار وطلاب الحرية، كفيلة من خلالها بناء علاقات متينة لا تنفك عراها مع دول القارة الإفريقية.
لقد اصبحت إسرائيل الدولة اللقيطة، تتمدد في القارة الأفريقية من جنوب السودان إلى جنوب أفريقيا, وتحاول بناء قواعد عسكرية وثقافية في أفريقيا ونشر اللغة العبرية في بعض الدول لخدمة سياستها الإستعمارية, ولتطويق العالم العربي من كافة الجهات, بينما الدول العربية النفطية تنفق الأموال في حروب غير مبررة إطلاقاً لتدمير مبادئ الوحدة والتضامن العربي، والرقص طرباً على أنقاضها لخدمة القوى الإستعمارية والأجندات الغربية.
لقد قدم الزعيم الخالد عبد الناصر أنصع الأمثلة للزعامة الوطنية البعيدة المدى في التفكير وفي السلوك العملي واستطاع بإمكانيات بسيطة خدمة قضايا الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.
رحم الله أبا خالد .. وعلى روحه الطاهرة .. نرتل آيات بينات من الذكر الحكيم ..